أمّا القصور في المقتضي فيمكن أن يبيَّن: تارةً بأنّ دليل هذه القاعدة لا إطلاق فيه للتخريب الذي يكون لرعاية حال من يراد التضمين له، فمن أتلف زرع الغير لأجل إنقاذه لا يضمن؛ لأنّ دليل القاعدة: إن كان هو السيرة العقلائية فهي غير شاملةٍ لأمثال ذلك جزماً، وإن كان هو الروايات المتفرّقة فهي واردة في موارد خاصّةٍ مشتركةٍ جميعاً في عدم كون الإتلاف من أجل المالك، وإن كان هو الضابط المشار إليه في بعضها بلسان «بما جَنَت يده»[1] فهذا الضابط يفترض الجناية، والمفروض عدم الجناية في المقام بعد فرض إذن الشارع في التخريب أو حكمه بوجوبه.
ويبيّن القصور في المقتضي تارةً اخرى: بأنّ القاعدة مختصّة بفرض عدم الإذن من المالك في الإتلاف، وقد حصل الإذن في المقام؛ لمكان حكم اللَّه سبحانه بوجوب التطهير بحسب الفرض.
ويرد عليه: أنّ الإذن في الإتلاف المسقط للضمان هو الإذن في الإتلاف على وجه المجّانية، لا مطلق الإذن في الإتلاف، مع أنّ المالك لمَّا أتلف ليس هو الشارع، بل هو نفس المسجد أو المصلّون كجهةٍ عامّة.
ويبيّن ثالثةً: بأنّ القاعدة موضوعها إتلاف مال الغير، والمسجد ليس ملكاً لأحد؛ لأنّ مردّ وقفه إلى تحريره وفكّه من الملك.
ويرد عليه: بأنّ هذا لا يتمّ، بناءً على أنّ بناء المسجد مملوك لنفس المسجد طلقاً أو وقفاً، أو مملوك لجهةٍ عامّة، وما يكون غير مملوكٍ إنّما هو المسجد بمعنى المكان، لا بمعنى الجدران والشبابيك، على أنّ الضمان بمعنى الدخول في العهدة
[1] من لا يحضره الفقيه 3: 253- 254، الحديث 3918. وعنه في وسائل الشيعة 19: 144، الباب 29 من أبواب الإجارة، ذيل الحديث 8.