کتابخانه
523

الأرض الخراجيّة: ما اخذ بالسيف ممّا كان تحت استيلاء الكفّار، لا خصوص ما اخذ ممّا كان ملكاً للكفّار؛ إذ على التقدير الثاني لا يكون موضوعها شاملًا للغابات، بخلافه على الأوّل كما هو واضح. كما تتوقّف الحكومة أيضاً على أن يكون عدم المالك المأخوذ في نصّ مالكيّة الإمام ملحوظاً حدوثاً وبقاءً. والظاهر من النصوص التي تجعل الأرض التي لا ربّ لها ملكاً للإمام أ نّها تتناول كلّ أرض ليس لها مالك بطبيعتها، فيكفي عدم المالك حدوثاً لكي تكون ملكاً للإمام.

فالصحيح: أنّ الأرض العامرة بطبيعتها ملك للدولة دون فرق بين ما كان منها مفتوحاً عنوة وما لم يكن كذلك.

وعلى هذا الأساس لا يتكوّن للفرد حقّ خاصّ في رقبة الأرض المفتوحة عنوة من الغابات وما إليها، كما لا يتكوّن الحقّ الخاصّ في رقبة الأرض الخراجيّة العامرة بالإحياء قبل الفتح.

وقد يقال: إنّ الأرض العامرة بطبيعتها تمتلك على أساس الحيازة، بمعنى أنّ الحيازة تقوم في الأراضي العامرة طبيعيّاً بنفس الدور الذي يقوم به الإحياء في الأراضي الميتة بطبيعتها، ويستند هذا القول في إثبات الملكيّة بسبب الحيازة إلى الأخبار الدالّة على: أنّ من حاز ملك‏[1].

ويلاحظ على هذا القول:

أوّلًا: أنّ بعض هذه الأخبار ضعيف السند[2]، ولهذا لا حجّية له. ومنها

 

[1] المكاسب 4: 16

[2] كقوله صلى الله عليه و آله:« من سبق إلى ما لا يسبقه إليه أحد فهو أحقّ به»، فإنّه حديث مرسل، راجع مستدرك وسائل الشيعة 17: 111، الباب الأوّل من أبواب إحياء الموات، الحديث 4.( لجنة التحقيق)

522

يقرّر أنّ: «كلّ أرض لا ربّ لها هي للإمام»[1]. فإنّ هذا النصّ يعطي للإمام ملكيّة كلّ أرض ليس لها صاحب، والغابات وأمثالها من هذا القبيل؛ لأنّ الأرض لا يكون لها صاحب إلّابسبب الإحياء، والغابات حيّة طبيعيّاً دون تدخّل إنسان معيّن في ذلك، فهي لا صاحب لها في الشريعة، بل تندرج في نطاق الأراضي التي لا ربّ لها، وتخضع بالتالي لمبدأ ملكيّة الدولة.

وقد يلاحظ على هذا الرأي: أنّ تطبيق مبدأ ملكيّة الدولة (الإمام) على الغابات ونظائرها من الأراضي العامرة بطبيعتها إنّما يصحّ في الغابات التي دخلت دار الإسلام بدون حرب؛ لأنّها لا ربّ لها. وأمّا الغابات والأراضي العامرة بطبيعتها التي تفتح عنوة وتنتزع من أيدي الكفّار فهي ملك عامّ للمسلمين؛ لأنّها تندرج في النصوص التشريعيّة التي أعطت المسلمين ملكيّة الأرض المفتوحة عنوة. وإذا دخلت الغابات في نطاق الملكيّة العامّة بموجب هذه النصوص أصبحت أرضاً لها صاحب، وصاحبها هو مجموع الامّة، ولا يوجد مبرّر بعد ذلك لإدراجها ضمن الأراضي التي لا ربّ لها لكي يستوعبها النصّ القائل: «كلّ أرض لا ربّ لها للإمام».

