الاعتقاد بالفاعل العاقل
الاعتقاد بعقل الآخرين:
نعتقد- عادةً- بأنّ للناس الآخرين، الذين نعاشرهم أو نطّلع على نتاج متّسق ومفهوم لهم، عقلًا وتفكيراً. فإذا قرأنا لشخص- مثلًا- كتاباً متّسق المعنى نسلّم بأ نّه عاقل، ونرفض احتمال أ نّه مجنون قد تجمّعت لديه خواطر جنونية، فأنتجت على سبيل الصدفة ذلك الكتاب.
وقد يخيّل للإنسان الأرسطي التفكير: أنّ الاستدلال على عقل هذا المؤلف، عن طريق ما يتمثّل في كتابه من اتساق ونضج فكري، من نوع الاستدلال على وجود السبب بوجود مسبّبه.
ولكنّ الواقع أنّ الكتاب بقدر ما يتّصل بمبدأ السببيّة لا يمكن أن يبرهن منطقياً- على أساس هذا المبدأ- على أنّ المؤلف إنسان يتمتّع بمعرفة منظّمة. إذ كما يمكن أن يكون المؤلف لكتاب في اللغة على قدر من المعرفة باللغة أتاح له أن يكتب ذلك الكتاب، كذلك يمكن أن يكون مجنوناً تتابعت خواطر عشوائيّة في ذهنه فأدّت إلى تكوّن ذلك الكتاب، وفي كلتا الحالتين يجد مبدأ السببيّة تطبيقه الضروري.
غير أنّ الدليل الاستقرائي هو الذي يعيّن الفرضية الاولى، وينفي الفرضية الثانية. وذلك لأنّ الفرضية الثانية تتضمّن عدداً كبيراً من الافتراضات المستقلّة بقدر فقرات الكتاب؛ لأنّ كلّ فقرة من الكتاب، إذا كانت نتيجة لخاطر جنوني،