کتابخانه
208
السبِّ: المفاخرة التي تشتمل على الحطّ من الطرف المقابل وانتقاص قدره.
                         (9) الجدال‏
 (65) لا يجوز للمحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- أن يستعمل الحلف في مقام الخصومة والمخالفة، فيقول مثلًا: «لا واللَّهِ، وبلى واللَّهِ»، أو أيّ عبارةٍ اخرى مؤدِّيةٍ لنفس المعنى، سواء كان صادقاً أم كاذباً، ويسمّى ذلك جدالًا. وأمّا الخصومة والمقابلة بالكلام من دون حلفٍ باللَّه تعالى فليس جدالًا شرعاً وإن كان الأحوط الأولى اجتنابه. وإذا توقّف استنقاذ حقٍّ على الجدال واليمين جاز. وفي حال حرمة الجدال إذا جادل المحرِم: فإن كان كاذباً في قوله فعليه كفّارة شاة للمرّة الاولى، وشاتين للمرّة الثانية، وبقرة للمرّة الثالثة. وإذا كان صادقاً فلا كفّارة عليه مالم يتكرّر حلفه ثلاث مرّات، غير أ نّه يستغفر ربّه، فإن تكرر ثلاث مرّات كان عليه كفّارة شاة.
                        قتل هَوام الجسد
 (66) لا يجوز للمحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- قتل القمل. وكذلك لا يجوز على الأحوط قتل البقّ والبرغوث في حالة عدم الضرر.
ويجوز للمحرِم إلقاء القمل أو غيره من جسده أو نقله من مكانٍ إلى آخر.
                        الدُهن‏
 (67) يَحرم على المحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- التدهين، سواء كان الدهن ذا رائحةٍ طيبةٍ أمْ لا مالم تقع حالة ضرورة كالعلاج مثلًا. وكذلك يحرم على الأحوط مسّ الدُهن. نعم، لا بأس بمسّ الطعام الدَهين. وإذا كان الدُهن مطيِّباً فيحرم على‏
207
يعتبر من النظر في المرآة لبس النظّارة فلا يحرم لبسها إذا لم تكن للتزيّن، بل لغرضٍ طبّي، أو للوقاية من الشمس، ونحو ذلك. ولا بأس بالنظر في غير المرآة من الأجسام الشفّافة التي ينطبع فيها وجه الناظر، كالماء الصافي وغيره، ولا كفارة على المحرم إذا نظر في المرآة.
                         (6) الاكتحال‏
 (62) يَحرم الاكتحال للزينة على المحرِم رجلًا كان أم امرأة، وإذا كان الكحل أسود فهذا يعتبر شرعاً للزينة فيحرم على الأحوط، سواء قصد المكتحل الزينة فعلًا أم لا. وإذا لم يكن الكحل أسود ولم يقصد به الزينة فلا يَحرم إلّاإذا اعتبر زينةً في العرف العام. وإذا ارتكب المحرِم هذا المحرَّم عامداً عالماً اعتبر آثماً ولا كفّارة عليه.
                         (7) إخراج الدم من البدن‏
 (63) يَحرم على المحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- إخراج الدم من بدنه وإن كان ذلك بحَكٍّ، وأمّا إذا خرج الدم نتيجة استعمال السواك فلا بأس بذلك ولو كان المستعمِل يعلم مسبقاً بالأمر. ويجوز إخراج الدم في حالات الضرورة أو دفع الأذى، كما يجوز للمحرِم قلع الضرس بنحوٍ لا يخرج به الدم. وإذا ارتكب المحرِم هذا الحرام عالماً عامداً اعتبر آثماً، ولا كفارة عليه.
                         (8) الفسوق‏
 (64) الفسوق: هو الكذب والسبّ، وهما محرَّمان على كلِّ مكلّف، غير أ نّهما محرَّمان بوجهٍ خاصٍّ أكيدٍ على المحرِم، رجلًا كان أم امرأةً، ومن ألوان‏
206
كالورد والياسمين وغيرهما فالأحوط وجوباً حرمة مسّها والتلذّذ بشمّها.
ولا يمنع المحرِم من النظر إلى الطيب أو الريحان، ولا من بيعه وشرائه. ويحرم على المحرِم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة، وإذا أراد التخلّص منها بالإسراع بالمشي جاز له ذلك.
وإذا مارس المحرِم الطيب جاهلًا أو ناسياً فلا شي‏ء عليه، وإذا مارسه عالماً عامداً كان آثماً، ولم تبطل عمرته، وليس عليه كفّارة، إلّاإذا كانت ممارسته للطيب بالأكل منه أو من طعامٍ فيه طيب، أو لبس ما عليه أثر من الطيب فعليه حينئذٍ كفّارة شاة.
                         (4) الزينة
 (60) تَحرم الزينة على المحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- سواء كان الدافع إليها قصد الزينة أو كان له غرض آخر. ويستثنى من ذلك بالنسبة إلى المرأة الحليّ التي كانت تعتاد لبسها قبل إحرامها، فإنّه يجوز لها التحلّي بها، ولكنّها لا تظهرها لزوجها ولا لغيره من الرجال، كما يستثنى من ذلك بالنسبة إلى الرجل التختّم إذا لم يكن بقصد الزينة فإنّه جائز ولو اعتبر زينةً عرفاً، وأمّا إذا كان بقصد الزينة فلا يجوز. ويحرم استعمال الحنّاء فيما إذا عُدَّ زينةً عرفاً على الرجل والمرأة وإن لم يكن التزيّن مقصوداً للمحرِم، ولا كفّارة على المخالفة.
