الاسس المنطقية للاستقراء
508

أنّ قيمة العضو الواحد في (ه) أصغر منها في (س)، وقيمة نفي العضو الواحد في (ه) أكبر منها في (س). وذلك لأنّ كلّ الاحتمالات التي تتضمّن أنّ (ي) لا تزيد على (ط) تستلزم أنّ (ه) أكبر من (س). وأمّا الاحتمالات التي تتضمّن أنّ (ي) تزيد على (ط) فهي لا تستلزم أنّ (س) أكبر من (ه). فهناك إذن قيم احتمالية تثبت أنّ (ه) أكبر من (س) وأكثر أطرافاً، ولا توجد قيم احتمالية مناظرة تثبت العكس.
رابعاً: إذا احتفظنا من الفقرة السابقة ب (ه) و (ط) و (ي)، وكنّا نعرف أنّ (ه) أكثر أطرافاً من (ط)، ولا نعلم عن (ي) شيئاً، ولم نفترض (س)، فإنّ (ه) يكون في قوّة علم أكثر أطرافاً من (ي)؛ لأنّ كلّ الاحتمالات التي تتضمّن أنّ (ي) لا يزيد على (ط) تستلزم أنّ (ه) أكبر من (ي)، وأمّا الاحتمالات التي تتضمّن أنّ (ي) تزيد على (ط) فلا تستلزم العكس. وعلى هذا الأساس تكون قيمة العضو الواحد من (ه) أصغر من قيمة العضو الواحد من (ي)، وقيمة نفي العضو في (ه) أكبر منها في (ي).
وهذه الفقرات تشكّل قاعدة للتحديد النسبي لقيمة احتمال العضو الواحد المنتسب إلى علم نجهل عدد أطرافه.
خامساً: وعلى ضوء ذلك نستطيع أن نفترض أنّ عدد أطراف (العلم- 1) وعدد أطراف (العلم 1) متساويان، بمعنى أنّ العلم الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات التي تتطلّبها فرضية ذات حكيمة خالقة لسقراط، والعلم الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات التي تتطلّبها فرضية وجود سقراط صدفة، متساويان في القيمة الاحتمالية التي يحدّدانها لكلّ عضو، تطبيقاً للفقرة الاولى من القاعدة المتقدّمة. إذ لا نملك أيّ فكرة عن العدد فيهما، ويوجد

507

منهما، سوى أ نّا نعلم بأنّ (س) أكثر أطرافاً من (ي). فنحن نواجه في هذه الحالة أربعة علوم إجمالية لا نعلم عن عدد أطرافها شيئاً، سوى أنّ الأطراف في (ه) أكثر منها في (ط)، وأنّ الأطراف في (س) أكثر منها في (ي).
وفي هذه الحالة تكون القيمة الفعلية لاحتمال العضو الواحد من (ه) تساوي القيمة الفعلية لاحتمال العضو الواحد من (س)، والقيمة الفعلية لاحتمال العضو الواحد من (ط) تساوي القيمة الفعلية لاحتمال العضو الواحد من (ي). وهذا يعني أنّ قيمة العضو الواحد من (ه) أصغر من قيمة العضو الواحد من (ي)، كما هو أصغر من قيمة العضو الواحد من (ط) الذي نعلم مسبقاً بأ نّه أقلّ أطرافاً من (ه). وبالعكس تكون قيمة نفي عضو معيّن من (ه) أكبر من قيمة نفي عضو معيّن من (ي)، كما هو أكبر من نفي عضو معيّن من (ط).
وذلك لأنّ كلّ الاحتمالات التي تفترض أنّ أعضاء (ه) لا تقلّ على الأقلّ عن أعضاء (س)، تدلّ على أنّ أعضاء (ه) أكثر من أعضاء (ي). فهناك عامل في صالح احتمال أن تكون أعضاء (ه) أكثر من أعضاء (ي) لا يوازيه عامل معاكس في صالح احتمال أن تكون أعضاء (ي) أكثر من أعضاء (ه).
ثالثاً: إذا افترضنا أ نّا واجهنا علوماً إجمالية أربعة: (ه) (ط) (س) (ي)، وكنّا لا نعلم عدد الأطراف في كلّ واحد من هذه العلوم الأربعة، غير أ نّنا نعلم أنّ عدد الأطراف في (ه) أكبر منه في (ط)، وعدد الأطراف في (س) أكبر منه في (ي). ونعلم أيضاً أنّ نسبة زيادة عدد الأعضاء في (ه) على عدد الأعضاء في (ط) أكبر من نسبة زيادة عدد الأعضاء في (س) على عدد الأعضاء في (ي).
ففي هذه الحالة سوف يكون (ه) في قوّة علم أكثر أعضاءً من (س)، بمعنى‏

