کتابخانه
529

ووجه النظر في هذا الجواب هو أ نّه يمكن في المقام الالتزام بتقديم دليل أرض الخراج دون لزوم إلغاء دليل مالكيّة الإمام؛ لأنّ دليل أرض الخراج مخصوصٌ بخصوص ما اخذ عنوةً؛ فليكن موات ما اخذ عنوةً للمسلمين، ويبقى تحت دليل ملكيّة الإمام مواتٌ اخرى، من قبيل موات الأراضي التي أسلم أهلُها عليها طوعاً، أو استسلم أهلها صلحاً، أو أوقفوا السلاح خوفاً دون أن يوجَف عليها بخيلٍ أو ركاب، أو أراضي الموات التي تحدُث بعد الإسلام، كجزيرةٍ ينحسر عنها الماء بعد الإسلام.

التحقيق في حلّ أزمة التعارض بين النصوص:

والتحقيق في علاج هذه المعارضة أن يقال: إنّ دليل مالكيّة المسلمين للأرض المأخوذة بالسيف فيه- ثبوتاً- احتمالان:
الاحتمال الأوّل: أن يكون موضوعه ما اخذ من أملاك الكفّار.
الاحتمال الثاني: أن يكون موضوعه ما اخذ ممّا كان تحت سيطرة الكفّار خارجاً، سواءٌ كان ملكاً لهم أم لا.
أ- فإذا استظهرنا الاحتمال الأوّل، فلن يشمل هذا الدليل إذاً الأرضَ الميْتة من أصله؛ إذ لا دليل على أ نّها ملكُ الكفّار في المرتبة السابقة؛ فإنّ غاية ما يدلّ عليه الدليل أنّ من عمَر أرضاً ملكها مثلًا.
ب- أمّا إذا استظهرنا الاحتمال الثاني، فموضوع هذا الدليل تامّ في المقام، فيقع التعارض بين الدليلين.
ويمكن العلاج الفنّي لهذا التعارض بأحد وجوه أربعة تُنتج الفتوى المشهورة الصحيحة، وهي ملكيّة الإمام عليه السلام:
الوجه الأوّل: تقديم دليل مالكيّة الإمام عليه السلام بنكتة أ نّه دلّ على الإطلاق‏

528

وبهذا الصدد، يمكن الإشارة إلى دليل آخر قد يُجعل معارضاً لمالكيّة الإمام عليه السلام بالعموم من وجه، وهو الروايات التي تدلّ على أنّ ما اخذ عنوةً فهو ملكٌ للمسلمين، حيث يقال: إنّ روايات مالكيّة الإمام للأرض الموات تدلّ على ملكيّته الأرض الميْتة، سواءٌ كانت مفتوحةً عنوةً أم لا. كما أنّ دليل مالكيّة المسلمين للأراضي المفتوحة عنوةً يشمل المفتوحة عنوةً العامرة والمفتوحة عنوةً الميْتة: فمادّة الاجتماع هي الأرض الميْتة المفتوحة عنوةً، [فتقع المعارضة حينئذٍ].

وأوّل من رأيناه أوقع التعارض بالعموم من وجه بين الدليلين المذكورين- فيما أعلم- هو صاحب (رياض المسائل) رحمه الله‏[1].

مع السيّد الاستاذ في محاولته حلَّ التعارض:

ولا يمكن الجواب عن هذا التعارض بما ذكره السيّد الاستاذ (مدّ ظلّه)- على ما في تقريرات بحثه‏[2]– من أ نّه: لو قدّم دليل ملكيّة المسلمين لزم إلغاء دليل ملكيّة الإمام عليه السلام، بخلاف العكس.

وتوضيحه: أ نّه إذا قدّم دليل الأرض المفتوحة عنوةً وقلنا: إنّها لا تكون ملكاً للإمام عليه السلام؛ إذن: فأين هو ملك الإمام عليه السلام وكلّ أراضي الموات كانت تحت أيدي الكفّار واخذت منهم؟! وهذا بخلاف العكس؛ فإنّه لو اخرج من دليل الأرض الخراجيّة خصوصُ الموات، بقي له القسم العامر؛ فإنّ الأراضي المفتوحة عنوةً قسمٌ كبير منها كان عامراً.

