کتابخانه
253

وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كان حجّاً مستحبّاً أسقط كلمة «حجّة الإسلام».

آداب الوقوف بعرفات‏

: (113) إنّ يوم عرفات يوم دعاءٍ وتضرّع، ولهذا يرجَّح للحاجِّ أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر بأذانٍ واحدٍ وإقامتين ليُفرِغ نفسه بعد ذلك للدعاء.

ويستحبّ أن يكون الواقف بعرفات متحلّياً بالسكينة والوقار، وأن يكون على طهارة، وأن يتعوّذ باللَّه من الشيطان، فقد جاء في الحديث: أنّ الشيطان لن يذُهِلك في موضعٍ أحبّ إليه من أن يُذهِلك في ذلك الموضع‏[1].

وينبغي للحاجِّ أن لا يشغله النظر إلى الناس عمّا يقتضيه ذلك الموقف الجليل من دعاءٍ وعبادة، فيحمد اللَّه ويهلِّله ويمجِّده، ويكبِّر مئة تكبيرة، ويقرأ «قل هو اللَّه أحد» مئة مرّة، ويدعو بما أحبّ وبالمأثور من الأدعية، كدعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة، ودعاء الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام في نفس اليوم، وسيأتي نصّ الدعاءين في آخر هذا الكتاب. ومن المأثور أن يقول:

«اللهمَّ ربَّ المشاعرِ كُلِّها فُكَّ رقبتي من النار، وأوسِع عَليَّ من رزقِكَ الحَلال وادرَأ عنِّي شرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ والإنسِ. اللهمَّ لا تَمكُرْ بِي ولا تَخدَعْني، ولا تَسْتَدرِجنْي، يا أسْمعَ السامِعِين ويا أبصرَ الناظرينَ ويا أسرعَ الحاسِبينَ ويا أرحمَ الراحِمينَ، أسألكَ أن تُصليَّ على محمدٍ وآل محمد»[2]. ثمّ يطلب حاجته.

 

[1] وسائل الشيعة 13: 538، الباب 14 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الحديث الأوّل. والكافي 4: 463، الحديث 4

[2] المصدر السابق

252

وقائماً، وبعضها غير واضحٍ فعلًا، وإن كان الموقف لا يزال واضحاً في حدوده وعلاماته المنصوبة في أطرافه، ولا يجوز الوقوف بتلك الأماكن والنقاط المحادّة للموقف، بل لا بدّ أن يكون الوقوف فيما تحوطه تلك النقاط من مساحة، بدون فرقٍ بين جبلها وسهلها، وإن كان الأفضل الوقوف في السفح في ميسرة الجبل.
(112) زمانه ونيته:
الأحوط للحاجِّ في حالة الاختيار أن يقف في عرفات من أول ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة إلى الغروب، ولكنّ الأظهر جواز البدء بالوقوف بعد الظهر بساعةٍ إلى الغروب. والوقوف في تمام هذا الوقت واجب يأثم المكلف بتركه، ولكن لايبطل الحجّ لو اقتصر على الوقوف برهةً قصيرةً خلال هذا الوقت- ويسمّى هذا بالوقوف الاختياري- وإن اعتبر آثماً لعدم استيعاب المدّة.
ولا يجوز للحاجّ الإفاضة من عرفات، أي الخروج منها قبل غروب الشمس عالماً عامداً، وإذا خرج كذلك لم يفسد حجّه، ولكن عليه الرجوع، فإذا ندم ورجع فلا شي‏ء عليه، وإلّا كانت عليه كفّارة جَمَلٍ أكمل الخامسة ينحره في منى يوم العيد، وإذا خرج من عرفات قبل الغروب جاهلًا أو ناسياً وجب عليه الرجوع عند العلم أو التذكّر، فلو لم يرجع كانت عليه- على الأحوط- كفّارة أيضاً، كما في العالم العامد في حالة عدم رجوعه. ولو لم يتمكّن الحاج أن يدرك عرفات إلى أن غربت الشمس من اليوم التاسع أو فاته ذلك لنسيانٍ أو جهلٍ يُعذَر فيه لزمه الوقوف برهةً من ليلة العيد (ليلة العاشر من ذي الحجّة) وصحّ حجّه، ويسمّى ذلك بالوقوف الاضطراري.
وأمّا نيته فيجب في الوقوف بعرفات النية، وصورتها مثلًا: «أقفُ بعرفات من الظهر إلى غروب الشمس لحجّ التمتّع من حجّة الإسلام قربةً إلى اللَّه تعالى».

251
                        الوقوف بعرفات‏
 (110) الواجب الثاني من واجبات حجّ التمتّع الوقوف بعرفات. والمراد به:
التواجد بعرفات، من دون فرقٍ بين أن يكون راكباً أو راجلًا، واقفاً أو قاعداً، أو على أيِّ حالةٍ اخرى.
 (111) مكانه:
يجب أن يكون الوقوف بعرفات. وعرفات تبعد عن مكة حوالي اثنين وعشرين كيلومتراً، وهي أبعد النقاط التي يجب على الحاجّ أن يقصدها في حجّه عن مكة، ثمّ يأخذ بعد ذلك بالاقتراب من مكة بالانتقال من عرفات إلى المشعر، ومنه إلى مِنى، كما سيأتي تفصيله.
وعرفات فسحة كبيرة من الأرض تعتبر خارج الحرم وتتّصل حدودها به، ويفصل بينها وبين المشعر الحرام منطقة تسمّى بالمأزمين، ولعرفات حدود، وقد جاء في الأحاديث ذكر بعض الأماكن التي كان لها أسماء معروفة وقتئذٍ كحدودٍ لموقف عرفات، وهي: «بطن عرفة»، و «ثَوية»، و «نَمِرة»، و «ذو المَجاز».
وجملة من هذه الأسماء لا تزال أسماءً لمسمّياتٍ معروفةٍ في الواقع المعاش ومنعكسةٍ في الخرائط المختصّة، ولا يزال مسجد «نمرة» متميِّزاً حتى الآن‏
250

حاجَتي، وأن تجعلَني ممَّن تُباهي بِهِ اليومَ مَن هو أفضلُ منِّي»[1].

