وتقريب الاستدلال بها بوجوه:
الأوّل: أنّ الرواية تدلّ بالمفهوم على وجوب التطهير من النجاسة غير الجافّة، وباعتبار عدم القول بالفصل بين حالة الجفاف وعدمها يقيَّد المنطوق بالجفاف بالشمس، المساوق للطهارة بناءً على مطهّريتها.
ويرد عليه: أنّ دعوى الإجماع على عدم الفصل غير واضحة، وقد تكون دعوى الإجماع البسيط على أصل المطلوب أوضح.
الثاني: أنّ ظاهر السؤال عن الصلاة قبل الغسل أنّ أصل لزوم الغسل مفروغ عنه، وإنّما الكلام عن تأخيره، وقد امضي ذلك في مقام الجواب.
وفيه: أنّ ظاهره افتراض وقوع الغسل، لا الفراغ عن لزومه، ويكفي في الافتراض المذكور جريان العادة على ذلك واقتضاء السنّة له.
الثالث: أنّ صيغة السؤال «أيصلّى فيه؟» ظاهرة في السؤال عن جواز الصلاة، كما هو الحال في أشباه هذا التركيب، ولمّا كان المسؤول عنه هو جواز الصلاة قبل الغسل لا جواز الصلاة بلا غسلٍ رأساً دلّ بظاهره على أنّ إهمال الغسل رأساً ممّا قد فرغ عن عدم جوازه عند السائل، فيدلّ الجواب على وجوب الغسل بالإمضاء.
ولكنّ هذا يتوقّف على أن يكون المفروغ عنه عدم جواز إهمال الغسل بلحاظ النجاسة، فيثبت حينئذٍ وجوب التطهير من النجاسة، ولا يضرّ بذلك عدم كون بول الدابّة نجساً؛ لأنّ رفع اليد عن أصالة الجدّ بلحاظ التطبيق لا يلزم منه رفع اليد عنها بلحاظ الكبرى المستفادة.
وأمّا إذا كان المفروغ عنه عدم جواز إهمال الغسل لا بلحاظ النجاسة، بل تنزيهاً للمسجد عن كلّ ما يشين فلا يتمّ الاستدلال؛ لأنّ مثل هذه الكبرى أوسع من المدّعى‏، فإذا كان من المعلوم عدم وجوب التنزيه بهذا العَرض العريض‏