کتابخانه
550

وأمّا المعادن الباطنيّة: فهي كلّ معدن احتاج في إبراز خصائصه المعدنيّة إلى عمل وتطوير، كالحديد والذهب‏[1]، فإنّ مناجم الحديد والذهب لا تحتوي على حديد أو ذهب ناجز ينتظر أن يصل الإنسان إلى أعماقه ليأخذ منه ما شاء، وإنّما تضمّ تلك المناجم موادّ يجب أن ينفق عليها كثير من الجهد والعمل؛ لكي تصبح حديداً وذهباً، كما يفهمه ممارسو الحديد والذهب.

فظهور المعدن وبطونه في المصطلح الفقهي يرتبطان بطبيعة المادّة ودرجة إنجاز الطبيعة لها، لا بمكانها ووجودها قريباً من سطح الأرض، أو في أعماقها وأغوارها.

وقد قال العلّامة الحلّي في التذكرة لإيضاح هذا المصطلح الفقهي الذي شرحناه: «إنّ المراد بالظاهر: ما يبدو جوهرها من غير عمل، وإنّما السعي والعمل لتحصيله إمّا سهلًا أو متعباً، ولا يفتقر إلى إظهار، كالملح، والنفط، والقار، والقطران، والموميا، والكبريت، وأحجار الرحى، والبرمة، والكحل، والياقوت، ومقالع الطين، وأشباهها. والمعادن الباطنة: هي التي لا تظهر إلّابالعمل، ولا يوصل إليها إلّابعد المعالجة والمؤونة عليها، كمعادن الذهب، والفضّة، والحديد، والنحاس، والرصاص …»[2].

المعادن الظاهرة:

أمّا المعادن الظاهرة- كالملح والنفط- فالرأي الفقهي السائد فيها هو: أ نّها من المشتركات العامّة بين كلّ الناس‏[3]، فلا يعترف الإسلام لأحد بالاختصاص‏

 

[1] انظر جواهر الكلام 38: 110

[2] تذكرة الفقهاء( ط. الحجريّة) 2: 403

[3] انظر الروضة البهيّة 4: 65

549
[2] الموادّ الأوّليّة في الأرض‏

تأتي الموادّ الأوّليّة التي تحويها الطبقة اليابسة في الأرض والثروات المعدنيّة الموجودة فيها بعد الأرض مباشرة في الأهمّية، وخطورة الدور الذي تمارسه في حياة الإنسان الإنتاجيّة والاقتصاديّة؛ لأنّ كلّ ما يتمتّع به الإنسان في الحقيقة من سلع وطيّبات مادّية مردّها في النهاية إلى الأرض وما تزخر به من موادّ وثروات معدنيّة؛ ولذلك كانت جلّ فروع الصناعة تعتمد وتتوقّف على الصناعات الاستخراجيّة التي يمارس الإنسان فيها الحصول على تلك الموادّ والمعادن.

ويقسّم الفقهاء عادة المعادن إلى قسمين، وهما: المعادن الظاهرة، والمعادن الباطنة.

فالمعادن الظاهرة: هي الموادّ التي لا تحتاج إلى مزيد عمل وتطوير لكي تبدو على حقيقتها، ويتجلّى جوهرها المعدني، كالملح والنفط مثلًا. فنحن إذا نفذنا إلى آبار النفط فسوف نجد المعدن بوجهه الحقيقي، ولن نحتاج إلى جهد في تحويله إلى نفط وإن كنّا بحاجة إلى جهود كبيرة في الوصول إلى آبار النفط واكتشافها، وفي تصفية النفط بعد ذلك.

فالمعدن الظاهر في العرف الفقهي ليس هو ما يبدو من معنى اللفظ لغة، أي الظاهر الذي لا يحتاج إلى حفر ومؤونة في التوصّل إليه، بل هو كلّ معدن تكون طبيعته المعدنيّة بارزة، سواء احتاج الإنسان إلى حفر وجهد كبير للوصول إلى آباره وعيونه في أعماق الطبيعة، أو وجده بيسر وسهولة على سطح الأرض‏[1].