ويستحبّ أن يكرِّر التلبية إلى أن يصل إلى عرفات.

 

[1] وسائل الشيعة 13: 528- 529، الباب 8 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الحديث الأوّل

249
ومن تركه ناسياً وتذكّر رجع مع الإمكان، وإلّا أحرم في موضعه إذا كان لم يتجاوز عرفات، وإن تجاوزها أحرم من موضعه أيضاً لكنّ صحّة حجّه حينئذٍ لا تخلو من إشكال.
                        آداب إحرام الحجّ (109)
إحرام الحجِّ يشارك إحرام العمرة فيما له من آدابٍ ومستحبّات، وقد تقدم ذكرها في إحرام العمرة الفقرة (56).
ويستحبّ أن يكون الإحرام للحجّ من المسجد الحرام، وأن يكون في اليوم الثامن من ذي الحجّة، ويستحبّ له المبيت في مِنى ليلة عرفة، والتوفّر في تلك الليلة على العبادة، وعلى الصلاة في مسجد الخيف والتعبّد فيه، فإذا قضى ليلةً هناك وطلع الفجر صلّى صلاة الصبح في منى وعقَّب إلى طلوع الشمس، ثمّ اتّجه إلى عرفات، مارّاً بمنطقةٍ في حدود منى تسمّى بوادي «محسر»، ولا بأس بأن يخرج من منى قبل طلوع الشمس، ولكن ينبغي أن لا يتجاوز وادي محسر قبل طلوع الشمس، ولا إثم عليه لو تجاوز، ولو شاء أن يخرج من مِنى قبل طلوع الفجر فلا إثم عليه أيضاً، غير أنّ ذلك مكروه.
كلّ هذا فيما لو اتّجه من مكة إلى منى، وأمّا إذا سلك إلى عرفات طريقاً آخر لا يمرّ بمنى- كما هو الغالب في الطريق العام للحجّاج في الفترة المعاصرة- فلا إثم عليه.
وعلى أيِّ حالٍ فإذا توجّه الحاجّ إلى عرفات قال: «اللهمَّ إليكَ صَمدتُ، وايّاكَ اعتمدتُ ووجهَكَ أرَدْتُ، فأسألكَ أن تباركَ لي في رِحلتي، وأن تقضيَ لي‏
248

الأحوط استحباباً عدم التقديم على اليوم الثامن بأكثر من ثلاثة أيام.
ثالثاً- نيّته:
وصورتها: «احرِم لحجِّ التمتّع من حجّة الإسلام قربةً إلى اللَّه تعالى». وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإن كانت الحجّة مستحبّةً أسقط كلمة «حجّة الإسلام».
رابعاً- كيفيته:
يتّحد إحرام الحجّ مع إحرام عمرة التمتّع في الكيفية والشرائط والعناصر التي يجب توفّرها فيه، والتي تقدم توضيحها في الفقرة (42) و (43) وما يليهما، ولا اختلاف بين الإحرامين إلّافي النية. والأحوط لمن أحرم لحجِّ التمتّع أن لا يطوف طوافاً مستحبّاً قبل الخروج إلى عرفات، فلو طاف جدّد التلبية بعد الطواف.
خامساً- حكمه:
من تركه عالماً عامداً لزمه التدارك، فإن لم يتمكّن من التدارك قبل الوقوف بعرفات فسد حجّه.
ومن تركه جاهلًا بوجوبه وأتى ببقية المناسك: فإن لم يعلم إلّابعد الفراغ من الحجّ صحّ حجّه، وإن علم في أثناء الحجّ فمع إمكان الرجوع إلى مكة والإحرام منها يجب، ومع عدم الإمكان لضيق الوقت أو لعذرٍ آخر يُحرِم من الموضع الذي هو فيه.

247
                        إحرام الحجّ‏
 (108) الإحرام للحجّ هو الواجب الأول من واجبات حجّ التمتّع، وإليكَ خصائصه:
أولًا- مكانه:
يجب أن يكون الإحرام لحجِّ التمتّع من مكة من أيِّ موضعٍ شاء، ويستحبّ أن يكون من المسجد الحرام في مقام إبراهيم أو حِجر إسماعيل. ويراد بمكة هنا:
البلد على امتداده، فالأحياء الجديدة التي تُشكِّل الامتداد الحديث لمكة وتعتبر جزءاً منها عرفاً يجوز الإحرام فيها، ولا يجوز الإحرام في بلدةٍ أو قريةٍ اخرى لها عنوانها المتميِّز وإن اتّصلت بمكة عن طريق توسّع العمران.
ثانياً- زمانه:
يجب عليه أن يحرم قبل ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة على نحوٍ يتمكّن من إدراك الوقوف الواجب بعرفات، والأفضل أن يُحرِم في اليوم الثامن، ويمكنه أن يحرِم قبل اليوم الثامن بيومٍ أو يومين أو ثلاثة، بل قبل ذلك أيضاً، وإن كان‏
246

245
حجّ التمتّع‏
2
                        واجبات الحجّ‏
إحرام الحجّ.
الوقوف بعرفات.
الوقوف بالمشعر.
واجبات يوم العيد.
طواف الحجّ وصلاته والسعي.
طواف النساء وصلاته.
المبيت في منى.
رمي الجمار.