الفصل الثاني الدليل الاستقرائي غير المباشر
كان الدليل الاستقرائي الذي درسناه في الفصل السابق يشتمل على استقراء عددٍ من الأحكام الخاصّة واستنتاج حكمٍ عامٍّ منها، فالحكم العامّ يكتشف بالاستقراء مباشرة، ولهذا نطلق عليه اسم «الدليل الاستقرائي المباشر».
ويوجد قسم آخر من الدليل الاستقرائي، وهو الدليل الاستقرائي غير المباشر، ونريد به: أن نستدلّ بالاستقراء لا على الحكم مباشرة، بل على وجود دليلٍ لفظيٍّ يدلّ بدوره على الحكم الشرعي، ففي هذا الاستقراء نكتشف بصورةٍ مباشرةٍ الدليل اللفظي، وبعد اكتشاف الدليل اللفظي عن طريق الاستقراء نثبت الحكم الشرعي بذلك الدليل اللفظي.
ومثال ذلك: «التواتر»، فقد عرفنا سابقاً[1] أنّ التواتر دليل استقرائي يقوم على أساس تجميع القرائن، فإذا أخبرنا عدد كبير من الرواة بنصٍّ عن المعصوم عليه السلام أصبح النصّ متواتراً، وحينئذٍ نستدلّ بالتواتر بوصفه دليلًا استقرائياً على صدور ذلك الكلام من المعصوم عليه السلام، أي على الدليل اللفظي، ثمّ نستدلّ بالدليل اللفظي- أي بذلك الكلام الثابت صدوره من المعصوم عليه السلام بالتواتر- على الحكم الشرعي الذي يدلّ عليه.
وللدليل الاستقرائي غير المباشر بهذا المعنى الذي شرحناه أمثلة عديدة، منها: «الإجماع» و «الشهرة» و «الخبر» و «السيرة».
[1] تحت عنوان: الدليل الاستقرائي