خصوصاً مع ملاحظة مناسبات العاطف والمعطوف؛ لوضوح أنّ المقصود من الغير ليس مطلق الغير، بل الغير المشترك مع دم الحيض في جامعٍ ملحوظٍ يعيَّن بالمناسبات المذكورة.

ومن قبيل هذه الرواية: مرسلة حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: في الرجل يصلّي في الخفِّ الذي قد أصابه القذر، فقال: «إذا كان ما لا تتمّ فيه الصلاة فلا بأس»[1] بناءً على إطلاق القذر للنجاسات الحكمية، فيدلّ على تنجّس الخفِّ بالمتنجّس.

غير أنّ الإطلاق المذكور ليس واضحاً، مضافاً إلى عدم إمكان التمسّك بالإطلاق في هذه الرواية حتّى لو تمّ في نفسه؛ لعدم كونها في مقام بيان سراية النجاسة من القذر إلى الخفّ ليتمسّك بإطلاقها، وإنّما فرغ فيها عن السراية، وكان النظر- سؤالًا وجواباً- متّجهاً إلى مانعية وقوع الصلاة مع الخفّ المفروغ عن نجاسته. هذا، على أنّ الرواية ساقطة سنداً بالإرسال.

ومن جملة الروايات أيضاً: معتبرة زرارة التي يستدلّ بها على الاستصحاب في الاصول، قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شي‏ء من منيٍّ … إلى آخره»[2]. وذلك تمسّكاً بإطلاق كلمة «الغير» في قوله: «دم رعاف أو غيره» الشامل لمطلق النجاسات.

ويرد عليه:

أوّلًا: أنّ كلمة «الغير» معطوف على الرعاف، لا على الدم، والمقصود: دم رعاف أو دم غير الرعاف، وليس المقصود الدم أو غير الدم، ولهذا عطف المني‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 456، الباب 31 من أبواب النجاسات، الحديث 2.

[2] وسائل الشيعة 3: 466، الباب 37 من أبواب النجاسات، الحديث 1.