الفرد من إحياء الأرض إلى تملّكه لها ملكيّة خاصّة، فتخرج الأرض بسبب الإحياء عن نطاق ملكيّة الدولة إلى نطاق الملكيّة الخاصّة، ويملك الفرد الأرض التي أحياها نتيجة لعمله المنفق عليها، الذي بعث فيها الحياة[1].
وهناك رأي فقهي آخر يبدو أكثر انسجاماً مع النصوص التشريعيّة، يقول:
إنّ عمليّة الإحياء لا تغيّر من شكل ملكيّة الأرض، بل تظلّ الأرض ملكاً للإمام أو لمنصب الإمامة، ولا يسمح للفرد بتملّك رقبتها وإن أحياها، وإنّما يكتسب بالإحياء حقّاً في الأرض دون مستوى الملكيّة، ويخوّل له بموجب هذا الحقّ استثمار الأرض والاستفادة منها، ومنع غيره ممّن لم يشاركه جهده وعمله من مزاحمته وانتزاع الأرض منه ما دام قائماً بواجبها. وهذا القدر من الحقّ لا يعفيه من واجباته تجاه منصب الإمامة بوصفه المالك الشرعي لرقبة الأرض، فللإمام أن يفرض عليه الاجرة أو الطسق- كما جاء في الحديث[2]– بالقدر الذي يتناسب مع المنافع التي يجنيها الفرد من الأرض التي أحياها.
وقد أخذ بهذا الرأي الفقيه الكبير الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي في بحوث الجهاد من كتابه المبسوط في الفقه، إذ ذكر: أنّ الفرد لا يملك رقبة الأرض بالإحياء، وإنّما يملك التصرّف، بشرط أن يؤدّي إلى الإمام ما يلزمه عليها ..
وإليكم نصّ عبارته:
«فأمّا الموات فإنّها لا تغنم، وهي للإمام خاصّة، فإن أحياها أحد من المسلمين كان أولى بالتصرّف فيها، ويكون للإمام طسقها»[3].
[1] جواهر الكلام 38: 9
[2] سيأتي في الصفحة القادمة
[3] المبسوط 2: 29