والآخر: أ نّه لا تعارض بين الفقرتين؛ لأنّ الاولى تدلّ على تنجيس المتنجّس الأوّل، والثانية تدلّ على عدم تنجيس المتنجّس الثاني.
والمتعيّن من هذه الاحتمالات الأوّل؛ لأنّ الأخيرين مخالفان للظهور.
أمّا نكتة مخالفة الاحتمال الثاني للظهور فلأنّ الملحوظ للسائل من السؤال في الفقرة الثانية لو كان هو الاستفهام عن تنجّس اليد بمماسّة الذكر تعبّداً لمَا كان هناك معنىً لافتراض ملاقاة اليد للثوب، وصياغة السؤال بلسان هل يغسل ثوبه؟
فإنّ السؤال عن نجاسة شيءٍ بافتراض ملاقٍ له، والاستفهام عن حكم الملاقي إنّما يسوغ عرفاً فيما إذا كان ذلك الشيء المراد الاستفهام عن نجاسته ليس من البدن والثياب ونحوهما ممّا تكون طهارته ونجاسته متعلّقاً للتكليف مباشرةً، من قبيل ما إذا اريد السؤال عن نجاسة الكلب أو الثعلب أو الهرّة فإنّه يحسن حينئذٍ أن يفرض إصابة الثوب له، وصياغة السؤال عن نجاسة تلك الحيوانات بلسان أ نّه هل يغسل ثوبه أو لا؟ لأنّ نجاستها ليست متعلقاً للتكليف مباشرة.
وأمّا إذا كان محطّ السؤال عن النجاسة نفس البدن كيد الإنسان- مثلًا- فلا معنى عرفاً لافتراض ملاقاة اليد للثوب، والسؤال عن نجاسة اليد بلسان أ نّه هل يغسل الثوب الملاقي لها أوْلا؟ بعد أن كان غسل نفس اليد وتطهيرها واجباً مباشراً على تقدير نجاستها، وعليه فحيث فرض السائل في المقام إصابة اليد للثوب وسأل عن غسل الثوب مع أنّ اليد بنفسها مطلوبة الطهارة دلّ ذلك على أنّ الملحوظ في السؤال ليس استعلام حال اليد، بل حال الثوب بعد الفراغ عن نجاسة اليد، فلا معنى لحمل السؤال على الاحتمال الثاني.
وأمّا الاحتمال الثالث فهو خلاف الظاهر؛ لظهور السؤال الثاني في كونه سؤالًا مستقلّاً، لا تفريعاً على الفرضية المذكورة في السؤال الأوّل، فإنّ هذا التفريع مؤونة زائدة، ومع عدم نصب قرينةٍ عليه يكون الظاهر استقلالية السؤال