506

الفعلية للعضو الواحد من أحد العلمين، والقيمة الفعلية للعضو الواحد من العلم الآخر متساويتان. وذلك لأنّ قيمة العضو المنتسب إلى علم إجمالي لا نعرف عدد أعضائه تحدّد بالطريقة التالية:
نفترض أنّ (ن 2) هي قيمة احتمال أن يكون عدد أطراف العلم الإجمالي اثنين، وأنّ (ن 3) هي قيمة احتمال أن يكون العدد ثلاثة، وهكذا. ونفترض أنّ (ه 2) هي قيمة احتمال العضو الواحد على أساس افتراض (ن 2)، وأنّ (ه 3) هي قيمة احتمال العضو الواحد على أساس افتراض (ن 3) وهكذا. وعلى هذا نحدّد قيمة العضو الواحد بما يلي:
قيمة العضو الواحد/ ن 2* ه 2+ ن 3* ه 3+ ن 4* ه 4+ …
ومن الواضح أ نّا حين نواجه علمين إجماليين بالنحو الذي افترضناه، سوف تكون العملية التي تحدّد قيمة العضو في كلّ منهما، مطابقة تماماً للعملية التي تحدّد قيمة العضو في الآخر، وبذلك تكون القيمة الاحتمالية لهما واحدة.
وهذا يعني في نفس الوقت أنّ قيمة نفي عضو واحد محدّد في أحدهما هي نفس قيمة نفي عضو واحد محدّد في الآخر؛ لأنّ قيمة كلّ من النفيين هي (رقم اليقين ناقصاً قيمة العضو الواحد)، وحيث أنّ رقم اليقين واحد فيهما، وقيمة العضو الواحد واحدة فيهما أيضاً، فمن الضروري أن تكون قيمة النفي واحدة فيهما كذلك.
ثانياً: أ نّا كلّما واجهنا مجموعة ثنائية تضمّ علمين إجماليين نرمز إليهما ب (ه، ط)، ولا نملك فكرة عن عدد الأطراف في أيّ واحد منهما، سوى أ نّا نعلم بأنّ (ه) أكثر أطرافاً من (ط)، وواجهنا مجموعة ثنائية تضمّ علمين إجماليين آخرين نرمز إليهما ب (س، ي)، ولا نملك فكرة عن عدد الأطراف في أيّ واحد

