الاسس المنطقية للاستقراء
544

قضايا أوّلية مباشرة، قد تستنتج أيضاً من قضايا نظرية قد استنتجت بدورها من قضايا أوّلية.
وهكذا تنشأ القضايا النظرية وتتولّد عن القضايا اليقينية الأوّلية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. والشكل الوحيد لاستنتاج القضية النظرية اليقينية والبرهنة عليها هو الاستنتاج القياسي الذي تتضمّن نتيجته في مقدّماته التي تبرهن على تلك النتيجة.
وقد عرفنا علاقة الاستقراء بالقضايا اليقينية الستّ، واكتشفنا الطابع الاستقرائي لأكثر تلك القضايا. والسؤال الآن: ما هي علاقة الاستقراء بالقضايا النظرية، كالقضية القائلة- مثلًا-: «زوايا المثلّث تساوي قائمتين»؟
وفي مجال الجواب على هذا السؤال يجب أن نميّز بين نقطتين: إحداهما:
نفس القضية النظرية، والاخرى: سلامة الطريقة التي تمّ بموجبها استنتاج تلك القضية والبرهنة عليها.
أمّا نفس القضية النظرية، فلا شكّ أنّ بالإمكان تطبيق الاستدلال الاستقرائي عليها، والتوصّل عن طريقه إلى التصديق بها بوصفها قضية استقرائية، بدلًا عن التصديق على أساس البرهان واستنباط تلك القضية من قضايا قبلية.
فمساواة زوايا المثلّث لقائمتين مثلًا بالإمكان- بدلًا عن استنتاجها من المصادرات الأوّلية للهندسة الإقليدية- أن ينطبق عليها الاستدلال الاستقرائي، بنفس الطريقة التي أوضحنا بها إمكان تطبيق الاستدلال الاستقرائي على الأوّليات من القضايا اليقينية الستّ، بأن نضع في البدء فرضيّتين: إحداهما فرضية استلزام المثلّث للمساواة بين زواياه الثلاث وقائمتين، والاخرى: فرضية استناد هذه المساواة إلى سبب خارجي معيّن نرمز إليه ب (ت).
وحينما نلاحظ بالاستقراء اقتران المثلّث- في كلّ الحالات التي‏

543

فالقضية القائلة: «كلّ نار حارّة» قضية استقرائية؛ لأنّها رغم وضوح صدقها على حقائق هذا العالم الخارجي المعاش، ليس من الضروري أن تكون صادقة على أيّ عالم آخر مفترض، بل بالإمكان أن نفترض عالماً توجد فيه نيران غير حارّة، ولا يوجد في نفوسنا رفض لهذا الافتراض. وأمّا القضية القائلة:
«إنّ النقيضين لا يجتمعان»، أي أنّ النفي والإثبات لا يصدقان معاً، فهي قضية تصدق على أيّ عالم نفترضه، وليس بإمكاننا أن نحتمل وجود عالم يتعايش فيه النفي والإثبات. وهذا يعني أ نّها قضية منفصلة عن الاستقراء؛ لأنّ الاستقراء لا يمكن أن يعطي هذا التعميم في الصدق، وإنّما يبرهن على الصدق في إطار العالم الذي يمارس الاستقراء فيه.
فهذه ثلاث علامات فارقة يمكن على أساسها أن نميّز بين القضايا الأوّلية القبلية والقضايا الاستقرائية، وأن نبرهن على أنّ عدداً من الأوّليات والفطريات يعتبر أوّلياً قبلياً، إذا تأكّدنا من توفّر خصائص القضايا القبلية فيه، وهي باختصار:
1- عدم ازدياد الوضوح تبعاً لازدياد الأمثلة والشواهد.
2- عدم استعداد الإنسان لتقبّل احتمال أيّ استثناء للقضية، مهما افترضنا وجود شواهد للاستثناء.
3- الصدق المطلق للقضية الممتدّ إلى غير العالم الخارجي من العوالم الاخرى المفترضة.

