کتابخانه
235
آداب صلاة الطواف‏

(100) يستحبّ في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة «التوحيد» في الركعة الاولى وسورة «الجَحد» في الركعة الثانية، فإذا فرغ من صلاته حمد اللَّه وأثنى عليه، وصلّى على محمدٍ وآل محمد، وطلب من اللَّه أن يتقبّل منه. ومن المأثور أن يسجد بعد الصلاة ويقول في سجوده: «سَجَدَ وَجهي لكَ تعبّداً وَرِقّاً، لا إلهَ إلّاأنتَ حقَّاً حقَّاً، الأوّلُ قَبلَ كُلّ شي‏ءٍ والآخِرُ بَعد كُلّ شَيْ‏ء، وهَا أنا ذا بين يديك ناصيتي بيدِكَ، واغفر لِي إنَّه لا يغفرُ الذنبَ العَظيمَ غيرُك، فاغفِر لي فإنّي مُقِرٌّ بِذُنوبي على نفسي، ولا يدفع الذَنبَ العظيمَ غيرُكَ»[1].

ويستحبّ أن يقول أيضاً بعد الفراغ من صلاة الطواف:

«اللهُمَّ ارحمني بطَوَاعِيَتي إيَّاكَ وطَواعِيَتي رَسُولَكَ صلّى اللَّهُ عَليه وآلِه، اللهمَّ جَنِّبني أن أتعدَّى حُدودَكَ، واجعلني ممَّن يحبّكَ وَيُحبُّ رسولَكَ وَملائكتَكَ وعبادَكَ الصالحين»[2].

 

[1] وسائل الشيعة 13: 439- 440، الباب 78 من أبواب الطواف، الحديث 2

[2] المصدر السابق: 439، الحديث الأوّل

234

بإمكانه أن يتدارك قبل انتهاء وقت العمرة، وإذا تركها ناسياً أو جاهلًا والتفتَ بعد ذلك: فإن كان التفاته أثناء السعي قطعه وصلّى في محلّها ثمّ رجع وأكمل سعيه، وإن كان بعد السعي صلّى في محلّها ولا تجب عليه إعادة السعي، وإن كان التفاته بعد فوات الوقت أو الخروج من مكة رجع إلى المسجد الحرام وقضاها في محلّها، وإذا لم يتمكّن من ذلك صلّاها في أيِّ موضعٍ ذكرها فيه.
ولا بدّ للطائف أن يكون متأكِّداً من صحة صلاته وقراءته، وأن يصحِّح قراءته إذا كان فيها خطأ، فإن لم يتمكّن وتماهل حتّى ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط أن يأتي بصلاة الطواف حسب إمكانه، وأن يصلّيها مأموماً، ويستنيب لها أيضاً.
وإذا كان في قراءة الإنسان خطأ وهو لا يعلم- بل يرى قراءته صحيحةً جهلًا منه فصلّى على ما يرى- صحّت صلاته، ولا تجب عليه الإعادة.