 

[1] الروضة البهيّة 4: 65، وجواهر الكلام 38: 100- 101

548

موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج‏3، ص: 548

فالمبدأ في الأرض هو ملكيّة الدولة، وإلى جانب هذا المبدأ يوجد حقّ الإحياء، وهو الحقّ الذي يجعل المحيي أو من انتقلت إليه الأرض من المحيي أولى بالأرض من غيره، وهذا الحقّ يكسبه الفرد إذا مارس الإحياء في حالة عدم منع الإمام منه، سواء كان مسلماً أو كافراً، ويكون حقّاً خاصّاً، غير أ نّه إذا كان كافراً واحتلّ المسلمون أرضه عنوة في حرب جهاديّة تحوّل هذا الحقّ الخاصّ إلى حقّ عامّ وأصبح قائماً بالامّة الإسلاميّة ككلّ.

وإذا لوحظ أنّ الأرض الخراجيّة لا يجوز للإمام إخراجها عن كونها خراجيّة ببيع رقبتها أو هبتها أمكن القول بأنّ هذا الحقّ العامّ وإن كان لا يقطع صلة الدولة برقبة الأرض وملكيّتها لها ولكنّه يحوّل الأرض من الأموال الخاصّة للدولة إلى الأموال العامّة لها، التي لا بدّ أن تستثمرها في المصالح المقرّرة لها مع الاحتفاظ بها، وهذا ما يؤكّده التعبير عن الأرض الخراجيّة بأ نّها موقوفة[1]؛ ولأجل ذلك سوف نعبّر بالملكيّة العامّة عن كلّ حالة من هذا القبيل تمييزاً لها عن حالات ملكيّة الدولة البحتة، وهي حالات كون الرقبة ملكاً للدولة مع عدم وجود حقّ عامّ من هذا النوع.

 

 

[1] تهذيب الأحكام 4: 130، ذيل الحديث 366

547

واستثمارها؛ لأنّ رقبتها لا تزال ضمن نطاق ملكيّة الدولة.

ثالثاً: الأرض التي صولح أهلها على أن تكون لهم.

وهنا في الحقيقة عقد تنقل الدولة بموجبه ملكيّة هذه الأرض إلى المصالحين في مقابل امتيازات معيّنة تكسبها كالجزية مثلًا، وقد سبق أنّ الأراضي التي تملكها الدولة تعتبر من الأموال الخاصّة للدولة التي يمكن لها أن تتصرّف فيها بمعاوضة ونحوها. ولكنّ عقد الصلح هذا عقد سياسي بطبيعته، وليس عقد معاوضة، فهو لا يعني حقّاً إسقاط ملكيّة الدولة أو النبيّ والإمام لرقبة الأرض ونقلها إليهم، وإنّما يعني رفع اليد عن أرضهم وتركها لهم في مقابل امتيازات معيّنة، ووجوب الوفاء بهذا العقد يحتّم على الإمام أ لّايفرض عليهم اجرة في مقابل انتفاعهم بالأرض، وهذا غير نقل ملكيّة الرقبة، فالمصالحة على أن تكون الأرض لهم تعني المدلول العملي لهذه العبارة، لا المدلول التشريعي؛ لأنّ المدلول العملي هو كلّ ما يهمّ الكفّار المصالحين، فهي نظير عقد الذمّة الذي هو عقد سياسي تتنازل فيه الدولة عن جباية الزكاة والخمس من الذمّي في مقابل إعطاء الجزية، فإنّ هذا لا يعني سقوط الزكاة عن الكافر من الوجهة التشريعيّة، وإنّما يعني إلزام الدولة بأن لا تمارس جباية هذه الضريبة وإن كانت ثابتة تشريعاً.

فإذا تمّ كلّ ما تقدّم أمكن القول بأنّ الأرض كلّها ملك الدولة أو المنصب الذي يمثّله النبيّ أو الإمام، ولا استثناء لذلك إطلاقاً. وعلى هذا الضوء نفهم قول الإمام عليّ في رواية أبي خالد الكابلي، عن محمّد بن علي الباقر عليه السلام، عنه عليه السلام:

«والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمرها وليؤدّ خراجها إلى الإمام»[1].

