ولكنّ هذا البيان يتوقّف على أن تكون الجملة الأخيرة في رواية ابن ميمون من كلام الإمام عليه السلام، مع قوّة احتمال أن تكون تفسيراً من الراوي، كما يناسبه كلمة «يعني»، ومع الإجمال من هذه الناحية يسقط هذا التقريب.
وأمّا معتبرة الصفّار فقد جاء فيها: أ نّه كتب إليه عليه السلام: رجل أصاب يديه وبدنه ثوب الميّت الذي يلي جلده قبل أن يغسّل، هل يجب غسل يديه أو بدنه؟ فوقَّع: «إذا أصاب بدنك جسد الميّت قبل أن يغسّل فقد يجب عليك الغسل»[1].
وموضع الاستدلال قوله عليه السلام: «فقد يجب عليك الغسل»، فإنّه: إن اريد الغَسل- بفتح الغين- فهو يدلّ على أنّ السراية ليست ثابتةً مطلقاً، بقرينة «قد»، فإمّا أن يكون عدم السراية في صورة الجفاف، أو في صورة حرارة الميّت. وعلى الأوّل يثبت المقيّد المطلوب، وعلى الثاني تكون منافيةً أيضاً مع المكاتبة؛ لورودها في حالةٍ يكون الغالب فيها حرارة الميّت.
وإن اريد الغُسل- بضمّ الغين- فحيث إنّ السائل كان يسأل عن الغَسل- بالفتح- فعدول الإمام عن الحيثية المسؤول عنها، وبيانه أنّ مسّ نفس الجسد قد يوجب الغُسل- بالضمّ- يكون ظاهراً عرفاً في نفي الغَسل- بالفتح-، وأ نّه بصدد تنبيه السائل على خطئه في احتمال كون ملاقاة ثوب الميّت مؤثّرة، وفي احتماله أن يكون الأثر هو غسل الملاقي، إذ لو لم يكن العدول إشعاراً بهذا المعنى لمَا تطابق الجواب مع السؤال، ولبقي منظور السائل بلا جواب، وهو خلاف الظاهر.
هذا كلّه، مضافاً إلى أنّ سند المكاتبتين غير واضحٍ وإن كان لا يبعد
[1] وسائل الشيعة 3: 297، الباب 4 من أبواب غسل المسّ، الحديث 1.