تنجيس المتنجّس.
وقد يقال: إنّ المشكلة الملحوظة للسائل ليست هي ما ذكر، بل هي مشكلة محفوظة حتّى مع فرض الاستبراء، وحاصلها: الابتلاء بخروج الحبائل، وحيث إنّ الموضع متنجّس فبخروجها تتنجّس وتوجب سراية النجاسة، وعلى هذا تكون الرواية مبنيّةً على تنجيس المتنجّس.
ويقرّب هذا الافتراض الثاني في تفسير الرواية بأمرين:
أحدهما: أنّ المشكلة لو كانت بلحاظ الرطوبة المشتبهة لكان المناسب بالإمام عليه السلام تعليم الاستبراء بدلًا عن تلك الطريقة الغريبة.
والآخر: أنّ ظاهر قول السائل: «فلا أقدر على الماء» دخل عدم وجدان الماء في المشكلة، ولا يتمّ ذلك إلّاعلى الافتراض الثاني في تفسيرها.
ويمكن دفع الأمر الأوّل: بأنّ عدول الإمام عليه السلام عن تعليم الاستبراء إلى الطريقة الاخرى لعلّه باعتبار شمول فائدتها حتّى لحالة من يعلم بأنّ ما يخرج منه بول، كما فيمن هو مبتلىً بتقاطر البول أحياناً.
ويمكن دفع الأمر الثاني: بأنّ دخل عدم وجدان الماء لعلّه من أجل أنّ التطهير بالماء يؤدّي نفس المهمّة التي يتوسّل بماء الريق لأدائها، وعلى أيِّ حالٍ فإن كان في ذلك شيء من التقريب للافتراض الثاني للمشكلة ففي مقابله قوّة ظهور كلام الإمام في كون ماء الريق يوضع على نفس مخرج البول من الذكر، فإنّما يلائم الافتراض الأوّل للمشكلة. وأمّا الافتراض الثاني لها فيستدعي أن لا يوضع ماء الريق إلّاعلى الموضع الطاهر من الذكر، لا على مخرج البول، مع أنّ التقييد بذلك خلاف ظاهر الرواية جدّاً، ولا يؤدّي الغرض غالباً، إذ الغالب في الحبائل أن يحسّ بها في نفس الموضع المتنجّس.
ومنها: رواية سماعة، قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: إنّي أبول ثم