505

وكلّ احتمالات الجزاء- باستثناء الاحتمال الأخير- تنفي صدق الشرط، وبهذا يحصل نفي الشرط- أي إثبات الفرضية الاولى- على قيمة احتمالية لا تقلّ عن قيمة « (العلم 1)- قيمة ن».
3- ولكي تحدّد القيمة النهائية لاحتمال الفرضية الاولى فعلًا، لا بدّ من ضرب عدد أطراف (العلم 1) بعدد أطراف (العلم- 1)، وطرح الحالات غير المحتملة، وتحديد القيمة النهائية على أساس العلم الثالث الحاصل بالضرب.
ولكن هذا يواجه صعوبة كبيرة، وهي أ نّنا لا نعرف عدد أطراف كلّ من العلمين، فكيف نستطيع أن نحدّد عدد أطراف العلم الثالث، وبالتالي نحدّد القيمة النهائية؟
4- وبهذا الصدد يجب أن نضع قاعدة لتقييم احتمال العضو الواحد في مجموعات العلوم الإجمالية التي لا نملك فكرة عن عددها.
والواقع أنّ التحديد المطلق لهذه القيمة غير ممكن؛ لأنّه يتوقّف على استخراج الكسر الذي يعبّر مقامه عن عدد أطراف العلم ويعبّر بسطه عن واحد.
وما دمنا لا نعرف عدد أطراف العلم فسوف يكون المقام في الكسر مجهولًا، ومع الجهل بذلك يتعذّر التحديد المطلق لقيمة العضو الواحد. ولكن يمكن التحديد النسبي لهذه القيمة، أي معرفة أ نّها تساوي أو أكبر أو أصغر من قيمة اخرى، وذلك بموجب الفقرات التالية:
أوّلًا: أ نّا كلّما واجهنا علمين إجماليين لا نملك فكرة عن عدد أعضاء كلّ منهما، وكان أيّ احتمال للعدد في أعضاء أحدهما يوازيه احتمال مماثل في أعضاء الآخر، كان العلمان في قوّة علمين متساويين في الأعضاء، أي أنّ القيمة

504

المستقلّة التي يتضمّنها المطلوب هي 2/ 1 مضروبة في نفسها بعدد تلك الافتراضات، وذلك على أساس علم إجمالي يستوعب احتمالات تلك الافتراضات المستقلّة إثباتاً ونفياً، ويكون المطلوب عضواً في مجموعة أطراف هذا العلم الإجمالي. ولنعبّر عن هذا العلم ب (العلم- 1).
وبهذا نحصل على فكرة عن كيفية تقييم الاحتمال القبلي للمطلوب، ولكن تحديد هذه القيمة يبقى متعذّراً؛ لأنّنا لا نملك فكرة محدّدة عن عدد الافتراضات المستقلّة التي يتضمّنها المطلوب، وبالتالي لا نعرف عدد أطراف (العلم- 1) الذي يشكّل الأساس لقيمة الاحتمال القبلي. ولكن رغم ذلك سوف يكون بإمكاننا الاستفادة من هذه الفكرة في بعض الحالات، كما سنرى من خلال النقاط الآتية.
2- لنفرض مؤقّتاً: أ نّا نحصر الموقف تجاه مجموعة الظواهر التي يمثّلها التركيب الفسيولوجي لسقراط في إطار الفرضيّتين الاوليين فقط- فرضية الذات الحكيمة، وفرضية الصدفة المطلقة-، ونريد الحصول على علم إجمالي يحدّد قيمة الاحتمال البعدي للفرضية الاولى. إنّنا نحصل على ذلك في علم إجمالي شرطي نرمز إليه ب (العلم 1)، شرطه افتراض نفي الفرضية الاولى، وجزاؤه مردّد بين مجموعات كلّها محتملة على أساس هذا الافتراض، وواحدة من هذه المجموعات هي المجموعة الواقعة فعلًا، فنقول مثلًا: «لو لم يكن هناك ذات حكيمة صنعت سقراط لكان من المحتمل أن لا يوجد سقراط، أو يوجد بطريقة (أ)، أو يوجد بطريقة (ب)، أو يوجد بطريقة …، أو يوجد بطريقة (ن) التي نرمز بها إلى نفس الطريقة التي وجد بها فعلًا بكلّ ما تضمّ من خصائص وظواهر، وإثبات ونفي».