                         (5) النظر في المرآة
 (61) يحرم على المحرِم- رجلًا كان أم امرأة- النظر في المرآة إذا كان المقصود بالنظر إصلاح الهندام والوضع، وأمّا النظر بدافعٍ آخر، كالتأكّد من عدم وجود حاجبٍ على البشرة أو تعرّف سائق السيارة على ما خلفه فلا يَحرم. ولا
205
1- يكفي في كفّارة الجماع أن يكفِّر بذبح ناقةٍ أو جملٍ قد أكملا خمس سنواتٍ ودخلا في السادسة.
2- كفّارة الاستمناء ككفّارة الجماع.
3- يكفي في كفّارة التقبيل بشهوةٍ ناقة أو جمل بالسنّ المتقدم، ويكفي في كفّارة التقبيل بدون شهوةٍ شاة.
4- يكفي في كفّارة المسِّ بشهوةٍ شاة.
5- يكفي في كفّارة النظر المركَّز المؤدِّي إلى الإمناء أو الملاعبة المؤدِّية إلى ذلك ماكان يكفي في كفّارة الجماع.
                         (3) الطيب والرياحين‏
 (59) يَحرم على المحرِم- رجلًا كان أم امرأةً- استعمال الزعفران والعود والمسك والوَرس والعنبر، بالشمِّ والدَلك والأكل والمسِّ، وكذلك لبس ما يكون عليه أثر منها.
ويحرم أيضاً استعمال الطيب بصورةٍ عامةٍ بكلِّ هذه الألوان من الاستعمال.
والطيب: هو كلّ مادةٍ لها رائحة طيّبة وتتّخذ للشمّ والتطيّب، كعطر الورد والقرنفل و غيره. وكما يَحرم على المحرِم استعمال الطيب كذلك يجب عليه أن يحاول التخلّص منه إذا ابتُلي به عن عمدٍ أو غير عمد. ويستثنى من الطيب المحرَّم ما تُطيَّب به الكعبة الشريفة فلا بأس بشمّه وتركه في الثوب إذا أصابه. وليست الفاكهة من الطيب ولو كانت ذات رائحةٍ طيبةٍ فلا يحرم الأكل منها، ولا يجب على المحرِم أن يمسك عن شمّها وإن كان الأحوط استحباباً ذلك.
وأمّا الرياحين- النبات ذو الرائحة الطيّبة- فما كان منها نباتاً برّياً لا يتّخذ منه مادة للطيب فلا بأس بشمِّها، كالخزامي والقيصوم، وأمّا غير ذلك من الرياحين‏
204
الأهلية كالدجاج والغنم والبقر والإبل فلا يعتبر أخذها صيداً، ولا يَحرم على المحرِم إمساكها وذبحها والأكل من لحمها.
وكما يحرم الصيد للحيوانات التي ينتفع عادةً بلحومها كالطيور كذلك يحرم صيد غيرها أيضاً كالسباع، إلّافيما إذا خيف منها على النفس.
ويختصّ التحريم بالحيوانات البرّية، فلا يَحرم صيد الحيوانات البحرية كالسمك وغيره.
ويلحق بصيد الحيوان البرّي إمساك الجراد، فيحرم صيده والاحتفاظ به وأكله على المحرِم، ويرخّص للمحرِم في أن يرمي الغراب الأبقع والحدأة. وكلّ ما يحرم من الصيد على المحرِم يَحرم على المحلِّ أيضاً في منطقة الحرم، فالفارق بين المحرم والمحلّ: أنّ المحرم يحرم عليه الصيد في الحلّ والحَرَم معاً، والمحلّ يَحرم عليه الصيد في الحَرَم.
                         (2) الاستمتاع‏
 (58) يحرم على الرجل الاستمتاع بالمرأة جماعاً وتقبيلًا، ولَمساً بشهوة، ونظراً مركّزاً مؤدّياً إلى الإمناء، ولا يحرم عليه المسّ بدون شهوة، ولا النظر إلى زوجته بدون إمناءٍ ولو كان بشهوة، ويحرم على المرأة ما يناظر ذلك.
كما يَحرم على المحرِم أيضاً الاستمناء، والتزويج لنفسه أو لغيره، سواء كان ذلك الغير محرِماً أم مُحلّاً، والأحوط استحباباً أن لا يتعرّض لخطبة النساء، ويجوز له الطلاق والرجوع إلى زوجته المطلقة الرجعية.
وإذا ارتكب المحرِم لعمرة التمتّع شيئاً من الاستمتاعات جهلًا أو نسياناً فعمرته صحيحة ولا شي‏ء عليه. وإذا ارتكب ذلك عالماً عامداً فعمرته أيضاً صحيحة ولكنّه آثم وعليه الكفارة، وفيما يلي بعض تفصيلاتها:
203
                        الفصل الخامس‏ محرَّمات الإحرام‏
قلنا فيما سبق: إنّ الإحرام ينعقد شرعاً بالتلبية، فإذا أحرم ولبّى فقد أصبح محرماً، وحرمت عليه امور معيَّنة في الشريعة، وهي على ثلاثة أقسام:
فمنها: ما يحرم على الرجل والمرأة معاً.
ومنها: ما يحرم على الرجل خاصّة.
ومنها: مايحرم على المرأة خاصّة. فنذكر الأقسام فيما يلي تباعاً.
القسم الأوّل‏ما يحرم على الرجل والمرأة معاً
وهو يشتمل على امور:
                         (1) صيد الحيوان البرّي‏
 (57) لا يجوز للمحرِم- رجلًا كان أم امرأة- صيد الحيوان البرّي، أو إعانة شخصٍ آخر- ولو كان الشخص الآخر محلّاً- على صيده، بأن يشير إليه نحوه أو بغير ذلك من ألوان الإعانة. كما لا يجوز له الأكل من لحم الصيد ولو كان قد اصطاده غيره، بل لا يسمح له حتى بمجرّد إمساك الصيد المذكور والاحتفاظ به وإن كان اصطياده له قبل إحرامه.
والصيد إنّما ينطبق على الحيوانات النافرة كالطيور مثلًا، وأمّا الحيوانات‏
202

