بينما راح المنطق الأرسطي يؤكّد أنّ موضوعية الحادثة المدركة بالحسّ الظاهر تدخل في نطاق المعرفة الأوّلية، كما لاحظنا في التصنيف الأرسطي للقضايا.
القضيّة المحسوسة مستدلّة كالقضيّة التجريبيّة:
والحقيقة أنّ افتراض موضوعية الحادثة ليس افتراضاً دون مبرّر كما تقول المثالية، وليس أيضاً افتراضاً أوّلياً ومعرفة أوّلية كما يقول المنطق الأرسطي، بل هو افتراض مستدلّ ومستنتج حسب مناهج الدليل الاستقرائي، كالقضايا التجريبية والحدسية والمتواترة تماماً. فالتصديق الموضوعي بالواقع يقوم على أساس تراكم القيم الاحتمالية في محور معيّن، وفقاً للطريقة العامّة التي فسّرنا بها المرحلة الاولى الاستنباطية من الدليل الاستقرائي، ويتحوّل هذا التراكم إلى اليقين عند توفّر الشروط اللازمة، وفقاً للمرحلة الثانية الذاتية من الدليل الاستقرائي.
ويتّخذ الاستدلال الاستقرائي لإثبات ذلك طرقاً كثيرة، نذكر فيما يلي بعضها:
الاستدلال على أساس الصيغة الاولى لتبرير الشكّ:
وسوف نطبق الدليل أوّلًا على أساس الصيغة الاولى للشكّ في الواقع الموضوعي، ونطبّقه ثانياً على أساس الصيغة الثانية للشكّ في ذلك.
1- أفترض أمامي ظواهر احسّ بها- كالبرق والرعد مثلًا-، لا أدري هل هي حوادث ذاتية أو موضوعية. فلا شكّ هنا- في البداية- في وجود مجموعة الحوادث المحسوسة، وإنّما الشكّ في تفسيرها على أساس ذاتي أو موضوعي.