إمكان الاستدلال استقرائياً على القضية النظرية:

تقدّم أنّ المنطق الأرسطي قسّم القضايا إلى أوّلية وثانوية، وصنّف القضايا الأوّلية اليقينية إلى ستّة أصناف. واعتبر أيّ قضية تستنتج من تلك القضايا الأوّلية، قضية نظرية يتشكّل منها البناء العلوي للمعرفة؛ وكما تستنتج القضية النظرية من‏

542

شواهد إضافية.
فالقضية القائلة: «كلّ إنسان فصلت رقبته عن جسده يموت»، و «كلّ نار حارّة» استقرائية، ولكنّها بدرجة من الوضوح- نتيجة لامتداد الاستقراء الذي يدعمها، واستيعابه عدداً هائلًا من الشواهد والحالات المؤيّدة- حتّى ليبدو أنّ وضوحها لا مجال فيه للازدياد. فنحن- عادةً- لا نتعامل مع القضايا الاستقرائية التي هي من هذا النوع في بدايات تكوّنها الذهني، لكي نستطيع أن ندرك بسهولة مدى ارتباطها بالأمثلة والشواهد، وإنّما نواجه هذه القضايا- عادةً- بعد أن تكون قد أحرزت درجة كبيرة جدّاً من الوضوح على أساس الأمثلة والشواهد. وفي هذه المرحلة قد لا نلاحظ فرقاً بينها وبين أيّ قضيّة قبلية في عدم ازدياد وضوحها بازدياد الأمثلة والشواهد.
وهناك علامة فارقة اخرى، وهي: شعور الإنسان بإمكان التنازل عن الاعتقاد المطلق بقضية ما إذا توفّرت بعض القرائن ضدّها: فإذا تحدّث عدد كبير من الثقات عن شخص معيّن رأوا بأنفسهم أنّ رقبته فصلت عن جسده فلم يمت، بل ظلّ يتكلّم كما كان يتكلّم قبل ذلك، فمن المحتمل أن توجد شهادات هؤلاء الثقات احتمالًا- ولو ضئيلًا- لصدق هذه الحادثة بصورة استثنائية. ولكنّنا مهما نفترض من شهادات ثقات بأ نّهم رأوا بأعينهم شيئاً موجوداً ومعدوماً في نفس الوقت، لا نجد في أنفسنا أي استعداد لتقبّل احتمال ذلك.
وتوجد علامة فارقة ثالثة، وهي: أنّ القضية الاستقرائية مهما كان الاستقراء الذي يدعمها شاملًا، لا يمكن أن تكون قضية مطلقة صادقة على أيّ عالم من العوالم المفترضة، وإنّما يختصّ صدقها بالعالم الخارجي المعاش الذي وقع الاستقراء فيه، بينما تتمتّع القضية الأوّلية القبلية بصدق مطلق لا يختصّ بهذا العالم، بل يمتدّ إلى أيّ عالم يمكن افتراضه.

541

على أساس الطريقة التي حدّدناها للاستدلال الاستقرائي، ولا ينفي هذا أن تكون قضايا أوّلية قبلية.

العلامات الفارقة بين القضيّة الأوّلية والقضية الاستقرائية:

