ومن الإطارات الفكريّة التي تلعب دوراً فعّالًا في عمليّة فهم النصّ: الإطار اللغوي، كما إذا كانت الكلمة الأساسيّة في النصّ لفظاً مشحوناً بالتاريخ، أي ممتدّاً ومتطوّراً عبر الزمن، فمن الطبيعي أن يبادر الممارس بصورة عفويّة إلى فهم الكلمة كما تدلّ عليه في واقعها، لا في تاريخها البعيد. وقد يكون هذا المدلول حديثاً في عمر الكلمة، ونتاجاً لغويّاً لمذهب جديد، أو حضارة ناشئة، ولأجل ذلك يجب عند تحديد معنى النصّ الانتباه الشديد إلى عدم الاندماج في إطار لغوي حادث لم يعش مع النصّ منذ ولادته.
وقد يتّفق أن تساهم عمليّة الإشراط الاجتماعي للملكيّة في تضليل الممارس للنصّ عن الفهم الصحيح. فالكلمة حتّى إذا كانت محتفظة بمعناها الأصيل على مرّ الزمن قد تصبح- خلال ملابسات اجتماعيّة معيّنة بيّن مدلولَها فكر خاصّ أو سلوك معيّن- مشروطة بذلك الفكر أو السلوك، حتّى ليطغى أحياناً مدلولها السيكولوجي- على أساس عمليّة الإشراط التي ينتجها وضع اجتماعي معيّن- على مدلولها اللغوي الأصيل، أو يندمج على أقلّ تقدير المعطى اللغوي للكلمة بالمعطى الشرطي النفسي الذي هو في الحقيقة نتيجة وضع اجتماعي يعيشه الممارس أكثر من كونه نتيجة للكلمة ذاتها.
وخذ إليك مثلًا كلمة (الاشتراكيّة) فقد اشرطت هذه الكلمة- خلال مذاهب اجتماعيّة حديثة عاشها الإنسان المعاصر- بكتلة من الأفكار والقِيَم والسلوك، وأصبحت هذه الكتلة تشكّل إلى حدٍّ ما جزءاً مهمّاً من مدلولها الاجتماعي اليوم، وإن لم تكن على الصعيد اللغوي المجرّد تحمل شيئاً من هذه الكتلة. ويناظرها كلمة (الرعيّة) التي حمّلها تاريخ الإقطاع تبعة كبيرة، وأشرطها بسلوك الإقطاعي صاحب الأرض مع الأقنان الذين يزرعون له أرضه. فإذا جئنا إلى نصوص تشتمل على كلمة الاشتراكيّة أو كلمة الرعيّة، كالنصّ القائل: الناس شركاء في