کتابخانه
226

يجوز جعل الطواف بينه وبين الكعبة، فإذا دخل الطائف حِجر إسماعيل بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه، فلابدّ من إعادته، ولا يبطل أصل الطواف.
(90) الثامن: أن يكون الطواف بخطواته المختارة، فلا يكفي أن يحمله الزحام حملًا على نحوٍ ترتفع رجلاه ولا يتحقّق منه المشي، فإذا اتّفق له ذلك وجب عليه أن يلغي تلك المساحة التي تحرَّك فيها على هذا النحو، ويرجع إلى حيث سيطر عليه الزحام فيواصل طوافه، وإذا تعذّر الرجوع عليه كذلك أمكنه أن يسير في اتّجاهه غير قاصدٍ الطواف إلى أن يصل إلى تلك النقطة فيقصد الطواف، كما يمكنه أن يخرج من المطاف رأساً ويستأنف طوافاً جديداً.
(91) التاسع: أن يضبط عدد الأشواط، فلو شكّ في عددها بطل طوافه.
ويستثنى من الحكم بالبطلان هذا الصور التالية:
الصورة الاولى: أن يكون الشك في العدد بعد الانتهاء من الطواف والتجاوز عنه بالدخول في صلاة الطواف مثلًا، فلا أثر للشكّ حينئذٍ.
الصورة الثانية: أن يكون قد أكمل الأشواط وشكّ بعد إكمالها في أ نّها سبعة أو أكثر مع عدم احتمال النقصان، فإنّ طوافه صحيح ولا يعتني بشكّه ولو لم يكن قد دخل بعدُ في ركعتَي الطواف ولم يخرج عن المطاف.
الصورة الثالثة: أن يكون الشكّ في عدد الأشواط في طوافٍ مندوبٍ فيبني على العدد الأقلِّ ويكمل ويصحّ طوافه، ويكفي في ضبط الطائف لعدد أشواطه أن يكون مطمئنّاً بعددها، أو أن يتَّكِل على رفيقٍ يشاركه في الطواف ويكون ذلك الرفيق ضابطاً للعدد، ولا يكفي الظنّ.
(92) العاشر: أن لا يقرن بين طوافين بأن يطوف سبعة أشواطٍ ويلحقها بسبعةٍ اخرى كطواف ثانٍ مؤجّلًا ركعتَي‏الطواف إلى ما بعد الفراغ من الطوافين، ويسمّى هذا بالقِران، وهو لا يجوز في طواف الفريضة، ويجوز في الطواف‏

225

فإذا نقص من طوافه فلذلك صور:
الصورة الاولى: أن يكون عامداً وقد خرج من المطاف، فيكفيه أن يستأنف طوافاً جديداً.
الصورة الثانية: أن يكون عامداً ولا يزال في المطاف، فما دام لم تمضِ عليه فترة طويلة تختلّ بها الموالاة عرفاً جاز له أن يكمل النقص ويكتفي بما أتى به، وإذا مضت عليه فترة كذلك أتى بطوافٍ جديد.
الصورة الثالثة: أن يكون صدور النقصان منه سهواً وتذكّر ذلك قبل خروجه من المطاف وبعد برهةٍ قصيرةٍ لم تختلّ بها الموالاة فيأتي بالباقي ويصحّ طوافه.
الصورة الرابعة: أن يكون صدور النقصان منه سهواً وتذكّر بعد الخروج من المطاف أو الإخلال بالموالاة، فإن كان الناقص ثلاثة أشواطٍ أو أقلَّ من ذلك رجع وتداركه، وإن كان الناقص أربعة أو أكثر كفاه أن يستأنف طوافاً جديداً.
(87) الخامس: أن ينتهي في كلّ شوطٍ بالحجر الأسود الذي بدأ منه، ويحتاط في الشوط الأخير بتجاوز الحجر بقليلٍ، ناوياً بذلك التأكّد من إكمال سبعة أشواطٍ تامة.
(88) السادس: جعل الكعبة عند طوافه حولها على يساره في جميع أحوال الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره، أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها، أو جعلها على اليمين فذلك المقدار لا يعدّ من الطواف فيعيد من حيث انحرف. ولا يعني وضع الكعبة على اليسار أن يحرف الطائف كتفه الأيسر عند مروره بالأركان لكي يكون محاذياً لبناء الكعبة، فإنّ هذه التدقيقات غير واجبة، بل المقصود من وضع الكعبة على يساره تحديد وجهة سير الطائف.
(89) السابع: الطواف حول حِجر إسماعيل بمعنى إدخاله في المطاف، فلا

