يملك بالاكتشاف خلال عمليّات الحفر[1].
ويستندون في ذلك إلى أنّ اكتشاف المعدن بالحفر لون من ألوان الإحياء، والموارد الطبيعيّة تملك بالإحياء. كما أ نّه اسلوب للحيازة، والحيازة تعتبر سبباً لتملّك ثروات الطبيعة على اختلافها.
ونحن حين ندرس هذا الرأي من الناحية المذهبيّة يجب أن لا نفصله عن التحفّظات التي احيط بها، والحدود التي فرضت فيه على ملكيّة المعدن حين سمح بها لمن يكتشفه.
فملكيّة المعدن التي يظفر بها المكتشف- على هذا الرأي- لا تمتدّ في أعماق الأرض إلى عروق المادّة المعدنيّة وجذورها، وإنّما تشمل المادّة التي كشف عنها الحفر. كما أ نّها لا تمتدّ افقيّاً خارج حدود الحفرة التي أنشأها المكتشف إلّابالقدر الذي يتوقّف عليه ممارسته لاستخراج المادّة من الحفرة، وهو ما يسمّى فقهيّاً بحريم المعدن[2].
ومن الواضح أنّ هذه الأبعاد للملكيّة محدودة وضيّقة إلى حدّ كبير وتسمح لأيّ فرد آخر أن يمارس عمليّات الحفر في موضع آخر من نفس ذلك المعدن، ولو كان يمتصّ في الحقيقة نفس الينابيع والجذور التي يمتصّها المكتشف الأوّل؛ لأنّ الأوّل لا يملك العروق والينابيع.
وهذا التحديد في ملكيّة المعدن الباطن لدى القائلين بها واضح في عدّة نصوص فقهيّة، فقد قال العلّامة الحلّي في القواعد: «لو حفر فبلغ المعدن، لم يكن له منع غيره من الحفر من ناحية اخرى، فإذا وصل- الغير- إلى العرق لم يكن له
[1] لاحظ الروضة البهيّة 4: 66، وجواهر الكلام 38: 110
[2] انظر جواهر الكلام 38: 110- 113