الطبيعيّة، وسياسة الإنتاج العامّة في ضوء الواقع الموضوعي، والمثل المتبنّي للعدالة.
وفي هذا الضوء نستطيع أن نفهم دور الإقطاع ومصطلحه الفقهي، فهو اسلوب من أساليب استثمار الموادّ الخام يتّخذه الإمام حين يرى أنّ السماح للأفراد باستثمار تلك الثروات أفضل الأساليب للاستفادة منها في ظرف معيّن.
فإقطاع الإمام منجم الذهب لشخص معناه السماح له بإحياء ذلك المنجم واستخراج المادّة منه؛ ولذلك لا يجوز للإمام إقطاع الفرد ما يزيد على طاقته ويعجز عن استثماره، كما نصّ على ذلك العلّامة الحلّي في التحرير[1] والتذكرة[2] وفقهاء شافعيّون وحنابلة[3]؛ لأنّ الإقطاع الإسلامي هو السماح للفرد باستثمار الثروة المقطعة والعمل عليها، فإذا لم يكن الفرد قادراً على العمل لم يكن الإقطاع مشروعاً. فهذا التحديد من الإقطاع يعكس بوضوح طبيعة الإقطاع بوصفه اسلوباً من أساليب تقسيم العمل واستثمار الطبيعة.
ولم يعتبر الإسلام الإقطاع سبباً لتملّك الفرد المقطع المصدر الطبيعي الذي أقطعه الإمام إيّاه؛ لأنّ هذا ممّا يحرّفه عن وصفه اسلوباً من أساليب الاستثمار وتقسيم الطاقات العمليّة، وإنّما جعل للفرد المقطع حقّاً في استثمار المصدر الطبيعي، وهذا الحقّ يعني أنّ له العمل في ذلك المصدر، ولا يجوز لغيره انتزاعه منه والعمل فيه بدلًا عنه، كما صرّح بذلك العلّامة الحلّي في القواعد، قائلًا: بأن
[1] تحرير الأحكام الشرعيّة 2: 131
[2] تذكرة الفقهاء( ط. الحجريّة) 2: 411
[3] راجع نهاية المحتاج 5: 341، ومغني المحتاج 2: 368، والمغني 6: 166