224
واجبات الطواف‏

الطواف- كما تقدم- هو السير حول الكعبة الشريفة، ولا بدّ أن تتوفّر في كيفية أدائه العناصر التالية ليقع صحيحاً:

(83) الأول: النية، وصورتها مثلًا: «أطوف حول البيت سبعة أشواطٍ لعمرة التمتّع لحجّ الإسلام قربةً إلى اللَّه تعالى».

وإذا كان نيابةً نوى عن المنيب، وإذا كان الحجّ مستحباً أسقط كلمة حجّ الإسلام، ولا يجب التلفّظ بالنية أو بأيِّ نيةٍ اخرى لسائر الأعمال، بل يكفي حصولها في القلب، ويلزم أن تحصل النية للطواف عند الابتداء به.

(84) الثاني: كون الطائف خارج الكعبة ورخامها المبنيّ في أسفل حائطها لدعم بنيانها المسمّى بشاذروان، فإذا تجاوز الطائف مطافه ودخل الكعبة بطل طوافه ولزمته الإعادة، وكذلك إذا تجاوز إلى الشاذروان.

(85) الثالث: الابتداء من الحجر الأسود الموضوع في أحد أركان الكعبة الشريفة[1] بأن يكون محاذياً له، ثمّ يبدأ الطواف، والأحوط الأولى استحباباً أن يتأخّر عنه قليلًا ويشرع في الطواف؛ لكي يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر، ناوياً أن يبدأ طوافه من النقطة التي تتحقّق فيها المحاذاة بينه وبين الحجر.

(86) الرابع: أن يطوف بالبيت سبع مرّاتٍ متوالياتٍ عرفاً، ولا يجزئ الأقلّ من ذلك، ويسمّى كلّ واحدٍ من السبع بالشوط، فالطواف مركّب من سبعة أشواط.

 

[1] تشتمل الكعبة الشريفة على أربعة أركان، وهي: الركن العراقي، والركن الشامي، والركن اليماني، والركن الأسود وفيه الحجر الأسود ويقع في الجهة الشرقية.( المؤلّف قدس سره)

223

صحّ الطواف والصلاة معاً.
2- إذا كان عالماً بوجود نجاسةٍ في بدنه أو ثيابه ثمّ نسي ذلك وطاف وتذكّر بعد الطواف صحّ طوافه وتطهَّره للصلاة، وإذا لم يتذكّر إلّابعد ركعتي الطواف أعاد ركعتي الطواف فقط.
3- إذا كان مشغولًا بالطواف وأصابت بدنه وثوبه نجاسة أو علم أنّ بدنه وثوبه تنجّس: فإن كان قبل إكمال الشوط الرابع قطع الطواف وطهَّر الموضع المتنجّس وكفاه أن يستأنف طوافاً جديداً، وإن كان بعد إكمال الشوط الرابع قطع وطهَّر وكان له أن يحتسب ما مضى ويقتصر على تكميله. وأمّا إذا كانت النجاسة في ثوبه فقط وأمكنه تبديله أو الاستغناء عنه في نفس الموقف كان له أن يتخلّص منه ويواصل طوافه.
(81) الثالث من شروط الطواف: الختان للمحرم من الرجال والصبيان، ومن طاف غير مختونٍ كان كتارك الطواف، وإذا استطاع المكلف وهو غير مختونٍ فلذلك صور:
الاولى: أن يتمكّن من الختان والحجّ في سنة الاستطاعة فيجب.
الثانية: أن يتمكّن من الختان ولكن لا يتمكّن من الجمع بين الحجّ والختان في سنةٍ واحدةٍ فيؤخّر الحجّ إلى السنة القادمة.
الثالثة: أن لا يتمكّن من الختان أصلًا لضررٍ أو حرجٍ أو غير ذلك، فاللازم عليه الحجّ ويطوف بنفسه في عمرته وحجّه، ويستنيب أيضاً من يطوف عنه، ويصلّي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.
(82) الرابع من شروط الطواف: ستر العورة، فيجب على الرجل الطائف أن يستر عورتيه، وعلى المرأة الطائفة أن تستر كامل جسمها عدا الوجه والكفّين.