وبتعبير آخر: أنّ نصوص الأراضي الخراجيّة بإطلاقها حاكمة[2] على نصوص الأرض التي لا ربّ لها، وهذه الحكومة تتوقّف على أن يكون موضوع نصوص‏

 

[1] وسائل الشيعة 9: 524، الباب الأوّل من أبواب الأنفال، الحديث 4، 20، 28

[2] « الحكومة» مصطلح اصوليّ يقصد به حكومة أحد الدليلين وتقديمه على الدليل الآخر كما في« لا ربا بين الوالد وولده» الحاكم على دليل حرمة الربا. ونكتة التقديم هي: أنّ الدليل الحاكم ناظر إلى الدليل المحكوم، وهذا النظر ظاهر في أنّ المتكلِّم قد أعدّه لتفسير كلامه الآخر فيكون قرينة. راجع دروس في علم الاصول 2: 537.( لجنة التحقيق)

521

قيام ملكيّة خاصّة لرقبة الأرض.

ثانياً: أنّ هذا الحقّ حقّ الأولويّة من الآخرين، بمعنى أنّ المحيي أولى بالأرض التي أحياها ممّن لم يحيها، ولا يعني ذلك أ نّه أولى بها من الإمام نفسه المالك الشرعي للأرض، فهو حقّ نسبي يتمتّع به المحيي أمام الآخرين لا أمام المالك نفسه، ولهذا كان من حقّ الإمام أن ينتزعها منه وفقاً لما يقدّره من المصلحة العامّة، كما تشير إلى ذلك رواية الكابلي‏[1].

ثالثاً: قد يقال: إنّ هذا الحقّ يختلف عن الملكيّة موضوعاً، فإنّ الملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض موضوعها الأرض نفسها، وأمّا هذا الحقّ فهو حقّ الإحياء[2]، وبهذه المناسبة يكون حقّاً في حياة الأرض التي أوجدها المحيي فيها لا في الأرض نفسها، ويترتّب على ذلك أنّ هذه الحياة إذا زالت وعادت الأرض ميتة سقط هذا الحقّ بصورة طبيعيّة؛ إذ ينتفي موضوعه، وأمّا الملكيّة المتعلّقة برقبة الأرض فيحتاج سقوطها إلى دليل؛ لأنّ موضوعها لا يزال ثابتاً.

ج- الأرض العامرة طبيعيّاً حال الفتح:

يرى كثير من الفقهاء أنّ الأراضي العامرة طبيعيّاً- بما فيها الأراضي العامرة طبيعيّاً حال الفتح- كالغابات وأمثالها تشترك مع الأراضي الموات التي مرّ الحديث عنها قبل لحظة في الشكل التشريعي للملكيّة، فهم يرون أ نّها ملك للإمام‏[3]، ويستندون في ذلك إلى النصّ التشريعي المأثور عن الأئمة عليهم السلام الذي‏

 

[1] وسائل الشيعة 25: 414، الباب 3 من أبواب إحياء الموات، الحديث 2

[2] انظر المبسوط 3: 29، وجواهر الكلام 38: 10

[3] انظر جواهر الكلام 38: 19

520

وعلى أيّ حال فلا شكّ أنّ لوليّ الأمر أن يمنع عن إحياء بعض أراضي الدولة، وأن يحدّد الكمّية التي يباح لكلّ فرد إحياؤها من تلك الأراضي إذا اقتضت المصلحة العامّة ذلك.

ونخلص من أحكام الأراضي الموات إلى النقاط الآتية:

أوّلًا: أ نّها تعتبر ملكاً للدولة.

ثانياً: أنّ إحياءها من قِبل الأفراد جائز مبدئيّاً ما لم يمنع عنه وليّ الأمر.

ثالثاً: أنّ الفرد إذا أحيا أرضاً للدولة وعمرها، كان له فيها الحقّ الذي يخوّله الانتفاع بها، ويمنع الآخرين من مزاحمته فيها، دون أن تصبح الأرض ملكاً خاصّاً له.

رابعاً: للإمام أن يتقاضى من الفرد المحيي للأرض خراجاً؛ لأنّ رقبة الأرض ملكه، ويفرض هذا الخراج وفقاً للمصلحة العامّة والتوازن الاجتماعي.