 

[1] رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل 8: 118، وراجع: اقتصادنا: 823، الملحق( 2)

[2] مصباح الفقاهة 1: 549

527

لا يلزم تخصيص الأكثر، يجب حمل هذه الملكيّة على ملكيّة عرفانيّة أخلاقيّة لا ملكيّة فقهيّة، فتسقط الرواية عن قابليّة الاستدلال بها.
وفيه: إنّ هذا الحمل يكاد يكون خلاف صريح الرواية، حيث يقول عليه السلام بعد ذكر ملكيّة الإمام للأرض كلّها: «وشيعتنا محلّلون في ما هو تحت أيديهم»، فموضوع التحليل والتمليك شرعاً إنّما هو المالكيّة بالمعنى الفقهي، لا المالكيّة بالمعنى العرفاني الأخلاقي.
فالمتعيّن هو حمل الرواية على المالكيّة الفقهيّة، ولا يلزم من ذلك تخصيص الأكثر؛ لأنّ الأرض- حينما يُنظر إليها بحسب طبعها الأوّلي وبقطع النظر عن عمل البشر- على قسمين: الأرض الميْتة بالأصالة والأرض العامرة بالأصالة، وكلاهما ملكٌ للإمام عليه السلام: فالأرض الميْتة بالأصالة للإمام عليه السلام كما سنُثبته في هذا البحث، والعامرة بالأصالة ملكٌ له أيضاً كما هو المشهور المنصور؛ فالأرض كلّها بالأصالة للإمام عليه السلام، وقد تخرج عن ذلك بالعوارض، وأهمّ هذه العوارض هو الإحياء.
وسوف يأتي أنّ الإحياء لا يُخرج الأرضَ عن ملك الإمام عليه السلام، وإنّما يُثبت للمحيي حقّ الأولويّة بالنسبة إلى غيره من الناس، لا بالنسبة إلى إمامه.
وبهذا اتّضح أنّ الطوائف الأربع كلّها تامّة الدلالة على المطلوب، غاية الأمر أنّ الطائفة الاولى والثانية والرابعة تامّة الدلالة في نفسها، فيما الطائفة الثالثة تحتاج إلى ضمّ أصل ينقّح موضوعها، وهو عنوان: (لا ربّ لها).

نصوص مالكيّة الإمام عليه السلام للأراضي ومشكلة التعارض:

بعد هذا يقع الكلام في أ نّه: هل يوجد دليلٌ آخر يصلح لمعارضة دليل مالكيّة الإمام للأراضي الموات أم لا؟!

526

أ نّها تدلّ بمفهوم الوصف على أنّ غير هذه الحصّة من الأراضي الخراب ليست للإمام عليه السلام.

والجواب: إنّ هذا الكلام غير تامّ حتّى على القول بمفهوم الوصف؛ فإنّه إن كان لهذه الروايات مفهومٌ، فمفهومها هو أنّ الأرض الخربة التي لها أهل إن لم يبد أهلها فهي ليست للإمام عليه السلام؛ فإنّ موضوع هذه الطائفة إنّما هو الأرض التي كان لها أهل، ولا تدلّ بالمفهوم على أنّ كلّ أرض خربة غير هذا القسم ليست للإمام عليه السلام، فتكون هذه الروايات من قبيل أن يقال: «كلّ إنسان فقّه أولاده فهو صالح»، فمفهومه أنّ: كلّ إنسان كان له أولاد ولم يفقّههم فهو غير صالح، أمّا ذلك الإنسان الذي ليس له ولد فهو خارج عن المفهوم.

وإلى هنا قد اتّضح أنّ هذه الطوائف الثلاث تامّة دلالةً. نعم، الاولى منها غير تامّة سنداً.

الطائفة الرابعة:

ما دلّ على أنّ الأرض كلّها للإمام عليه السلام؛ فكلّما دلّ دليل على العدم في مورد، فإنّه يكون خارجاً تخصيصاً عن هذا العموم، ويبقى الباقي. وحيث إنّ الأرض الميْتة لم يدلّ دليلٌ فيها على العدم فهي داخلة في العموم.