503

القبلي للمطلوب، أي ما هي قيمة احتمال وجود ذات حكيمة تتمتّع بما يتطلّبه العمل الهادف من وعي ومعرفة، وذلك لكي نستطيع في حالة الحصول على علم إجمالي بعدي ينمّي احتمال وجود هذه الذات بالطريقة الاستقرائية، أن نقارن بين قيمة الاحتمال القبلي وقيمة الاحتمال البعدي الذي ينمو بالطريقة الاستقرائية- كما سنرى فيما بعد-، ونصل عن طريق الضرب إلى تحديد القيمة النهائية للمطلوب.
إنّ المطلوب يعبّر عن مجموعة من الافتراضات المستقلّة التي يتطلّبها افتراض وجود ذات حكيمة بإمكانها إيجاد التركيب الفسيولوجي لسقراط مثلًا، وعدد هذه المجموعة من الافتراضات يطابق عدد القضايا الحدّية التي يستبطنها.
وأقصد بالقضايا الحدّية القضية التي تتحدّث عن واقعة محدّدة، لا مجموعة من الوقائع. فإذا قلنا مثلًا: «فلان يعرف اللغة العربية» فليس هذا قضية حدّية؛ لأنّ هذا القول يتضمّن معارف كثيرة بعدد ما في اللغة العربية من ألفاظ. وإذا قلنا:
«فلان يعرف هذا اللفظ» كان ذلك قضية حدّية.
وعلى هذا الأساس تعتبر كلّ واحدة من وحدات المعرفة التي يتضمّنها المطلوب عضواً في مجموعة الافتراضات المستقلّة التي يعبّر عنها، وكلّ واحد من هذه الافتراضات المستقلّة يمكن تحديد قيمة احتماله القبلي ب 2/ 1، لأنّ وجوده وعدمه مجموعة متكاملة مستوفية للشروط التي تقرّرها البديهية الإضافية الثانية، فيتشكّل على أساسها علم إجمالي يحتوي على طرفين، وتكون قيمة كلّ منهما النصف، ولا يوجد هناك علم إجمالي في مرحلة الأسباب والعوامل قد يتدخّل في تغيير القيمة.
وإذا كانت قيمة كلّ افتراض مستقلّ 2/ 1، فقيمة مجموعة الافتراضات‏

502

وهذا التطبيق للدليل الاستقرائي ينتمي إلى الحالة الاولى من حالات الشكل الثاني للاستدلال الاستقرائي.

إثبات الصانع بالدليل الاستقرائي:

بدلًا عن الكتاب، يمكن أن نفترض مجموعة من الظواهر في العالم موضوعاً للاستقراء. وبدلًا عن استخدام الدليل الاستقرائي لإثبات أنّ مؤلّف الكتاب إنسان عالم لا إنسان مجنون، يمكننا أن نستخدمه لإثبات صانع حكيم لتلك المجموعة من الظواهر.
ونحن حين ندرس الفرضيات المتصوّرة بشأن تفسير مجموعة من الظواهر- كالمجموعة التي يتكوّن منها التركيب الفسيولوجي لإنسان معيّن (سقراط مثلًا)- يمكننا أن نفترض الفرضيات الأربع التالية:
أوّلًا: فرضية تفسير تلك الظواهر على أساس أ نّها من صنع ذات حكيمة.
وثانياً: فرضية تفسيرها على أساس أ نّها صدف مطلقة.
وثالثاً: فرضية تفسيرها على أساس أ نّها من صنع ذات ليست حكيمة، قد تصرّفت تصرّفاً غير واعٍ ولا هادف، فأوجدت تلك الظواهر.
ورابعاً: فرضية تفسيرها على أساس علاقات سببية غير واعية ولا هادفة، يفترض قيامها بين المادّة وتلك الظواهر.
والمطلوب إثبات الأوّل من هذه الامور الأربعة، ونفي الفرضيات الثلاث الأخيرة بالدليل الاستقرائي.
وتحقيق ذلك يتمّ من خلال النقاط التالية:
1- لا بدّ قبل كلّ شي‏ء من تكوين فكرة عن كيفية تحديد القيمة للاحتمال‏