233
                        صلاة الطواف‏
 (97) وبعد أن يفرغ المعتمِر من طوافه تجب عليه ركعتا الطواف، وتسمّى بصلاة الطواف، وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتّع. وصورتها كصلاة الفجر، ولكنّه مخيَّر في قراءتها بين الجهر والإخفات.
وتجب فيها النية، وصورتها مثلًا: «اصلِّي ركعتَي الطواف لعمرة التمتّع لحجِّ الإسلام قربةً إلى اللَّه تعالى». وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كان الحجّ مستحبّاً أسقط كلمة «حجّ الإسلام».
 (98) ويجب من الناحية المكانيّة الإتيان بها قريباً من مقام إبراهيم عليه السلام بنحوٍ تكون الصلاة خلف المقام (والمقام هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقف عليه وقت بناء الكعبة، ويقع الآن على مقربةٍ من البيت الشريف)، فإن تعذّر الحصول على مكانٍ خلف المقام حاول أن يجد مكاناً قريباً منه من أيِّ جانبٍ ويصلِّي فيه، وإن تعذّر هذا أيضاً صلّى في أيِّ مكانٍ من المسجد، ومن كان يطوف طوافاً مستحباً فله أن يصلِّي ركعتَيه في أيِّ موضعٍ أحبَّ من المسجد.
ويجب من الناحية الزمانية الإتيان بصلاة الطواف عقيبه أو بفاصلٍ قصير، فلا يجوز الفصل بينهما بفترةٍ طويلة.
 (99) وإذا ترك الطائف صلاة الطواف عالماً عامداً بطل حجّه ما لم يكن‏
232
                        أحكام الطواف‏
 (96) عرفنا أنّ الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتّع، فإذا تركه الشخص فلذلك صور:
الصورة الاولى: أن يتركه اختياراً مع علمه بوجوبه وتعمّده في الترك ولو لأجل التبرّم بالزحام وكثرة الناس في المطاف فلا يكون معذوراً، ولا يصحّ منه السعي وما بعده من الأعمال لو ترك الطواف وتوجّه إلى السعي، بل يجب عليه أن يطوف ثمّ يسعى ثمّ يقصِّر حسب تسلسل أعمال العمرة ما دام في الوقت متّسع، فإذا لم يبقَ وقت يتّسع لذلك ولإدراك الوقوف بعرفات بطلت عمرته وبطل إحرامه.
الصورة الثانية: أن يتركه لعدم علمه بأ نّه واجب، والحكم فيه كما تقدم في الصورة السابقة.
الصورة الثالثة: أن يتركه نسياناً وغفلةً، وهذا لا يبطل عمرته، بل إن تذكَّر وفي الوقت متّسع للتدارك وإدراك عرفات تداركه وأتى بالطواف وبما بعده من أعمال العمرة، وإذا كان وقت العمرة قد فات فعليه قضاء الطواف، وإذا لم يتمكّن من القضاء أيضاً لرجوعه إلى بلده- مثلًا- وجب عليه أن يستنيب شخصاً ليطوف عنه.
الصورة الرابعة: أن يترك المحرِم الطواف ماشياً لعدم تمكّنه من المشي لسبب مرضٍ أو كسرٍ أو نحو ذلك، ولا يكلّف في هذه الحالة بما لا يطيق، فإن تمكّن من الطواف بالاستعانة بالغير ولو بأن يطوف محمولًا وجب ذلك، وإلّا كفاه أن يستنيب شخصاً يطوف عنه. وأمّا بالنسبة إلى ركعتَي الطواف: فإن كان قادراً على إتيانها أتى بها بعد طواف النائب، وإلّا أتى بها الطائف نيابةً عنه.
231

فضاعِفهُ لي وتقبّلهُ منّي إنَّكَ أنتَ السميع العليم»[1].

وفي روايةٍ: أ نّه إذا صار بحذاء الركن اليماني أقام فرفع يديه ثمّ قال:

«يا اللَّهُ، يا وليَّ العافية، وخالقَ العافية، ورازقَ العافية، والمُنعم بالعافية، والمَنّان بالعافية، والمُتَفضِّل بالعافية عليَّ وعلى جميع خَلقِكَ، يا رحمانَ الدُنيا والآخرةِ ورحيمَهما صلِّ على محمَّدٍ وارْزقْنَا العافيَة، ودوامَ العافيَة، وشُكرَ العافية في الدنيا والآخرة، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحِمين»[2].

ويستحبّ للطائف في كلّ شوطٍ أن يستلم الأركان كلّها، وأن يقول عند استلام الحجر الأسود:

«أمانتي أدّيتُها، وميثاقي تعاهدته لتشهَدَ لي بالموافاة».

فإذا فرغ من طوافه ذهب إلى مؤخّر الكعبة بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل، وبسط يديه على البيت، وألصق بدنه وخدّه به، وقال:

«اللهمَّ البيتُ بيتُك، والعبدُ عبدُك، وهذا مكان العائذِ بِكَ من النار». ثمّ أقرّ لربّه بما عمله. ففي الرواية الصحيحة أ نّه: ليس من عبدٍ مؤمنٍ يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّاغفر اللَّه له إن شاء اللَّه‏[3].

وقال: «اللهمَّ مِن قِبلكَ الرَوْحُ والفَرَج والعافية. اللهمَّ إنَّ عملي ضعيفٌ فضاعِفهُ لي، واغفرْ لي ما اطَّلعتَ عليهِ منِّي وخَفي على خَلْقك»[4].

ثمّ واصل الطائف دعاءه وتضرّعه واستجارته من النار بما أحبَّ من أساليب التعبير المناسبة لذلك المقام.

