نجاسة الجدران المذكورة.
ثمّ إن كان الملاقي للنجس أو المتنجِّس مائعاً تنجّس كلّه، كالماء القليل المطلق، والمضاف مطلقاً، والدهن المائع، ونحوه من المائعات (1).
————-
(1) لا إشكال في اختلاف المائعات عن الجوامد في التنجّس، فإذا لاقى النجس شيئاً جامداً برطوبةٍ لم يتنجّس منه إلّاالجزء الملاقي، بينما المائع يتنجّس كلّه بملاقاة النجس لجزءٍ منه.
والكلام في تخريج هذه التفرقة بين البابين: تارةً بلحاظ الدليل الأوَّلي على الانفعال، واخرى بلحاظ الروايات الخاصّة الواردة في المائعات، كالسمن والدهن والزيت ونحوها.
أمّا بالنسبة إلى الدليل الأوّلي: فتارةً يطبّق هذا الدليل على المائعات لإثبات نجاستها كلّها بالملاقاة، مع الاستعانة في ذلك بالارتكاز العرفيّ القاضي بالتفرقة بين البابين.
واخرى يراد استفادة هذا التفريق بين البابين من نفس دليل الانفعال، بقطع النظر عن الارتكاز.
فلنتكلّم في التقريبات التي تحاول استفادة الفرق من نفس دليل الانفعال، فإن لم يتمّ شيء منها استعنَّا بالرجوع إلى الارتكاز العرفي، باعتباره قرينةً على التصرّف في مدلول الدليل بالنسبة لخصوص المائعات.
التقريب الأوّل: أنّ المائع يعتبر كلّه شيئاً واحداً عرفاً، فينجس كلّه بالملاقاة، وهذا بخلاف الجامد، فكأنّ الفارق بين البابين ناجم عن كون عنوان الملاقي ينطبق في باب المائع على كلّ المائع من أجل الوحدة المذكورة، بينما لا يصدق في الجامد إلّاعلى خصوص الجزء الملاقي؛ لأنّ كلّ جزءٍ منه يعتبر شيئاً مستقلّاً.