القضية إلّاالحصول على صورة ذهنية لها، فإذا افترضنا أنّ هذه القضايا الثلاث:
«زيد له حياة»، «زيد غير خالد»، «هناك جسم» ذات معنى على أساس استمداد المفردات فيها تصوّراتها من الخبرة الحسّية، فسوف يكون للقضية «هناك حياة بغير جسم» معنى أيضاً يتمثّل في تصوّر مركّب من التصوّرات المفردة فيها المستمدّة من الخبرة الحسّية، بالرغم من أنّ التصوّر المركّب نفسه ليس له مصداق في خبرتنا الحسّية.
الموقف الثاني: يقوم على أساس القول بأنّ التصوّر المركّب الذي يمثّل معنى القضية يجب أن يكون افتراض صدقه وكذبه مؤثّراً في تصوّر الخبرة الحسّية، بمعنى أنّ ما نتصوّره من خبرة حسّية إذا كان التصوّر المركّب صادقاً، مختلفاً عمّا نتصوّره من خبرة حسّية إذا كان كاذباً.
وهذا الموقف يجعل تلك القضية القائلة: «هناك حياة بغير جسم» جملة بدون معنى رغم أنّ مفرداتها تتمتّع بمدلولات منتزعة من الخبرة الحسّية؛ لأنّ التصوّر المركّب المفترض لهذه الجملة ليس لصدقه وكذبه تأثير في تصوّرنا للخبرة الحسّية، فنحن لا نترقّب أن تختلف خبرتنا الحسّية في حالة صدق هذه الجملة عنها في حالة كذبها؛ لأنّ الحياة بغير جسم إذا كانت ثابتة حقّاً لا تدخل في الخبرة الحسّية. فكلّ ما نتصوّره عن الخبرة الحسّية إذا كانت العبارة صادقة هو نفس ما نتصوّره من خبرة على افتراض كذب العبارة.
الموقف الثالث: نفترض أنّ معنى القضية لا يكفي فيه أن يكون للمفردات معانٍ مستمدّة من الخبرة الحسّية، ولا أن يكون للقضية تصوّر مركّب يختلف تصوّرنا للخبرة الحسّية على افتراض صدقه عن تصوّرنا لها على افتراض كذبه، بل لا بدّ أن يكون بالإمكان التحقّق من القضية، فالقضية التي ليس بالإمكان التحقّق منها، والتأكّد من صدقها وكذبها ليس لها معنى. وهذا يعني أنّ إمكان