 

[1] وسائل الشيعة 13: 335، الباب 20 من أبواب الطواف، الحديث 6

[2] المصدر السابق، الحديث 7

[3] المصدر السابق: 345- 346، الباب 26 من أبواب الطواف، الحديث 4

[4] المصدر السابق

230

الحجر الأسود الواقع في ركنٍ من أركان الكعبة الشريفة وهذا الركن في الجهة الشرقية، وحينما يبدأ الطائف طوافه منه واضعاً الكعبة على يساره يمرّ بعد مسافةٍ قصيرةٍ جدّاً في نفس خطّ الحجر الأسود بباب الكعبة، ثمّ يواصل سيره إلى أن يصل إلى الركن الآخر للكعبة الشريفة، ويسمّى بالركن العراقي ويقع في الجهة الشمالية، وفي هذه الجهة يوجد حجر إسماعيل، وللكعبة ميزاب مُطِلّ عليه، ثمّ يصل الطائف في طوافه إلى الركن الثالث، ويسمّى بالركن الشامي ويقع في الجهة الغربية، ومنه يسير الطائف نحو الركن الرابع والأخير المسمّى بالركن اليماني الواقع في الجهة الجنوبية، وقبيل أن يصل إلى الركن اليماني موضع للكعبة الشريفة يسمّى بالمُستَجار، وهو يكون في النقطة المقابلة لباب الكعبة، فالحجر الأسود والركن اليماني متقابلان، وباب الكعبة والمُستَجار متقابلان، وعند وصول الطائف إلى المُستَجار يكون قد وصل إلى مؤخَّر الكعبة، ويسير الطائف بعد ذلك من الركن اليماني إلى الحجر الأسود لينهيَ بذلك شوطاً كاملًا من الطواف.

هذه فكرة توضيحية عن النقاط التي يمرّ بها الطائف في سيره حول الكعبة الشريفة في كلّ شوط، وعلى ضوئها تُعيَّن مواضع الأدعية والآداب التالية:

إذا سار الطائف من الحجر الأسود ووصل إلى باب الكعبة في كلّ شوطٍ صلّى على محمدٍ وآل محمد، وإذا بلغ حِجر إسماعيل قبيل الميزاب رفع رأسه وقال وهو ينظر إلى الميزاب: «اللهمَّ أدخِلني الجنَّة برحمتِكَ، وَ أجِرني برحمتِكَ من النار، وعافِني من السُقم، وأوسِع عليَّ من الرِزقِ الحلال، وادرأ عنِّي شرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإنس، وشرَّ فَسَقَةِ العربِ والعَجمِ»[1]. وإذا جاز حِجر إسماعيل وانتهى إلى مؤخّر الكعبة قال: «ياذا المنِّ والطَولِ والجُودِ والكرم، إنَّ عملي ضَعيف‏

 

[1] وسائل الشيعه 13: 334- 335، الباب 20 من أبواب الطواف، الحديث 5

229
آداب الطواف ومستحبّاته‏

(95) للطائف آداب يستحبّ له مراعاتها:

منها: على ماجاء في بعض الروايات‏[1]: أن يطوف حافياً مقصِّراً في خطواته، مشغولًا بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، تاركاً ألوان اللغو والعبث.

ومنها: أن يستلم الحجر الأسود ويقبِّله في ابتداء الطواف وفي انتهائه وفي نهاية كلّ شوطٍ إن أمكنه ذلك، من دون أن يؤذي أحداً وينتزعه عنه بالقوة.

ومنها: أن يدعو حال الطواف بهذا الدعاء:

«اللهمَّ إنِّي أسألك باسمكَ الَّذي يمشى به على طَللِ الماءِ كما يُمشى به على جُددِ الأرض، وأسأ لُكَ باسمِكَ الَّذي يَهتزُّ لهُ عرشُكَ، وَأسأ لُكَ باسمِكَ الَّذي تَهتزُّ لهُ أقدامُ ملائِكتِكَ، وأسألكَ باسمِكَ الذي دعاكَ بهِ موسى من جانِبِ الطُورِ الأيمنِ فاستجبتَ لهُ وألقيتَ عليهِ محبَّةً منكَ، وأسألكَ باسمِكَ الذي غفرتَ بِهِ لمحمدٍ ما تقدَّم من ذَنبِهِ وما تأخَّر وأتممتَ نعمتَكَ عليهِ». ثمّ يطلب حاجته.

ويقول في الطواف أيضاً:

«اللهمَّ إنِّي إليكَ فقيرٌ، وإنِّي خائِفٌ مستجير، فلا تُغيِّر جسمي، ولا تُبدِّل اسمي»[2].

