الشيخ إلى مستوى التفاعل مع أفكار الشيخ ونقدها وتمحيصها.
وبدراسة كتاب السرائر ومقارنته بالمبسوط يمكننا أن ننتهي إلى النقاط التالية:
1- إنّ كتاب السرائر يبرز العناصر الاصولية في البحث الفقهي وعلاقتها به بصورةٍ أوسع ممّا يقوم به كتاب المبسوط بهذا الصدد، فعلى سبيل المثال نذكر: أنّ ابن إدريس أبرزَ في استنباطه لأحكام المياه ثلاث قواعد اصوليةٍ[1] وربط بحثه الفقهي بها، بينما لا نجد شيئاً منها في أحكام المياه من كتاب المبسوط وإن كانت بصيغتها النظرية العامة موجودةً في كتب الاصول قبل ابن إدريس.
2- إنّ الاستدلال الفقهي لدى ابن إدريس أوسع منه في كتاب المبسوط، وهو يشتمل في النقاط التي يختلف فيها مع الشيخ على توسّعٍ في الاحتجاج وتجميع الشواهد، حتّى أنّ المسألة التي لا يزيد بحثها في المبسوط على سطرٍ واحدٍ قد تبلغ في السرائر صفحةً مثلًا، ومن هذا القبيل مسألة طهارة الماء المتنجِّس إذا تُمِّم كرّاً بماءٍ متنجِّسٍ أيضاً، فقد حكم الشيخ في المبسوط[2] ببقاء الماء على النجاسة، ولم يزد على جملةٍ واحدةٍ في توضيح وجهة نظره. وأمّا ابن إدريس فقد اختار طهارة الماء في هذه الحالة، وتوسّع في بحث المسألة، ثمّ ختمه قائلًا: «ولنا في هذه المسألة منفردةً نحو من عشر ورقاتٍ قد بلغْنا فيها أقصى الغايات، وحججنا القول فيها والأسئلة والأدلّة والشواهد من الآيات والأخبار»[3].
[1] السرائر 1: 58- 69
[2] المبسوط 1: 7
[3] السرائر 1: 69