وقد تكون من العلامات الفارقة بين القضية الاستقرائية والقضية الأوّلية القبلية، نوع الدور الذي يمكن أن تلعبه الشواهد والأمثلة الإضافية، فأيّ قضيّة تزداد وضوحاً وتترسّخ أكثر فأكثر عند الحصول على شواهد وأمثلة جديدة، تعتبر قضية استقرائية. وأيّ قضية لا يعزّزها الحصول على شواهد وأمثلة إضافية، وتتمتّع بدرجة من الوضوح لا تزداد كلّما ازدادت الشواهد والأمثلة، تعتبر قضيّة أوّلية قبلية؛ لأنّها إذا كانت لا تستمدّ وضوحاً أكبر من الشواهد الاستقرائية الإضافية، فهذا يعني أنّ وضوحها ذاتي ومنفصل عن الاستقراء، أي أ نّها قضية أوّلية قبلية.
فالقضية القائلة: «1+ 1/ 2»، حين يعيها الإنسان ويؤمن بها، لا يجد أيّ تأثير لازدياد الشواهد التطبيقية لهذه المعادلة في منح القضية وضوحاً أكبر في نفسه؛ لأنّها قضية قبلية. وخلافاً لذلك القضية القائلة: «إنّ المعادن تتمدّد بالحرارة»، فإنّه كلّما حصل الإنسان على أمثلة وشواهد جديدة مؤيّدة لذلك ازدادت القضية وضوحاً. وهذا يعني ارتباطها العضوي بالأمثلة والشواهد، وبالتالي أ نّها قضية استقرائية.
ولكن هذه العلامة الفارقة لا يمكن استخدامها والاستفادة منها بسهولة في التمييز بين القضية القبلية والقضية الاستقرائية؛ لأنّ كثيراً من القضايا الاستقرائية التي تملك عدداً هائلًا من الشواهد والأمثلة في حياة الإنسان، تصل- نتيجة لذلك- إلى درجة من الوضوح لا تسمح عادة بأن ندرك أيّ نموّ لها على أساس‏

540

المستمدّة من العلم الإجمالي البعدي لاحتمال سببية (أ) ل (ب) على القيمة المستمدّة من العلم الإجمالي القبلي لاحتمال هذه السببيّة أو احتمال نفيها.

استثناء مبدأ عدم التناقض ومصادرات الدليل الاستقرائي:

ولكن يوجد استثناءان لهذا التأكيد:
الأوّل: استثناء مبدأ عدم التناقض، أي القضية القائلة باستحالة اجتماع النقيضين، فإنّ هذه القضية لا يمكن أن نفترض إثباتها بالدليل الاستقرائي، بل يجب أن تفترض ثابتة ثبوتاً أوّلياً قبلياً، وذلك لأنّنا إذا لم ننطلق منذ البداية من افتراض مبدأ عدم التناقض، فكيف يمكن تجميع القيم الاحتمالية في محور واحد؛ لأنّ هذا التجميع يتوقّف على أن يكون لكلّ احتمال من الاحتمالات قدرة على نفي نقيضه، فإذا لم نفترض منذ البدء عدم التناقض كان من المحتمل في أيّ احتمال أن لا ينفي نقيضه، وبالتالي يصبح من المستحيل استخدامه كأداة لإثبات أيّ شي‏ء.
الثاني: استثناء كلّ المصادرات التي يحتاجها الدليل الاستقرائي في سيره الاستدلالي، بما فيها بديهيات نظرية الاحتمال.
ومبدأ عدم التناقض يدخل في هذا الاستثناء أيضاً.
ويعني هذا الاستثناء: أنّ أيّ درجة من درجات التصديق بقضية من القضايا- إذا كان الدليل الاستقرائي في سيره الاستدلالي متوقّفاً عليها- فلا بدّ من افتراض تلك الدرجة من التصديق بصورة قبلية، ولا يمكن استدلالها استقرائياً.
وحينما نؤكّد: أنّ بالإمكان تطبيق الاستدلال الاستقرائي على كلّ الأوّليات الأرسطية إلّافي حدود هذين الاستثناءين، لا نعني بذلك: أنّ تلك القضايا استقرائية فعلًا وليست قبلية، وإنّما نعني: أنّ بالإمكان نظرياً أن نفسّرها