وهناك أدعية وآداب ترتبط بمواضع معيَّنةٍ من الكعبة الشريفة يصل إليها الطائف تِباعاً في طوافه، ومعرفتها تتطلّب الإحاطة بوضع الكعبة وأركانها وتحديد تلك المواضع فيها. وقد علمنا سابقاً أنّ الطواف في كلِّ شوطٍ يبدأ من‏

 

[1] وسائل الشيعة 13: 306، الباب 5 من أبواب الطواف، الحديث الأوّل

[2] المصدر المتقدّم: 333، الباب 20 من أبواب الطواف، الحديث الأوّل

228

الشوط الرابع واستأنف طوافاً جديداً.
سادساً: يجوز للطائف في الطواف المستحبّ أن يقطع الطواف ويخرج لحاجةٍ من حاجاته ثمّ يرجع ويبني على ما تقدم منه، فيكمله ويصحّ طوافه.
ولا يعتبر الطائف بخروجه عن المطاف في طواف الفريضة آثماً، بل يجوز له ذلك وإن تحتّم عليه استئناف الطواف، ويجوز له الجلوس أثناء الطواف للاستراحة. ولا يضرّ ذلك بطوافه ما لم تَطلْ المدّة إلى المقدار الذي تختلّ به الموالاة.
(94) الثاني عشر: أن لا يزيد في طوافه عامداً، إذ عرفنا سابقاً أنّ الطواف مكوّن من سبعة أشواط، فلو قصد أن يجعله أكثر من ذلك بطل طوافه، سواء قصد ذلك من البداية بأن طاف قاصداً جعل طوافه أكثر من سبعة أشواط، أو تجدّد له في الأثناء القصد إلى أن يزيد في طوافه. ولا يفرق في البطلان بالزيادة بين العالم بحكم المسألة وغيره.
وأمّا إذا طاف سبعة أشواطٍ ثمّ طاف شوطاً آخر بدون أن يقصد ضمّه إلى طوافه الأول وكونه جزءاً منه بل كعملٍ مستقل فلا يضر بصحة طوافه المتقدم. كما أنّه إذا زاد في طوافه سهواً بأن خيّل له أ نّه لم يستوفِ سبعة اشواط فطاف شوطاً آخر ثم ظهر له أ نّها أصبحت ثمانية، فلا يبطل الطواف بذلك.

227

المستحبّ.
(93) الحادي عشر: أن لا يخرج من المطاف إلى الخارج على التفصيل التالي:
أولًا: إذا خرج نسياناً وبتخيّل أ نّه أكمل الطواف، أو لأنّه رأى نجاسةً في بدنه وملابسه وأراد تطهيرها وكان قد أكمل الشوط الرابع كفاه أن يرجع ويتمّ طوافه بتكميله سبعة أشواط، ولا يجب عليه استئناف طوافٍ جديد.
ثانياً: إذا خرج في إحدى الحالتين السابقتين (النسيان أو رؤية النجاسة في الأثناء) ولم يكن قد أكمل الشوط الرابع فالأحوط أن لا يكتفي بتكميل ما أتى به عند الرجوع، بل يكفيه أن يستأنف طوافاً جديداً.
ثالثاً: إذا خرج في غير هاتين الحالتين قبل إكمال الشوط الرابع لم يعتدَّ بما أتى به واستأنف طوافاً جديداً.
رابعاً: إذا خرج في غير الحالتين المذكورتين بعد إكمال الشوط الرابع لأجل طروء حدثٍ، أو حيضٍ بالنسبة إلى المرأة، أو مرضٍ مفاجئ ونحو ذلك من الأعذار فالأحوط أن لا يعتدَّ بما أتى به، ويستأنف طوافاً جديداً كما في الصورة السابقة.
والأحوط استحباباً في الصورة الثانية والرابعة أن يكمل ما أتى به ويستأنف طوافاً جديداً، ويكفيه لذلك أن يأتي بطوافٍ كاملٍ يقصد به التكميل والاستئناف حسب ما هو المطلوب منه واقعاً.
كما أنّ الاحوط استحباباً في حالات المرض المفاجئ من الصورة الرابعة أن يستنيب في نفس الوقت لإكمال الطواف، ولكن لا يكتفي بذلك عن استئناف طوافٍ جديدٍ بعد ارتفاع العذر.
خامساً: إذا خرج عامداً بدون عذرٍ لم يعتدَّ بما مضى ولو كان قد أكمل‏