وللإمام أيضاً أن يعفو عن الخراج في ظروف معيّنة ولاعتبارات استثنائيّة نجد ذلك في السيرة النبويّة المقدّسة[1].

وعلى ضوء ما تقدّم يمكننا أن نميّز بوضوح بين الحقّ الخاصّ الذي ذكرنا أنّ الفرد يكسبه بالإحياء، وبين الملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض التي نفينا حصولها بالإحياء. ويمكن تلخيص أهمّ ما يميّز هذا الحقّ عن ملكيّة رقبة الأرض فيما يلي:

أوّلًا: أنّ هذا الحقّ يسمح للدولة بأخذ الاجرة من الفرد صاحب الحقّ لقاء انتفاعه بالأرض؛ لأنّ رقبتها تظلّ ملكاً للدولة، بينما لا مبرّر لهذه الاجرة في حالة

 

[1] انظر المبسوط 2: 29، ووسائل الشيعة 9: 523، الباب الأوّل من أبواب الأنفال، الحديث 1 و 2، والسيرة النبويّة 3: 352

519

من الناحية النظريّة، فهو جزء من الصورة الكاملة التي تعبّر عن النظريّة الإسلاميّة في المجال الذي ندرسه، سواء أخذ نصيبه من التطبيق أو اضطرّت ظروف قاهرة أو مصلحيّة لإهماله.

***

وعلى ضوء ما قدّمناه يتبيّن الفرق بين المزارع الذي يعمل في قطاع الملكيّة العامّة والمزارع الذي يعمل في قطاع ملكيّة الدولة، فإنّهما وإن كانا معاً لا يملكان رقبة الأرض ولكنّهما يختلفان في مدى علاقتهما بالأرض، فالمزارع الأوّل ليس إلّا مستأجراً فحسب- كما أكّد الفقيه المحقّق الإصفهاني في تعليقه على المكاسب‏[1]– فمن حقّ الإمام أن ينتزع منه الأرض ويعطيها لفرد آخر متى انتهت مدّة الإجارة. وأمّا المزارع الثاني فهو يتمتّع بحقّ في الأرض يخوّله الانتفاع بها، ويمنع الآخرين من انتزاعها منه ما دام قائماً بحقّها وعمارتها.

وعمليّة الإحياء في قطاع الدولة حرّة يجوز لكلّ فرد ممارستها دون إذن خاصّ من وليّ الأمر؛ لأنّ النصوص الآنفة الذكر أذنت لجميع الأفراد بالإحياء دون تخصيص، فيعتبر هذا الإذن نافذ المفعول ما لم ترَ الدولة في بعض الأحايين المصلحة في المنع. وهناك في الفقهاء من يرى أنّ الإحياء لا يجوز ولا يمنح حقّاً ما لم يكن بإذن خاصّ من وليّ الأمر، ولا يكفي الإذن الصادر من النبيّ صلى الله عليه و آله في قوله: «من أعْمَرَ أرضاً فهو أحقّ بها»[2]؛ لأنّ هذا الإذن صدر من النبيّ بوصفه حاكماً ورئيساً للدولة الإسلاميّة، لا باعتباره نبيّاً، فلا يمتدّ مفعوله مع الزمن، بل ينتهي بانتهاء حكمه.

 

[1] حاشية المكاسب 3: 21، 49

[2] صحيح البخاري 3: 140، من أحيا أرضاً مواتاً

518

للأرض الميتة وحقّها في فرض الخراج على ما يحيى منها، ولكنّه يلتقي مع موقف الشيخ الطوسي وغيره من علماء الإماميّة في القول بأنّ الأرض الميتة لا تُملك ملكيّة خاصّة، ولا تدخل رقبتها في نطاق ملكيّة المستولي عليها ولو مارس فيها عمليّة الإحياء والاستثمار[1].

ونحن حين نقتبس من فقه الشيخ الطوسي مبدأ ملكيّة الإمام بهذا المعنى الذي يسمح له بفرض الخراج على ما يحيى من الأراضي الميتة … إنّما ندرس الموقف على الصعيد النظري فحسب، إذ توجد من الناحية النظريّة- كما عرفّنا- مبرّرات لاستنباط هذا المبدأ من النصوص التشريعيّة.