ومصداق هذه الطائفة: رواية أبي سيّار [مسمع‏] بن عبد الملك، وهي رواية طويلة، وفيها هذه العبارة: فقال عليه السلام: «وما لنا من الأرض وما أخرج اللَّه منها إلّا الخمس؟! يا أبا سيّار! الأرض كلّها لنا؛ فما أخرج اللَّه منها من شي‏ء فهو لنا»[1].

وقد ذكر بعضهم- كالمحقّق الإصفهاني رحمه الله‏[2] وغيره ممّن قبله- أ نّه: لكي‏

 

[1] وسائل الشيعة 9: 548، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث 12

[2] حاشية كتاب المكاسب( الإصفهاني) 3: 16، ولاحظ: شرح تبصرة المتعلّمين 4: 435؛ محاضرات في فقه الإماميّة 4: 221

525

القيد- ولو بمقيّد منفصل- تلحقان بالطائفة الثالثة في نقطة الضعف، فتحتاجان أيضاً إلى تنقيح الموضوع بالاستصحاب؛ إذ من دون الاستصحاب يكون التمسّك بالعامّ في المقام- عند الشكّ في ثبوت الربّ وعدمه- تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص، وهو غير جائز، وإن كان المخصّص منفصلًا.

وإذا ورد دليل يثبت الربّ لقسمٍ من أقسام الأرض، كان حاكماً على هاتين الطائفتين أيضاً.

والجواب- بغضّ النظر عن أنّ المقام هل يدخل تحت قاعدة حمل المطلق على المقيّد أم لا-: إنّنا قد حقّقنا في علم الاصول‏[1] أنّ التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل في مثل المقام جائز؛ فإنّه إنّما لا يجوز التمسّك به في الشبهة المصداقيّة إذا كانت نسبة المولى وغيره إلى معرفة القيد على حدٍّ سواء، كما لو قيّد وجوب إكرام العالم بكونه عادلًا.

أمّا في مثل المقام- ممّا يكون المولى بما هو مولى له خبرة بحال القيد وجوداً وعدماً- فالتمسّك بالعامّ جائز، وتشخيص جعل مالكٍ آخر غير الإمام عليه السلام وعدمه في المقام راجعٌ إلى المولى ومن وظيفته؛ فإنّه هو الذي يجعل الملكيّة لمن أراد، فيجوز هنا التمسّك بالعامّ لإثبات مالكيّة الإمام عليه السلام، وبالتالي لإثبات أنّ القيد- وهو عدم الربّ- ثابت، وتحقيق هذا المدّعى موكول إلى علم الاصول.

الإشكال الثالث: إنّ العمومات التي دلّت في الطائفة الاولى والثانية على أنّ كلّ أرضٍ ميْتة أو كلّ أرض خربة هي للإمام عليه السلام قد يدّعى أ نّها مقيّدة ببعض روايات الطائفة الثانية- وهي روايات: «كلّ أرض ميْتة باد أهلها»- بدعوى‏

 