 

[1] وسائل الشيعة 25: 414، الباب 3 من أبواب إحياء الموات، الحديث 2

546

أوّلًا: الأرض المفتوحة عنوة العامرة بعد الفتح:
وقد تقدّم أنّ هذه الأرض يحكم بأ نّها ملك عامّ للمسلمين، ولهذا قلنا: إنّها تدخل في نطاق الملكيّة العامّة للُامّة، لا في نطاق ملكيّة الدولة. ولكن يمكن أن نقول بهذا الصدد: إنّ هذه الأرض إذا نظرنا إليها قبل الفتح نجد أ نّها أرض ميتة قد أحياها كافر، فتكون رقبتها على ضوء ما تقدّم ملكاً للإمام أو الدولة، وللكافر المحيي لها أو لمن انتقلت إليه من المحيي حقّ الإحياء، والروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام بشأن الأرض المفتوحة وأ نّها للمسلمين لا يفهم منها سوى أنّ ما كان للكافر من حقّ في الأرض ينتقل بالفتح إلى الامّة، ويصبح حقّاً عامّاً، ولا تدلّ على أنّ حقّ الإمام يسقط بالفتح؛ لأنّ المسلمين إنّما يغنمون من أعدائهم لا من إمامهم، وعلى هذا فسوف تظلّ رقبة الأرض ملكاً للإمام، ويتحوّل ما فيها من حقّ خاصّ إلى حقّ عامّ للُامّة.
ثانياً: الأرض التي أسلم أهلها عليها طوعاً:
وقد تقدّم أنّ هذه الأرض ملك خاصّ لأصحابها، غير أنّ بالإمكان القول بأنّ الروايات الواردة لبيان حكم هذه الأرض كانت متّجهة إلى الأمر بتركها في أيدي أصحابها في مقابل ما يصنع بالأرض المفتوحة من تجريد أصحابها من حقوقهم فيها، فما يترك لمن أسلم طوعاً هو نفس ما ينتزع من حقّ ممّن قهر عنوة، وهذا هو الحقّ الخاصّ دون ملكيّة رقبة الأرض.
وبكلمة اخرى: أنّ الأرض قبل إسلام أهلها عليها طوعاً كانت ملكاً للدولة بحكم دليل الأنفال، وكان لصاحبها حقّ خاصّ فيها هو حقّ الإحياء، والإسلام يحقن ما له من حقوق، لا أ نّه يمنحه من الحقوق ما لم يكن له وعليه، فيظلّ محتفظاً بحقّ الإحياء مع بقاء الأرض ملكاً للدولة، ولهذا وجدنا أ نّه إذا أخلّ بواجبه وأهمل الأرض ولم يعمرها كان على الإمام أن يبادر إلى الاستيلاء عليها

545

سلطانها، وإلّا لشكّل ذلك عقبة كبيرة في وجه الدعوة وامتدادها في مختلف مراحلها.

وبالرغم من إعطاء الإسلام لهؤلاء حقّ الملكيّة الخاصّة فإنّه لم يمنحها بشكل مطلق، وإنّما حدّدها باستمرار هؤلاء الأفراد في استثمار أراضيهم، والعمل لإسهامها في الحياة الإسلاميّة. وأمّا إذا أهملوا الأرض حتّى خربت فإنّ عدداً من الفقهاء كابن البرّاج وابن حمزة يرى أ نّها تعود عندئذٍ ملكاً للُامّة[1].

