المسلمين؛ لندرة المشركين في بلاد المسلمين في عصر الرواية، فيتعيَّن أن تحمل معتبرة الحلبيّ على الكراهة؛ لمكان صراحة الاخرى في نفي البأس، كما هو مقتضى القاعدة في كلّ مقامٍ من هذا القبيل.
ولكن تبقى- على كلّ حالٍ- دعوى التعدّي من الإرضاع بالحليب النجس إلى غيره على عهدة مدّعيها.
وعليه فبناءً على تمامية رواية الاسترضاع في الدلالة على جواز إعطاء الصبيّ حليب المشركة النجسة، إن قلنا بنجاسة الحليب، وأ نّه جزء من المرأة النجسة كانت الرواية دالّةً على جواز إعطاء عين النجاسة للطفل فضلًا عن المتنجّس بها.
وإن قلنا بأنّ حليب المشركة متنجّس بعين النجس دلّت الرواية على جواز إعطاء المتنجّس بعين النجس، ولا يبقى معها ما يدلّ على المنع من إعطاء النجس؛ لأنّ المنع كان بلحاظ روايات الأمر بالإراقة، الدالّة بالمطابقة على المنع من إعطاء المتنجّس، وبالالتزام والأولوية على المنع من إعطاء النجس، فإذا سقط المدلول المطابقيّ عن الظهور في اللزوم لا يبقى مجال للأخذ باللزوم في المدلول الالتزامي.
وهكذا يثبت أ نّه لو تمّت رواية استرضاع المشركة كانت نِعمَ الدليل على تقييد إطلاق الأمر بالإراقة في رواية المنع.
ثمّ إنّه ربّما يفصل بين ما اذا كان الطعام المعطى للطفل متنجّساً من ناحيته، وما إذا كان متنجّساً من غير ناحيته، فالأوّل يجوز إعطاؤه له دون الثاني.
ويمكن أن يستدلّ لذلك بتقريبين.
الأوّل: دعوى قصور دليل المنع عن صورة تنجّس الطعام من ناحية الطفل