501

الإجمالي ينفي الفرضية الاولى بقيمة احتمالية كبيرة؛ لأنّ كلّ أطرافه- باستثناء طرف واحد وهو افتراض أن يصدق (أ) و (ب) و (ج) جميعاً- في صالح نفي الفرضية الاولى. وهذا الطرف الوحيد حيادي تجاه ذلك؛ لأنّ (أ) و (ب) و (ج) إذا كانت جميعاً صادقة فقد يكون الكتاب نتيجة لمعرفة، وقد يكون نتيجة لجرّة قلم عشوائيّة.
والآخر: العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية. ولمّا كانت هذه المجموعة أكبر عدداً من مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الاولى، فسوف يكون عدد أطراف هذا العلم الإجمالي أكثر. وهذا العلم ينفي الفرضية الثانية بقيمة احتمالية أكبر من القيمة التي أعطاها العلم الإجمالي الأوّل لنفي الفرضية الاولى- بعد افتراض أنّ القيم الاحتمالية للافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها كلّ من الفرضيّتين متساوية- لأنّ أطرافه أكثر، وكلّها- باستثناء طرف واحد- في صالح نفي الفرضية الثانية، وطرف واحد يعتبر حيادياً تجاهها.
والقيمتان النافيتان متعارضتان؛ لأنّ إحدى الفرضيّتين واقعة حتماً، فلا بدّ من تحديد القيمة النهائية على أساس قاعدة الضرب، وتكوين علم إجمالي ثالث يستوعب الصور الممكنة. وفي هذا العلم سوف تكون القيمة الاحتمالية النافية للفرضية الثانية كبيرة جدّاً:
فلو افترضنا مثلًا: أنّ مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الاولى ثلاثة، ومجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية ستّة، لكانت قيمة احتمال نفي الفرضية الثانية أكبر من قيمة احتمال نفي الفرضية الاولى بنسبة 63 إلى 8 على أقلّ تقدير.

500

فلا توجد أيّ علاقة تلازم بين كلّ فقرة والفقرات الاخرى، وهذا يعني: أنّ الفرضية الثانية لا يمكن أن تفسّر تكوّن الكتاب إلّاعلى أساس عدد من الافتراضات المستقلّة لخواطر جنونية متطابقة مع فقرات الكتاب، بل حروفه.
وعلى العكس من ذلك الفرضية الاولى، فإنّها تتضمّن عدداً أقلّ من الافتراضات؛ لأنّ المعرفة التي تفسّر- على أساس الفرضية الاولى- فقرة معيّنة في الكتاب قد تكون بنفسها تفسّر عدداً آخر من الفقرات. فإذا رأينا مثلًا كلمة «غليان» قد استعملت مائة مرّة في الكتاب وجاءت دائماً في الموضع المناسب، فقد لا يتطلّب ذلك- على أساس الفرضية الاولى- إلّاافتراض أنّ الكاتب يعرف معنى كلمة «غليان»؛ لأنّ كونه يعرف معنى الكلمة يكفي لتفسير ورودها في الموضع المناسب في كلّ المرّات، بينما لو أخذنا بفرضية أنّ الكاتب مجنون يصبح ورود الكلمة في كلّ مرّة حادثةً مستقلّة عن ورودها في المرّات الاخرى. وبهذا كانت تلك الفرضية تتطلّب افتراضات بعدد مواقع ورود الكلمة في الكتاب. وهكذا تصبح المجموعة من الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الاولى أقلّ كثيراً من مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الثانية.
وينشأ على هذا الأساس علمان إجماليّان:
أحدهما: العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات مجموعة الافتراضات المستقلّة التي تتطلّبها الفرضية الاولى؛ لأنّ هذه الافتراضات إذا كانت ثلاثة مثلًا رمزنا إليها ب (أ) و (ب) و (ج)، ففيها ثمانية احتمالات هي احتمالات الصدق والكذب فيها، إذ قد يصدق الافتراض (أ) فقط، وقد يصدق الافتراض (ب) فقط و …، وقد تصدق كلّ الافتراضات الثلاثة: (أ) و (ب) و (ج). وهذا العلم‏