وأمّا على صعيد التطبيق فلم يؤخذ بهذا المبدأ عمليّاً في الإسلام، بل جمد في المجال التطبيقي ورفع بصورة استثنائيّة عن بعض الأشخاص وفي بعض الأزمنة، كما تدلّ عليه أخبار التحليل‏[2]. وتجميد المبدأ هذا على صعيد التطبيق وفي السيرة النبويّة المقدّسة لا يمكن أن يعتبر دليلًا على عدم صحّته نظريّاً، فإنّ من حقّ النبيّ صلى الله عليه و آله العفو عن الطسق، وممارسته لهذا الحقّ لا تعني عدم السماح لإمام متأخّر بالعمل بهذا المبدأ وتطبيقه حين تزول الظروف التي كانت تمنع عن ذلك. كما أنّ النصوص التي ترفع مفعول هذا المبدأ عن بعض الأشخاص بصورة استثنائيّة لا تمنع عن اعتباره قاعدة يمكن الأخذ بها في غير مجالات استثنائها التي شرحتها أخبار التحليل.

وما دمنا في دراستنا هذه نحاول التعرّف على النظريّة الاقتصاديّة في الإسلام، فمن حقّنا أن نستوعب في دراستنا هذا المبدأ ما دام له أساس إسلامي‏

 

[1] راجع الملحق رقم 5

[2] وسائل الشيعة 9: 543، الباب 4 من أبواب الأنفال

517

وأمّا محمّد بن الحسن الشيباني فقد اعترف بدوره أيضاً بمبدأ فرض الخراج على ما يُحيى من الأرض الموات، ولكنّه اختار تفصيلًا آخر غير ما سبق عن أبي حنيفة وأبي يوسف، فقد قال: إن كانت الأرض المحياة على أنهار حفرتها الأعاجم فهي أرض خراج، وإن كانت على أنهار أجراها اللَّه عزّ وجلّ فهي أرض عشر[1].

وعلى أيّ حال فإنّ مبدأ فرض الخراج على الأرض المحياة نجده بصورة أو اخرى في اتّجاهات فقهيّة مختلفة.

ونلاحظ أنّ كلمات الفقهاء غير الإماميّين هذه لم تصل إلى الدرجة التي بلغتها فتوى الشيخ الطوسي وعدد آخر من فقهاء الإماميّة؛ لأنّها لم تتجاوز بصورة صريحة عن كونها تعبيرات متفاوتة عن حدود الأرض الخراجيّة، وأ نّها تشمل قسماً من الأراضي الموات، كموات السواد أو الموات التي تُحيى بماء الخراج، غير أ نّها- على أيّ حال- تجعلنا نجد مبدأ فرض الخراج على الأرض المحياة بصورة أو اخرى في اتّجاهات فقهيّة مختلفة. ولا يوجد ما يمنع عن اعتباره مبرّراً مبدأيّاً في الشريعة الإسلاميّة لفرض الخراج من الإمام على الأراضي المحياة.

ومن المواقف الفقهيّة الملتقية إلى درجة كبيرة مع رأي الشيخ الطوسي وغيره من علماء الإماميّة موقف لبعض فقهاء المذهب الحنفي كأبي القاسم البلخي وغيره ممّن تكلّم عن الأرض التي أحياها شخص ثمّ خربت فاستأنف إحياءها شخص آخر، إذ قالوا بأنّ الثاني أحقّ بها؛ لأنّ الأوّل ملك استغلالها لا رقبتها، فإذا تركها كان الثاني أحقّ بها[2]. وهذا الكلام وإن كان لا ينصّ على ملكيّة الدولة

 

[1] الأحكام السلطانيّة 1: 211، الهامش رقم 2

[2] راجع شرح فتح القدير 9: 4، وشرح العناية على الهداية في هامش الصفحة نفسها

516

عن انتزاعها منه، وللإمام في مقابل ذلك فرض الطسق عليه‏[1].

