المقام لصورة الجفاف لم يؤخذ في موضوعه عنوان ملاقاة النجس، بل ملاقاة الميّت، غاية الأمر أ نّه يعلم بأنّ الأمر بغسل الملاقي إنّما هو لنجاسة الميّت، فيكون بنفسه دليلًا على نجاسة الميّت، لا أ نّه مشروط بنجاسته لتتمّ الحكومة المذكورة.
وعلى أيّ حالٍ فقد تقدّم[1] أنّ رواية عبد اللَّه بن بكير لم تتمّ سنداً، فلا مجال للتقييد بها.
وأمّا التقييد بالروايات الخاصّة المتقدّمة فهو غير ممكنٍ بعد ورودها في مورد الملاقاة مع نجاساتٍ اخرى غير ميّت الإنسان، وعدم اقتضاء الارتكاز التعدّي كما عرفت، وعلى هذا فتحصيل المقيّد لإطلاق المكاتبتين مشكل.
اللهمّ إلّاأن نتمسّك بمعتبرة إبراهيم بن ميمون، ومعتبرة الصفّار، فقد جاء في الاولى: «وإن كان لم يغسَّل فاغسل ما أصاب ثوبك منه، يعني إذا برد الميّت»، فإنّ هذه الرواية قد فرض فيها وجود الرطوبة بقرينة قوله: «ما أصاب ثوبك منه»، ومع هذا حكم بعدم وجوب الغسل قبل أن يبرد الميّت، وهذا دليل على طهارة الميّت حينئذٍ، وأنّ نجاسته منوطة ببرودته كما هو قول جماعةٍ[2] من الفقهاء، وحيث إنّ المكاتبة موردها الملاقاة حين الموت أو عقيبه مباشرةً- وذلك يكون في الغالب قبل برد الميّت- فيحمل الغسل فيها على التنزّه والاستحباب.
[1] تقدّم في الصفحة 159.
[2] نهاية الإحكام 1: 173، والدروس الشرعيّة 1: 117، مدارك الأحكام 2: 271. وراجعالحدائق الناضرة 3: 335.