نعم، لو كان الارتكاز مجملًا ومردّداً لسرى الإجمال إلى الإطلاقات؛ لأنّه بحكم القرينة المتّصلة.
وإن لوحظت الروايات الخاصّة المقيّدة للإطلاقات فمن الصعب تحصيل إطلاقٍ في المقيّد يقتضي حصر المطلقات بالمرتبة الثالثة من الرطوبة؛ لأنّ عنوان الرطوبة والأثر يصدق على المرتبة الثانية، وعنوان الجافّ واليابس لا ينطبق عليها، فالمرتبة الثانية إذن غير مشمولةٍ للمقيّد، فتبقى تحت المطلقات الأولية. بل إنّ المقيّدات نفسها تقتضي الانفعال مع الرطوبة، وإطلاقه يشمل المرتبة الثانية.
بل قد يدّعى شمول المطلقات الأوّلية والمقيّدات بالرطوبة للرطوبة من المرتبة الاولى أيضاً، ولكنّ الظاهر عدم السراية في هذه المرتبة؛ لأنّ في روايات الباب ما ينيط السراية بوجود أثر النجس في الملاقي، كما في معتبرة عليّ بن جعفر المتقدّمة[1] في إصابة الخنزير للثوب، وهذا لا يتصوّر إلّافي الرطوبة من المرتبتين الأخيرتين.
هذا، مضافاً إلى شواهد اخرى في الروايات أيضاً، وإلى الارتكاز العرفيّ الذي ينيط السراية بالرطوبة المقابلة للجفاف بمعناه الشامل للمرتبة الاولى من الرطوبة، لا بالرطوبة المقابلة لليبوسة المتقوّمة بعدم الرطوبة بمراتبها الثلاث.
وعليه فالأقرب اشتراط السراية بالرطوبة المسرية القابلة للانتقال، سواء صدق عليها عنوان الماء، أو لا.
ولكن قد يستشكل في ذلك بلحاظ رواية علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجلٍ مرّ بمكانٍ قد رُشَّ فيه خمر قد شربته الأرض
[1] وسائل الشيعة 3: 442، الباب 26 من أبواب النجاسات، الحديث 5. وتقدّمت فيالصفحة 161 أيضاً.