وهذا الرأي الفقهي الذي يعطي لملكيّة الإمام مدلولها الواقعي ويسمح له بفرض الطسق على أراضي الدولة لا نجده لدى فقهاء من شيعة أهل البيت- كالشيخ الطوسي- فحسب، بل إنّ له بذوراً وصيغاً متنوّعة في مختلف المذاهب الفقهيّة في الإسلام. فقد ذهب أحمد بن حنبل إلى أنّ الغامر الميّت من أرض السواد يعتبر أرضاً خراجيّة أيضاً، وللدولة فرض الخراج عليه بوصفه ملكاً لعامّة المسلمين، واستند في ذلك إلى ما صنعه عمر من مسح العامر والغامر من أرض السواد ووضع الخراج عليهما معاً[2]. وبعض الفقهاء جعل موات المفتوح عنوةً مطلقاً للمسلمين‏[3].

وذكر الماوردي عن أبي حنيفة وأبي يوسف: أنّ الفرد إذا أحيا أرضاً من الموات وساق إليها ماء الخراج كانت أرض خراج وكان للدولة فرض الخراج عليها[4]. ويريدان بماء الخراج: الأنهار التي فتحت عنوة كدجلة والفرات والنيل، فكلّ أرض ميتة تحيا بماء الخراج تصبح خراجيّة وداخلة في نطاق ولاية الدولة على وضع الخراج وإن لم تكن الأرض نفسها مفتوحة عنوة. وجاء في كتاب الأموال لأبي عبيد: أنّ أبا حنيفة كان يقول: أرض الخراج هي كلّ أرض بلغها ماء الخراج‏[5].

 

[1] راجع الملحق رقم 4

[2] الأحكام السلطانيّة 1: 166

[3] انظر مستمسك العروة الوثقى 9: 599

[4] الأحكام السلطانيّة 1: 211، الهامش رقم 2

[5] الأموال: 92

515

ونفس الرأي نجده في بلغة المحقّق الفقيه السيّد محمّد بحر العلوم، إذ مال إلى: «منع إفادة الإحياء التملّك المجّاني من دون أن يكون فيه حقّ، فيكون للإمام فيه بحسب ما يقاطع المحيي عليها في زمان حضوره وبسط يده، ومع عدمه فله اجرة المثل. ولا ينافي ذلك نسبة الملكيّة إلى المحيي في أخبار الإحياء- أي في قولهم: من أحيا أرضاً فهي له- وإن هي إلّاجارية مجرى كلام الملّاكين للفلّاحين في العرف العامّ، عند تحريضهم على تعمير الملك: من عمّرها أو حفر أنهارها وكرى سواقيها فهي له، الدالّة على أحقّيته من غيره، وتقدّمه على من سواه، لا على نفي الملكيّة من نفسه وسلب الملكيّة عن شخصه، فالحصّة الراجعة إلى الملّاك- المعبّر عنها بالملّاكة- مستحقّة له غير منفيّة عنه وإن أضاف الملك إليهم عند الترخيص والإذن العمومي»[1].

وهذا الرأي الفقهي الذي يقرّره الشيخ الطوسي والفقيه بحر العلوم يستند إلى عدّة نصوص ثابتة بطرق صحيحة عن أئمة أهل البيت عليٍّ وآله عليهم السلام، فقد جاء في بعضها: «من أحيا أرضاً من المؤمنين فهي له وعليه طسقها»[2]. وجاء في بعضها الآخر: «من أحيا من الأرض من المسلمين فليعمّرها، وليؤدّ خراجها إلى الإمام … وله ما أكل منها»[3].

فالأرض في ضوء هذه النصوص لا تصبح ملكاً خاصّاً لمن أحياها، وإلّا لما صحّ أن يكلّف بدفع اجرة عن الأرض للدولة، وإنّما تبقى رقبة الأرض ملكاً للإمام، ويتمتّع الفرد بحقّ في رقبة الأرض يمكنه من الانتفاع بها ومنع الآخرين‏

 

[1] بلغة الفقيه 1: 274

[2] وسائل الشيعة 9: 549، الباب 4 من أبواب الأنفال، الحديث 13

[3] تهذيب الأحكام 7: 152، الحديث 23