نظرة الإسلام في ضوء جديد:

ويمكننا أن نتجاوز ما وصلنا إليه من استنتاجات حتّى الآن عن نظرة الإسلام التشريعيّة إلى الأرض؛ لنضع هذه النظرة في إطار أكثر اتّساقاً على ضوء بعض المواقف الفقهيّة الخاصّة من النصوص، ويتمثّل ذلك في المحاولة التالية:

إنّنا لاحظنا قبل لحظات أنّ الأرض حينما ينظر إليها ضمن وضعها الطبيعي وبصورة مستقلّة عن الاعتبارات السياسيّة تعتبر إسلاميّاً ملكاً للدولة؛ لأنّها إمّا ميتة بطبيعتها أو حيّة، وكلا القسمين ملك للإمام. كما رأينا أنّ الفرد بممارسة الإحياء للأرض الميتة يكتسب حقّاً خاصّاً يجعله أولى بها من الآخرين ما دامت حيّة، وبممارسته للانتفاع بالأرض العامرة يكتسب حقّاً يجعله أولى بالانتفاع بها ما دام مواصلًا لذلك.

والآن نريد أن نجد ما إذا كانت هناك تعديلات يجب إدخالها على هذه الصورة التشريعيّة، وما هي حدود هذه التعديلات؟ وذلك ضمن النقاط التالية:

 

 

[1] المهذّب 1: 182، والوسيلة: 132

544

وفي هذا الضوء نعرف أنّ المجال الأساسي للملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض في التشريع الإسلامي هو ذلك القسم من الأرض الذي كان ملكاً لأصحابه، وفقاً لأنظمة عاشوها قبل الإسلام، ثمّ استجابوا للدعوة ودخلوا في الإسلام طوعاً أو صالحوها، فإنّ الشريعة تحترم ملكيّاتهم وتقرّهم على أموالهم‏[1].

وأمّا في غير هذا المجال، فالأرض تعتبر ملكاً للإمام، ولا تعترف الشريعة بتملّك الفرد لرقبتها، وإنّما يمكن للفرد الحصول على حقّ خاصّ فيها عن طريق الإعمار والاستثمار، كما مرّ في رأي الشيخ الطوسي. وهذا الحقّ وإن كان لا يختلف عمليّاً في واقعنا المعاش عن الملكيّة ولكنّه يختلف عنها نظريّاً؛ لأنّ الفرد ما دام لا يملك رقبة الأرض ولا ينتزعها من نطاق ملكيّة الإمام فللإمام أن يفرض عليه الخراج، كما قرّره الشيخ الطوسي، وإن كنّا غير مسؤولين فعلًا عن هذا الخراج من الناحية العمليّة؛ لأجل أخبار التحليل التي رفعته بصورة استثنائيّة مع اعترافها به نظريّاً.

فالشريعة على الصعيد النظري إذن لم تعترف بالملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض إلّافي حدود احترامها للملكيّات الثابتة في الأرض قبل دخولها في حوزة الإسلام طوعاً وصلحاً.

ويمكننا بسهولة أن نجد المبرّرات السياسيّة لهذا الاعتراف إذا ربطناه باعتبارات الدعوة ومصلحتها الرئيسيّة، بدلًا عن ربطه بالمضمون الاقتصادي للنظرة الإسلاميّة؛ لأنّ اولئك الذين أسلموا على أراضيهم طوعاً، أو دخلوا في حوزة الإسلام صلحاً كان من الضروري أن تترك المساحات التي عمروها في أيديهم، وأن لا يطالبوا بتقديمها إلى دولة الدعوة التي دخلوا فيها أو انضمّوا إلى‏