222

هذه الصورة ينقلب حجّها إلى حجّ الإفراد، وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليه العمرة المفردة إذا تمكّنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الإحرام، ففي هذه الصورة يكمكنها أن تعمل نفس ماتقدم في الصورة الاولى، ويمكنها بدلًا عن ذلك أن تبقى على حجِّ التمتّع وعلى عمرتها، فتأتي بأعمال عمرة التمتّع من دون طوافٍ بأن تسعى وتقصِّر ثمّ تُحرِم للحجّ، وبعد أو ترجع إلى مكة من مِنى تقضي طواف العمرة قبل طواف الحجّ. هذا فيما إذا كانت ترجو ارتفاع حيضها وقتئذٍ، وأمّا إذا كانت على يقينٍ من استمراره وعدم تمكّنها من الطواف حتى بعد رجوعها من منى فلا تؤخِّر طواف عمرتها، بل تستنيب من يطوف عنها ويصلّي الركعتين ثمّ تسعى هي بنفسها وتقصِّر.
8- الطواف المندون لا يعتبر فيه الطهارة، فيصحّ بدون وضوء، ولكّن صلاته (ركعتَّي الطواف) لا تصحّ إلّاعن طهارة.
(80) الثاني من شروط الطواف، الطهارة من النجاستة. والنجاسة هي التي يطلق عليها اسم «الخَبَث»، فال يصحّ الطواف مع نجاسة البن أو اللباس، ولا يعفى على الأحوط حتى عن النجاسة القليلة من الدم، ممّا يعفى عنه في الصلاة، ولكن يعفى عن دم الجروح والقروح الذي يعتبر التطير منه موجباً للمشقّة والصعوبة فلا تجب في هذه الحالة إزالته عن الثوب والبدن في الطواف، وكذلك يعفى عن نجاسة ما لا تتمّ الصلاة فيه من ملابسه، ويسمح للمحرم بحمل المتنجّس أو النجس إذا لم تسرِ منه النجاسة إليه.
وفيما يتّصل بهذا الشرط عدّة مسائل:
1- إذا طاف ثمّ علم أنّ بدنه أو شيئاً من ملابسه كان نجساً في أثناء الطواف، صحّ طوافه وطهَّره لأجل ركعتَي الطواف، وإذا لم يعلم بتلك النجاسة إلّابعد الصلاة

221

يمكنه في بعض الحالات أن يبدأ من حيث انتهى، فيحتسب ما مضى منه ويتمّه، كما إذا كان الحدث قد صدر منه بعد إتمام الشوط الرابع ولم يكن باختياره مثلًا، ولكنّ الأحوط ما ذكرناه.
3- إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف: فإن كان في الوقت متّسع أمكنها الانتظار إلى أن تطهر ثمّ استئناف الطواف، وإن لم يكن الوقت متّسعاً للانتظار أتت ببقية أعمال العمرة من السعي والتقصير وأحرمت للحجّ، وأخّرت طواف العمرة إلى حين الرجوع من منى يوم العيد أو بعده، على أن تأتي به قبل طواف الحجّ.
وإذا حاضت بعد الطواف وقبل إنجاز رَكعتَي الطواف مع سعة الوقت تنتظر إلى أن تطهر، وتأتي بالركعتين وتُتابِع سائر أعمال العمرة، ومع ضيق الوقت تسعى وتقصِّر وتقضي ركعتَي الطواف قبل طواف الحجّ عند رجوعها من منى.
4- إذا طافت المرأة وصلّت ثمّ تأكّدت من أ نّها حاضت، ولم تدرِ أ نّه كان قبل الطواف والصلاة أو في أثنائهما أو بعدهما بَنَت على صحة الطواف والصلاة.
5- إذا لم يتمكّن المكلف المحدِث من الوضوء للطواف ويئِس من تمكّنه تيمَّم، وكذلك الجنب والحائض والنفساء بعد انقضاء أيامهما يجب عليهم في حالة عدم التمكّن من الاغتسال واليأس من حصول القدرة مادام الوقت متّسعاً للتيمّم بدلًا عن الغسل.
6- المعذور يكتفي بطهارته التي يعتبرها الشارع طهارةً بالنسبة إليه، كالكسير والمستحاضة والمسلوس والمبطون.
7- إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حال الإحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها صبرت إلى أن تطهر، فتغسل وتأني بأعمالها. وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان:
الاولى: أن يكون حيضها من حين إحرامها بأن أحرمت وهي حائض، ففي‏

