وسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج‏12، ص: 189

أمّا الأوّل فلأنّ ما يستدلّ به على السراية من الأخبار الخاصّة هو ما دلّ على الأمر بإراقة الماء[1] أو المائع‏[2] بملاقاة النجاسة لشي‏ءٍ منه، والنهي عن الوضوء منه ونحو ذلك. ومن المعلوم أ نّا إذا قطعنا النظر عن الارتكاز فهذه الأخبار كما يمكن أن يكون الأمر بالإراقة والنهي عن الاستعمال فيها بلحاظ سراية النجاسة إلى تمام المائع بنفس الملاقاة للنجس كذلك يمكن أن يكون بلحاظ اشتمال المائع على الجزء النجس وتكثّره بالملاقاة من خلال تحرّكه ونفوذه.

ولا يقال: إنّ ظاهر مفاد هذه الأخبار أ نّه حكم واقعيّ، لا حكم ظاهريّ بالاجتناب، بلحاظ اختلاط النجس بالطاهر.

لأنّه يقال: إنّ كون الحكم واقعياً يثبت بظهور الدليل فيما إذا كان له إطلاق لفرض عدم الشكّ، وفي المقام لا يعقل عرفاً الإطلاق المذكور، فلا معيّن لكونه واقعياً.

وأمّا الثاني فالأخبار الخاصّة الواردة في مثل الثوب الملاقي للنجس‏[3] وإن دلّت على عدم السراية إذ أمرت بغسل موضع الملاقاة خاصّة، وإطلاقها وإن كان يقتضي ذلك حتّى في فرض كون الجسم الجامد مرطوباً بتمامه إلّاأنّ هذا الإطلاق إنّما ينفي تنجّس سائر أجزاء الجسم الجامد بنفس الملاقاة للنجس المفروضة فيها، ولا ينفي تنجّسها عن طريق سراية النجاسة إلى تمام الرطوبة، ومنها إلى الجسم على النحو الذي تقدّم في البيان الثاني للشبهة.

 

[1] وسائل الشيعة 1: 151، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.

[2] وسائل الشيعة 1: 206، الباب 5 من أبواب الماء المضاف، الحديث 3.

[3] وسائل الشيعة 3: 402، الباب 7 من أبواب النجاسات، الحديث 2.