أنّ الرطوبة شرط في السراية، لا أ نّها هي موضوع التنجيس، ومن النصوص الآمرة بالغسل عند ملاقاة الشي‏ء[1]، الظاهرة في سراية النجاسة من الجسم نفسه، لا من رطوبته.

وأمّا الثاني فكيف يتعقّل مع أنّ الجسم المرطوب إذا كان واجداً للرطوبة من المرتبة الثالثة فهي تشكّل طبقةً ذات جرمٍ متميّز، ويكون ملاقاتها والانفعال بها قبل ملاقاة الجسم دائماً، وإذا لم يكن واجداً للرطوبة من المرتبة الثالثة فلا سراية بحسب الفرض، ومثل هذا التحليل للنتائج يشهد لعدم إناطة السراية بالمرتبة الثالثة، وكفاية المرتبة الثانية؟!

ومنها: أنّ المقصود من كفاية الرطوبة من الدرجة الثانية في السراية: أنّ الجسم النجس أو المتنجّس إذا لاقى غيره نجّسه بشرط وجود الرطوبة ولو من المرتبة الثانية، وهذا يعني أنّ المرتبة الثانية من الرطوبة تكفي لتحقيق شرط تنجيس الجسم النجس لملاقيه، لا أ نّها هي المنجّسة، فإنّها عَرَض عرفاً، ولا يعقل عرفاً كون العرض قذراً ومقذّراً.

وعلى هذا فإذا فرض أ نّه سرت الرطوبة من المرتبة الثانية من الجسم النجس إلى الجسم الطاهر من دون ملاقاةٍ بين الجسمين- كما في المناطق المجاورة للبالوعة وللأماكن المرطوبة- ففي مثل ذلك لا وجه للقول بنجاسة الأطراف؛ لأنّ الرطوبة وإن سرت ولكنّ الملاقاة مع النجس لم تتحقّق.

وبذلك ظهر ما في كلام السيّد الحكيم قدس سره في المستمسك، حيث إنّه بعد أن استظهر اشتراط الرطوبة من المرتبة الثالثة فرّع على ذلك بأ نّه منه يعلم عدم نجاسة الجدران عندما تسري إليها الرطوبة من البالوعة[2]، فإنّ هذا التفريع في غير محلّه، إذ حتّى إذا قيل بكفاية الرطوبة من المرتبة الثانية لا يترتّب على ذلك‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 415، الباب 12 من أبواب النجاسات، الحديث 4.

[2] مستمسك العروة الوثقى 1: 467- 468.