ما اتّسعت للمحظوظين منهم.
والإسلام- كما رأينا- قد أعاد إلى هذا السبب الفطري اعتباره؛ إذ جعل الإحياء المصدر الوحيد لاكتساب الحقّ في الأرض، وشجب الأسباب الاخرى كلّها. وبهذا أحيا الإسلام سنّة الفطرة التي كاد الإنسان المصطنع أن يطمس معالمها.
هذا فيما يتّصل باتّهام السند التاريخي لملكيّة الأرض. ولكنّ الاتّهام الأوسع والأخطر من ذلك هو اتّهام نفس فكرة الملكيّة والحقّ الخاصّ بالأرض بالذات وبشكل مطلق، كما تؤكّد عليه بعض الاتّجاهات المذهبيّة الحديثة أو نصف الحديثة- إن صحّ هذا التعبير- كالاشتراكيّة الزراعيّة، وغالباً ما نسمع بهذا الصدد:
أنّ الأرض ثروة طبيعيّة لم يصنعها إنسان، وإنّما هي هبة من هبات اللَّه، فلا يجوز لأحد أن يستأثر بها دون الآخرين.
ومهما قيل في هذا الصدد فإنّ الصورة الإسلاميّة التي قدّمناها في مستهلّ هذا الحديث سوف تبقى فوق كلّ تهمة منطقيّة؛ لأنّنا رأينا أنّ الأرض- منظوراً إليها بوضعها الطبيعي الذي هي عليه حين تسلّمت الإنسانيّة هذه الهبة من اللَّه تعالى- ليست ملكاً أو حقّاً لأيّ فرد من الأفراد، وإنّما هي ملك الإمام باعتبار المنصب لا الشخص ولا تزول- بموجب النظريّة الاقتصاديّة للإسلام عن الأرض- ملكيّة الإمام لها، ولا تصبح الأرض ملكاً للفرد بالعنف والاستيلاء، بل وحتّى بالإحياء، وإنّما يعتبر الإحياء مصدراً لحقّ الفرد في الأرض، فإذا بادر شخص بصورة مشروعة إلى إحياء مساحة من الأرض وأنفق فيها جهوده كان من الظلم أن يساوى في الحقوق بينه وبين سائر الأفراد الذين لم يمنحوا تلك الأرض شيئاً من جهودهم، بل وجب اعتباره أولى من غيره بالأرض والانتفاع بها.
فالإسلام يمنح العامل في الأرض حقّاً يجعله أولى من غيره، ويسمح من