لَبَّيكَ وهذه عمرة متعةٍ إلى الحجّ لبّيك، لبَّيك تَلبيةً تَمامُها وبلاغُها عَليكَ»[1].

بعد الإحرام‏

ويستحبّ بعد أن يحرِم الحاجّ: أن يكرِّر التلبية التي أحرم بها وسائر التلبيات في مختلف الأوقات، خصوصاً عقيب كلّ صلاةٍ واجبةٍ أو مستحبة، وعند اليقظة من النوم، وعند استئناف السفر بعد كلّ توقّف، وعند كلِّ نزولٍ من واسطة النقل التي يسافر بها، وعند ملاقاةِ أيِّ راكبٍ أو سيّارة.

ولا يقطعها في عُمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكة، ولا يقطعها في حجّ التمتّع إلى زوال يوم عرفة، ولا يقطعها في العُمرة المفردة إلى أن يدخل الحرم، بل إلى أن يشاهد بيوت مكة وتظهر له معالمها.

 

[1] مستدرك وسائل الشيعة 9: 182، الباب 27 من أبواب الإحرام، الحديث 8« مع اختلاف في اللفظ»

201

ويلبس ثوبي الإحرام. ومن المأثور أن يقول عند لبس ثوبي الإحرام:

«الحَمدُ للَّهِ الّذي رزقني ما اوارِي بهِ عَورتي، واؤدِّي فيه فَرضي، وأعبُدُ فيه ربِّي، وأنتهي فيه إلى ما أمَرني. الحَمدُ للَّهِ الّذي قصدتُهُ فَبلَّغَني، وأرَدْتُهُ فأعانَني وقَبِلَني ولم يقطَع بي، ووَجهَهُ أرَدتُ فَسَلّمَني، فهو حِصني وكَهفي وحِرزي وظَهري ومَلاذِي ورجائي ومَنجايَ وذُخري وعُدَّتي في شِدَّتي ورَخائي»[1].