[1] انظر جواهر الكلام 21: 171- 175

543

نوعين؛ لأنّ الأرض تارةً تفتح فتحاً جهاديّاً على يد جيش الدعوة، واخرى يسلم عليها أهلها طوعاً:
فإن كان ضمّ الأرض إلى حوزة الإسلام ومساهمتها في الحياة الإسلاميّة نتيجة للفتح فالعمل السياسي هنا يعتبر عمل الامّة، لا عمل فرد من الأفراد؛ ولذلك تكون الامّة هي صاحبة الأرض، ويطبّق على الأرض- لأجل ذلك- مبدأ الملكيّة العامّة.
وإن كان ضمّ الأرض العامرة وإسهامها في الحياة الإسلاميّة عن طريق إسلام أهلها عليها كان العمل السياسي هنا عمل الأفراد، لا عمل الامّة؛ ولأجل ذلك اعترف الإسلام هنا بحقّهم في الأرض العامرة التي أسلموا عليها، وسمح لهم بالاحتفاظ بها.
وهكذا نعرف أنّ العمل السياسي يقوم بدورٍ في النظرة الإسلاميّة العامّة إلى الأرض، ولكنّه لا ينتزع طابع اللافرديّة في الملكيّة إذا كان عملًا جماعيّاً تشترك فيه الامّة بمختلف ألوان الاشتراك كالفتح، بل تصبح الأرض عندئذٍ ملكاً عامّاً للُامّة. والملكيّة العامّة للُامّة تتّفق في الجوهر والمغزى الاجتماعي مع ملكيّة الدولة وإن كانت ملكيّة الدولة أرحب منها وأوسع؛ لأنّ ملكيّة الامّة بالرغم من كونها عامّة داخل نطاق الامّة لكنّها خاصّة بالامّة على أيّ حال، ولا يجوز استخدامها إلّافي مصالحها العامّة. وأمّا ملكيّة الدولة فيمكن للإمام استثمارها في نطاق أوسع. فالعمل السياسي الجماعي بالنسبة إلى الأراضي العامرة التي فتحها المسلمون أنتج وضعها في نطاق إسلامي بدلًا عن نطاق إنساني أوسع، ولم يخرجها عن طابع اللافرديّة في الملكيّة على أيّ حال، وإنّما تخرج الأرض عن هذا الطابع، وتخضع لمبدأ الملكيّة الخاصّة حين يكون العمل السياسي عملًا فرديّاً، كإسلام الأفراد على أراضيهم طوعاً.

542

الناحية النظريّة للإمام بفرض الضريبة أو الطسق عليه؛ لتساهم الإنسانيّة الصالحة كلّها في الاستفادة من الأرض عن طريق الانتفاع بهذا الطسق.
ولمّا كان الحقّ في نظر الإسلام يقوم على أساس العمل الذي أنفقه الفرد على الأرض فهو يزول- بطبيعة الحال- إذا استهلكت الأرض ذلك العمل، وتطلّبت المزيد من الجهد لمواصلة نشاطها وإنتاجها، فامتنع صاحب الأرض من عمرانها وأهملها حتّى خربت، والأرض- في هذه الحالة- تنقطع صلتها بالفرد الذي كان يمارسها؛ لزوال المبرّر الشرعي الذي كان يستمدّ منه حقّه الخاصّ فيها، وهو عمله المتجسّد في عمران الأرض وحياتها.

العنصر السياسي في ملكيّة الأرض:

والآن وقد استوعبنا النظريّة الاقتصاديّة للإسلام نحو الأرض يتحتّم علينا أن نبرز العنصر السياسي الذي يكمن في نظرة الإسلام العامّة إلى الأرض، فإنّ الإسلام قد اعترف إلى جانب الإحياء- الذي هو عمل اقتصادي بطبيعته- بالعمل السياسي. والعمل السياسي الذي يتجسّد في الأرض ويمنح العامل حقّاً فيها هو العمل الذي يتمّ بموجبه ضمّ الأرض إلى حوزة الإسلام، وجعلها مساهمة بالفعل في الحياة الإسلاميّة، وتوفير إمكاناتها المادّية.
وفي الواقع أنّ مساهمة الأرض فعلًا في الحياة الإسلاميّة وتوفير إمكاناتها المادّية تنشأ تارةً عن سبب اقتصادي، وهو عمليّة الإحياء التي ينفقها الفرد على أرض داخلة في حوزة الإسلام؛ لتدبّ فيها الحياة وتساهم في الإنتاج. كما تنشأ تارةً اخرى عن سبب سياسي، وهو العمل الذي يتمّ بموجبه ضمّ أرض حيّة عامرة إلى حوزة الإسلام، وكلّ من العملين له اعتباره الخاصّ في الإسلام.
وهذا العمل الذي ينتج ضمّ أرض حيّة عامرة إلى حوزة الإسلام على‏