539

السبب حقّاً فلا بدّ من افتراض وجوده مقترناً بالموضوع في جميع حالات وجود الموضوع، أي أ نّنا بحاجة لتبرير الفرضية الثانية إلى افتراضات بعدد حالات وجود الموضوع مقترناً بتلك الصفة.
وفي حالة مواجهة فرضيّتين من هذا القبيل، يستطيع الدليل الاستقرائي أن يعيّن لنا الفرضية الاولى منهما، عن طريق العلم الإجمالي الذي يستوعب الصور الممكنة لاحتمالات وجود ذلك الشي‏ء المحتمل كونه سبباً للصفة، بدلًا عن علاقة اللزوم، كما كان العلم الإجمالي الذي يستوعب الصور الممكنة لاحتمالات وجود (ت)، هو الأساس للاستدلال الاستقرائي على سببية (أ) ل (ب)؛ لأنّ العلم الإجمالي الذي يستوعب احتمالات وجود الشي‏ء المحتمل أن يكون بديلًا عن علاقة اللزوم، يؤدّي إلى تجمّع كلّ قيمه الاحتمالية حول محور واحد، وهو إثبات علاقة اللزوم بين الموضوع والمحمول، باستثناء قيمة واحدة وهي قيمة احتمال أن يكون البديل المحتمل عن علاقة اللزوم موجوداً في كلّ الحالات التي اقترن فيها الموضوع بالصفة، فإنّ هذا الاحتمال حيادي تجاه الفرضية، وأمّا كلّ الاحتمالات الاخرى فهي تفترض أنّ البديل المحتمل من علاقة اللزوم غير موجود، ولو في مرّة واحدة على الأقلّ، وهذا يعني أنّ علاقة اللزوم ثابتة.
وبهذا يمكننا أن نتوصّل إلى إثبات علاقة اللزوم والضرورة بالدليل الاستقرائي- وفقاً لطريقته العامّة التي شرحناها فيما سبق- في أيّ قضية من القضايا التي يعتبرها المنطق الأرسطي من الأوّليات والفطريّات.
ولسنا بحاجة إلى أن ندخل في الحساب قيمة للاحتمال القبلي لعلاقة اللزوم على أساس العلم الإجمالي السابق على الاستقراء؛ لأنّ القيمة الاحتمالية للّزوم المستمدّة من العلم الإجمالي البعدي حاكمة على القيمة القبلية لاحتمال اللزوم، أو لاحتمال نفيه على أيّ حال، لما تقدّم- في التطبيق الأوّل- من حكومة القيمة

538

«الكلّ أعظم من الجزء» من الأوّليات، أو إنّ القضية القائلة: «كلّ الزوايا القائمة متساوية» من الأوّليات، نعني: أنّ الكلّ بطبيعته يستلزم أن يكون أعظم من الجزء، وأنّ اشتراك الزوايا في صفة أ نّها قائمة يستلزم بطبيعته أ نّها متساوية.
فهناك- إذن- موضوع يستلزم بطبيعته صفة معيّنة، ولا ينفكّ عنها في أيّ حال من الأحوال. وعلاقة اللزوم الذاتي هذه بين الموضوع والمحمول، يمكن- من ناحية مبدئية- الاستدلال عليها استقرائياً، بأن نضع منذ البدء فرضيّتين:
إحداهما أن يكون ثبوت الصفة للموضوع ناتجاً عن استلزامه الذاتي لها، والاخرى أن يكون ثبوتها له ناتجاً عن سبب خارجي اقترن وجوده مع الموضوع فوجدت الصفة فيه نتيجة لذلك.
وموقفنا من هاتين الفرضيّتين يشبه تماماً موقفنا حينما نلاحظ وجود (ب) عقيب (أ)، فنواجه فرضيّتين: إحداهما: أنّ (أ) سبب ل (ب)، والاخرى: أنّ (ت) هو السبب ل (ب) وقد اقترن (ت) ب (أ) فأدّى ذلك إلى ظهور (ب) عقيب (أ). فالاستلزام الذاتي يوازي (أ) في ذلك الموقف، ونفي الاستلزام الذاتي وافتراض وجود سبب خارجي يوازي (ت)، في ذلك الموقف.
وفرضية الاستلزام الذاتي تعبّر عن افتراض واحد، وهو علاقة اللزوم والضرورة بين الموضوع والصفة، وعلاقات اللزوم والضرورة مفهومية دائماً تقوم بين المفهومين، فلا تعني فرضية الاستلزام الذاتي إلّاعلاقة لزوم واحدة قائمة بين مفهوم «الكلّ» ومفهوم «أعظم من الجزء»، أو مفهوم «الزوايا القائمة» ومفهوم «التساوي».
وفرضية عدم الاستلزام الذاتي تعني: أنّ ثبوت الصفة للموضوع نتيجة لتدخّل سبب معيّن في ذلك، وهذه الفرضية تعبّر عن افتراضات كثيرة جدّاً؛ لأنّ الشي‏ء المحتمل كونه هو السبب لإيجاد الصفة بدلًا عن علاقة اللزوم، إذا كان هو