[1] راجع: بحوث في علم الاصول 3: 308 وما بعد

524

وهذا الظهور قد يُقبل حتّى عند المنكر لمفهوم الوصف؛ فلو قال مثلًا: «أكرم الإنسان الأبيض»، كان ظاهره أنّ الإنسان قابل لأن يتّصف بالبياض تارةً، وبعدم البياض تارةً اخرى.
وفي ما نحن فيه قُيّدت الأرض الميْتة بأن تكون موصوفةً بأ نّها لا ربّ لها، فيقال: إنّ هذا التوصيف له ظهور عرفي- مثلًا- في أنّ الأرض الميْتة- بحسب طبعها- لها وصفان: فتارةً تتّصف بأ نّها لا ربّ لها، واخرى تتّصف بأنّ لها ربّاً، وهذا ما ينافي المطلوب؛ فإنّ المطلوب هو أنّ الأرض الميْتة بحسب طبعها كلّها للإمام عليه السلام.
والجواب: إنّ قوله: «كلّ أرض ميْتة لا ربّ لها» وإن دلّ- بناءً على هذا الاستظهار- على أنّ الأرض الميْتة قد يكون لها ربّ، لكنّ هذه قضيّة مهملة يُحتمل انطباقها على خصوص أرضٍ كانت معمورةً ثمّ خرجت بزلزال ونحوه، ولا إشكال في أ نّها لأصحابها.
وكلامنا في الأرض الميْتة بالأصالة، والفتوى المشهورة الثابتة بنحو الموجبة الكلّيّة إنّما هي أنّ كلّ أرض ميْتة بالأصالة فهي للإمام عليه السلام، ولا تشمل الأرض الميْتة بالعرض.
الإشكال الثاني: قلنا: إنّ الطائفة الثالثة تختلف عن الطائفتين الاولى والثانية في نكتةٍ، وهي أ نّه لا بدّ من إحراز موضوعها بالاستصحاب، وأ نّه لو دلّ دليلٌ في أرضٍ ما على أنّ لها ربّاً، كان حاكماً على الثالثة ومعارضاً للُاولى والثانية. وقلنا: إنّ أثر ذلك يظهر فيما بعد.
والإشكال الثاني هنا مربوطٌ بهذا الكلام، وحاصله: أنّ الطائفة الثالثة أخصّ من الاولى والثانية؛ إذ إنّها مقيّدة بقيد عدم وجود الربّ لها؛ فلا بدّ من تقييد الطائفتين الاولَيَيْن بالطائفة الثالثة حملًا للمطلق على المقيّد، فبعد تقييدهما بهذا

523

الروايات هو الأرض الميْتة التي لا ربّ لها؛ فيقال: هذه أرضٌ ميْتة بالوجدان، ولا ربّ لها بالاستصحاب، فيثبت أ نّها للإمام عليه السلام.

هذا هو تقريب الاستدلال بهذه الطائفة.

لكن يبقى فرقٌ فنّيٌّ بين هذه الطائفة وبين الطائفتين السابقتين، وهو أ نّه:

إذا ورد دليلٌ في بعض أقسام الأراضي الميْتة يُثبت لها مالكاً، يكون معارضاً للطائفتين السابقتين، فلا بدّ من التخصيص أو التساقط أو غير ذلك من قواعد باب الجمع والمعارضة، لكنّه لا يكون معارضاً للطائفة الثالثة، بل يكون حاكماً عليها ورافعاً لموضوعها. ويظهر الأثر العملي بعد ذلك حينما نتكلّم في الأخبار المعارضة.

إشكالات في تحليل الطوائف الحديثيّة الثلاث:

بقي هنا ثلاثة إشكالات لا بدّ من التعرّض لها:

الإشكال الأوّل: وهو إشكال مربوط بالطائفة الثالثة التي قرّبنا الاستدلال بها بإحراز موضوعها بالاستصحاب، من دون فرق في ذلك بين أن نقول: إنّ قوله: «كلّ أرض ميْتة لا ربّ لها» يدلّ بمفهوم الوصف على أنّ الأرض الميْتة التي لها ربّ ليست للإمام، أم لا.

وحاصل الإشكال: أنّ القضيّة الوصفيّة يدّعى لها ظهوران:

أحدهما: الظهور في انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف، وهذا هو المسمّى ب (مفهوم الوصف)، والذي وقع محلّاً للخلاف المشهور[1].

والثاني: الظهور في أنّ الموصوف قابلٌ لأنْ يتّصف بالصفة ولأنْ يفقدها.

 

[1] راجع: بحوث في علم الاصول 3: 198

522

فهو حينئذٍ مطلقٌ يشمل الخراب بالأصل، [على غرار (الميت) الذي‏] له لحاظان:

فقد يُستعمل بمعنى الميت بعد الحياة كما هو طبع كلمة الميت.

وقد يستعمل بمعنى الميت في مقابل الحيّ، أي كلّ ما من شأنه قبول الحياة وليس حيّاً. وقد حمل المحقّق الإصفهاني رحمه الله عنوان (الميت) على هذا المعنى، ولم يحمل عنوان (الخربة) على ذلك.

