وبقي نداوته أيصلّي فيه؟ قال: «إن أصاب مكاناً غيره فليصلِّ فيه، وإن لم يصب فليصلِّ ولا بأس»[1].
فإنّ الترخيص في الصلاة على ذلك المكان مع عدم الأمر بغسله، أو وضع ما يمنع الملاقاة يدلّ على عدم سراية النجاسة منه إلى المصلّي بالملاقاة، مع أنّ نداوة الخمر فيه، ومقتضى إطلاقه الشمول للمرتبة الثانية من الرطوبة.
نعم، لا يشمل المرتبة الثالثة؛ لأنّ فرضها فرض وجود الخمر في المكان، وهو خلف قوله: «قد شربته الأرض»، فتكون هذه الرواية دالّةً بإطلاقها على عدم كفاية المرتبة الثانية من الرطوبة في السراية، فلابدّ من ملاحظة نسبتها إلى ما يفرض دلالته بالإطلاق على كفاية المرتبة الثانية، فقد توقع المعارضة بين إطلاق هذه الرواية للمرتبة الثانية وإطلاق ما دلّ على إناطة السراية بالأثر ونحوه لتلك المرتبة، وبعد التساقط يرجع إلى المطلق الفوقانيّ الدالّ على السراية مطلقاً.
ولكنّ الإنصاف: أنّ هذه الرواية قد يدّعى الإطلاق فيها للمرتبة الثالثة أيضاً، حيث إنّ شرب الأرض للخمر لا ينافي بقاء أجزاءٍ ضئيلةٍ منه، وعليه فهي ظاهرة في طهارة الخمر، وتكون أجنبيةً عن محلّ الكلام. هذا، مضافاً إلى ضعف سند الرواية[2].
بقيت هنا امور:
منها: أنّ السيّد الاستاذ- دام ظلّه- اختار هنا: أنّ الرطوبة المعتبرة في السراية هي ما يصدق عليها عنوان الماء[3]، وهذا يعني اعتبار المرتبة الثالثة.
[1] وسائل الشيعة 3: 455، الباب 30 من أبواب النجاسات، الحديث 7.
[2] لأنّ في سندها عبد اللَّه بن الحسن، وهو لم يثبت توثيقه.
[3] التنقيح 2: 198.