537

تفسير القضيّة الأوّلية والقضيّة الفطريّة

وإذا طرحنا الأصناف الأربعة من قائمة القضايا اليقينية الستّ، بقي في القائمة الأرسطية: الأوّليات والفطريّات. فما هو موقفنا من هذه القضايا التي يعتبرها المنطق الأرسطي قضايا يقينية ونقاط ابتداء في المعرفة البشرية، وإلى جانب ذلك يميّزها عن الأصناف الأربعة السابقة بأ نّها قضايا قبلية، أي أنّ العقل يدركها بصورة مستقلّة عن الحسّ والتجربة، وليس للحسّ والتجربة دور في تكوين المعرفة بهذه القضايا إلّاعلى أساس أنّ التصديق بكلّ قضية يتوقّف على تصوّر موضوعها ومحمولها. وقدرة الإنسان على التصوّر وليدة الحسّ والتجربة اللذين يتحفان الإنسان بصور ومعانٍ كثيرة تشكل لديه المادّة الأساسية لتصوّراته؟

إمكان الاستدلال استقرائياً على القضية الأوّلية والفطريّة:

والسؤال الأساس بهذا الصدد هو أ نّه: إلى أيّ مدى يمكننا أن نطبّق تفسيرنا الاستقرائي للمعرفة على هذه القضايا الأوّلية، ونفترض أ نّها قضايا استقرائية يتحكّم فيها الاستدلال الاستقرائي بكلتا مرحلتيه، كما يتحكّم في أيّ قضية استقرائية اخرى؟
وللجواب على ذلك يجب أن نعرف: أنّ القضية الأوّلية القبلية- في رأي المنطق الأرسطي- هي: القضية التي يكون محمولها ثابتاً لموضوعها ثبوتاً ضرورياً أوّلياً. وهذا يعني أ نّنا نواجه في كلّ الأوليّات والفطريات موضوعاً معيّناً يستلزم بدون أيّ سبب خارج عن ذاته محمولًا معيّناً. فإذا قلنا إنّ القضية القائلة:

536

وهذا لا يعني- بطبيعة الحال- أنّ اليقين الذاتي بهذه القضايا عند أيّ فرد يقوم على أساس هاتين المرحلتين للدليل الاستقرائي، إذ لا نشكّ في أنّ الإيمان واليقين الذاتي بالواقع الموضوعي للقضية المحسوسة مثلًا، يقوم عند كثير من الناس على أساس عدم التمييز بين مدلولها الذاتي ومدلولها الموضوعي، والاعتقاد الخاطئ بأنّ الإنسان في إدراكه الحسّي يتّصل بالواقع الخارجي مباشرة، كما أنّ اليقين الذاتي بالقضية التجريبية كثيراً ما تتدخّل فيه عوامل ذاتية وسيكولوجية بحتة، وكثيراً ما يعبّر عن توقّع يقوم على أساس العادة والمنبّهات الشرطية، فالطفل الذي يتوقّع أن يرتفع ما يحسّه من ألم الجوع إذا تناول الطعام، قد يكون مستنداً في توقّعه هذا إلى العادة وقوانين الاستجابة الشرطية.
وإنّما الذي نعنيه: أنّ التصديق الموضوعي بالقضايا التجريبية والحدسية والمتواترة والمحسوسة يقوم على أساس الاستدلال الاستقرائي، وتتحدّد درجته وفقاً لما يفرضه الدليل الاستقرائي في مرحلته الاستنباطية الاولى ومرحلته الثانية.