220

وفيما يلي التفصيل:
(79) الأول من شروط الطواف: الطهارة من الأحداث التي تستوجب الغسل، ويسمّى واحدها بالحدث الأكبر، كالجنابة والحيض، والطهارة من الأحداث التي تستوجب الوضوء، ويسمّى واحدها بالحدث الأصغر كالبول والنوم، فلو طاف المحدِث بالحدث الأكبر بدون أن يغتسل، أو المحدِث بالحدث الأصغر بدون أن يتوضّأ بطل طوافه، سواء كان تركه للغسل أو الوضوء عن علمٍ وعمد أو عن جهل أو عن نسيان، ووجب عليه أن يتطهّر ويطوف من جديد.
وفيما يرتبط بهذا الشرط عدّة مسائل كما يلي:
1- إذا شكّ في الطهارة: فإن علم أ نّه كان على طهارةٍ في زمنٍ سابقٍ وإنّما يشكّ في صدور الحدث بعدها لم يعتنِ بالشكّ وبنى على الطهارة، وإن لم يعلم بذلك فهنا صور:
الصورة الاولى: أن يكون الشكّ قد حصل له قبل الشروع في الطواف فتجب عليه الطهارة، ولا يسمح له بالطواف بدونها.
الصورة الثانية: أن يحصل الشكّ في أثناء الطواف، والحكم هو حكم الصورة السابقة.
الصورة الثالثة: أن يحصل الشكّ بعد انتهاء الطواف قبل صلاة ركعتَي الطواف فلا تجب عليه إعادة الطواف، وإنّما يتطهر لركعتَي الطواف.
الصورة الرابعة: أن يحصل الشكّ بعد الفراغ من الطواف وركعتيه، فيبني على صحة الطواف والصلاة معاً، ويتوضأ لِمَا يأتي من أعمالٍ اخرى مشروطةٍ بالطهارة.
2- إذا أحدث المحرِم أثناء طوافه فيمكنه أن يقطع طوافه ويتطهّر، بأن يتوضّأ- مثلًا- ويستأنف طوافاً جديداً ويلغي ما تقدم، والمعروف بين الفقهاء أ نّه‏

219
                        الطواف‏
إذا أدّى القاصد حجّ التمتّع الإحرام لعمرة التمتّع واتّجه نحو مكة والمسجد الحرام لممارسة سائر واجبات العمرة كان أول ما يواجهه من واجباتها بعد الإحرام الطواف، فالطواف حول البيت هو الواجب الثاني من واجبات عمرة التمتّع، ويقصد به: السير حوله بكيفيةٍ خاصّةٍ يأتي شرحها. والبيت: هو الكعبة الشريفة الواقعة في وسط المسجد الحرام.
وبيان هذا الواجب يتّضح من خلال الفصول التالية:
                        شروط الطواف‏
يعتبر في الطواف شروط لا بدّ للطائف من توفيرها في طوافه، وهي كما يلي:
1- الطهارة من الحدث.
2- الطهارة من الخبث.
3- الختان للرجال.
4- ستر العورة.
218

الدنيا والآخِرةِ»[1].

ويبدأ بعد ذلك بطوافه الواجب.

وهذه الآداب والأدعية مستحبة لا يضرّ الحاجّ تركها.

 

[1] وسائل الشيعة 13: 313- 314، الباب 12 من أبواب الطواف، الحديث الأوّل