واصطلاح الفقهاء وإن استقرّ على إطلاق الميت على الأرض الميتة بالأصالة، ولكن بحسب المعنى اللغوي لا فرق بين العنوانين.

وعليه، فإن استظهر- ولو بمناسبات الحكم والموضوع- من كلمة (الميت) المعنى الثاني، وجب استظهار ذلك من كلمة (خربة) أيضاً، وإلّا وجب الاستشكال فيهما؛ فلم تُعرف نكتة تخصيص الإشكال بالطائفة الثانية.

الطائفة الثالثة:

الروايات التي اخذ في موضوعها عنوان: (لا ربّ لها)، من قبيل مرسلة حمّاد بن عيسى، حيث عبّرت ب «كلّ أرض ميْتة لا ربّ لها»[1]، وموثّقة إسحاق بن عمّار الواردة في تفسير عليّ بن إبراهيم، حيث عبّرت ب «كلّ أرض لا ربّ لها»[2]، ونحوهما بعض الروايات الاخرى‏[3].

وتتميم الاستدلال بهذه الروايات موقوفٌ على نفي مالك آخر- كالمسلمين-، ولو باستصحاب عدم جعل ذلك في الشريعة؛ فإنّ موضوع هذه‏

 

[1] وسائل الشيعة 9: 524، الباب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 4

[2] تفسير القمّي 1: 254؛ وسائل الشيعة 9: 532، الباب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 20

[3] وسائل الشيعة 9: 533، الباب 1 من أبواب الأنفال، الحديث 28

521

وقد استشكل المحقّق الإصفهاني رحمه الله‏[1] في دلالة هذه الطائفة بأ نّها مختصّة بغير ما هو محلّ الكلام، أي بالأرض التي كانت عامرةً ثمّ خربت.

وهذا المطلب هو ظاهر جملةٍ من هذه الروايات باعتبار التعبير ب «الخربة»، وصريح جملةٍ منها باعتبار التعبير ب «بادَ أهلُها»[2].

إلّاأنّه يمكن تتميم دلالة هذه الروايات على المقصود بأحد تقريبات:

التقريب الأوّل: إنّ هذه الروايات موضوعُها هو الميْت بعد أن كان له أهل، ومن الواضح- بحسب مناسبات الحكم والموضوع المركوزة عرفاً- أنّ كون هذه الأرض كان لها أهل غيرُ دخيلٍ في مالكيّة الإمام، وإنّما الدخيل في ذلك هو موتُها، فتُلغى خصوصيّة هذا القيد، ويقال: إنّ تمام الموضوع هو كون الأرض ميْتة ومجرّدة وعاطلة، ووجود مالك سابق إن لم يكن يناسب الدخل في عدم جعل مالك في مقابله، فهو لا يناسب الدخل في جعل مالك في مقابله.

التقريب الثاني: إنّنا نفرض أرضاً كانت عامرةً بطبعها لا بعمارة بشر، ثمّ عرَضَ عليها الموت بعارضٍ طبيعي، فلا إشكال حينئذٍ في أ نّه يصدق عليها أ نّها خربة، وتشملها جملة من روايات هذه الطائفة، وهي الروايات التي كان موضوعها عنوان (الخربة) على الإطلاق من دون تقييد بوصف: «باد أهلها».

وإذا ثبت الحكم في الأرض الميْتة بفعل الطبيعة، تعدّينا- بارتكاز عدم الفرق وعدم التفصيل في الفتوى- إلى الميْتة بطبعها الأصلي.

التقريب الثالث: إذا كان عنوان (الخربة) بمعنى الخراب بعد العمران فلتفرض تماميّة الإشكال، أمّا إذا كان عنوان (الخربة) في مقابل (العامرة)،

 

[1] حاشية المكاسب( الإصفهاني) 3: 15- 16

[2] وسائل الشيعة 9: 524، 533، الباب 1 من أبواب الأنفال، الأحاديث 4، 26، 28

dot-icondot-icondot-icondot-icondot-icon