وعند ذلك يكون متهيِّأً للإحرام، فينوي ويلبّي.

المستحبّات في كيفيته‏

ويستحبّ أن يتلفّظ بنية الإحرام، ويستحبّ للرجل أن يرفع صوته بالتلبية، كما يُستحبّ للمحرم أن يعقِّب التلبية التي تقدم ذكرها في كيفية الإحرام بما يلي:

«لَبّيكَ ذا المَعارِج لَبَّيكَ، لَبَّيكَ دَاعياً إلى دارِ السَلامِ لبَّيكَ، لبَّيكَ غفَّارَ الذُنوب لبَّيكَ، لبَّيكَ أهلَ التَلبية لبَّيكَ، لبَّيكَ ذا الجَلالِ والإكرامِ لبَّيكَ، لبَّيكَ تُبدِئُ والمَعادُ إليكَ لبَّيكَ، لبَّيكَ تَستغنِي ويُفتَقَرُ إليكَ لبَّيكَ، لبَّيكَ مَرعُوباً ومَرهُوباً إليكَ لبَّيكَ، لبَّيكَ إله الحَقُ لبَّيكَ ذا النَعماءِ والفَضلِ الحَسَنِ الجَميلِ لبَّيكَ، كشَّافَ الكُرَبِ العِظامِ لبَّيكَ، لبَّيكَ عَبدُكَ وابنُ عبدَيكَ لبَّيكَ، لبَّيكَ يا كريمُ لبَّيكَ»[2].

ومن المأثور أن يقول أيضاً:

«لبَّيكَ أتقرّبُ إليكَ بِمحمّدٍ وآلِ محمّدٍ لبَّيكَ، لبَّيكَ بحجَّةٍ أوْ عُمرةٍ لبَّيكَ،

 

[1] من لا يحضره الفقيه 2: 527، باب سياق مناسك الحجّ

[2] وسائل الشيعة 12: 382- 383، الباب 40 من أبواب الإحرام، الحديث 2

200
مقدّماته المتّصلة به‏

يستحّب للمكلف عند إرادة الإحرام أن يُحرِم عند الزوال عقيب فريضة الظهر، فإن لم يتمكّن فبعد فريضةٍ اخرى، وإلّا فبعد ستِّ ركعاتٍ من النوافل أو ركعتين على الأقلّ، يقرأ في الركعة الاولى «الفاتحة» وسورة «التوحيد»، وفي الثانية «الفاتحة» وسورة «الجَحْد»، فإذا فرغ من الصلاة حمد اللَّه وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وقال: «اللهمَّ إنِّي أسألكَ أن تجعلَني ممَّن استجابَ لكَ وآمنَ بوعدِكَ واتّبع أمرَكَ، فإنّي عبدُكَ وفي قبضتِكَ، لا اوقي إلّاما وقيتَ، ولا آخذ إلّاما أعطيتَ، وقد ذكرتَ الحجَّ فأسألكَ أن تعزِم لي عليه على كتابِكَ وسنّةِ نبيِّكَ صلواتكَ عليه وآلِه، وتُقوِّيَني على ما ضعُفتُ، وتُسلم لي مناسِكي في يُسرٍ منك وعافية، واجْعَلْني من وفدكَ الَّذي رضِيتَ وارتضيتَ وسمَّيتَ وكتبتَ. اللهُمَّ إنِّي خرجتُ من شُقَّةٍ بَعيدَةٍ، وأنفقتُ مالي ابتغاءَ مرضاتِكَ. اللهُمَّ فَتمِّم لي حجَّتي وعُمرتي. اللهُمَّ إنّي اريدُ التمتُّعَ بالعُمرةِ إلى الحَجِّ على كتابِك وسُنَّةِ نبيِّك صلواتُك عليه وآله، فإن عَرض لي عارض يحبسُني فخلِّني حيثُ حبستني بَقدَرِكَ الَّذي قدَّرتَ عليَّ. اللهُمَّ إن لم تكُن حجّةٌ فَعُمرةٌ. أحرَم لكَ شَعري وبَشَري ولَحمي ودَمي وعِظامي ومُخِّي وعَصَبي من النِساء والثياب والطِيب، أبتغي بذلك وجهكَ والدارَ الآخرة»[1].

وإذا كان المحرِم الرجل لا يزال غير متجرّدٍ عن ملابسه فليتجرّد عنها

 

[1] وسائل الشيعة 12: 340- 341، الباب 16 من أبواب الإحرام، الحديث الأوّل