کتابخانه
302

إلى جوزة، والمتناهي ليس هو كمية الأعداد المتعاطفة بوصفها وحدات وأشياء يمكن جمعها، بل الكمّيات التي ترمز إليها تلك الأعداد.

وبكلمة اخرى: هناك كمّيتان إحداهما كمّية نفس الأعداد بما هي وحدات، والاخرى كمّية مدلولاتها الرياضية باعتبار أنّ كلّ عدد في السلسلة يرمز إلى كمّية معيّنة، والاولى غير متناهية ومن المستحيل أن تتناهى، والثانية متناهية ومن المستحيل أن تكون غير متناهية.

 

الهدف السياسي من الحركة التناقضية:

 

الحركة والتناقض- وهما الخطّان الجدليّان اللذان نقدناهما بكلّ تفصيل- يشكّلان معاً قانون الحركة الديالكتيكية، أو قانون التناقض الحركي المتطوّر على اسس الديالكتيك أبداً ودائماً.

وقد تبنّت الماركسية هذا القانون بصفته الناموس الأبدي للعالم. واستهدفت من ورائه أن تستثمره في الحقل السياسي لصالحها الخاصّ. فكان العمل السياسي هو الهدف الأوّل الذي فرض على الماركسية أن تصبّه في قالب فلسفي، يساعدها على إنشاء سياسي جديد للعالم كلّه. وقد قالها (ماركس) في شي‏ء من التلطيف:

«إنّ الفلاسفة لم يفعلوا شيئاً، غير تأويل العالم بطرق مختلفة، بيد أنّ الأمر هو أمر تطويره»[1].

فالمسألة- إذن- هي مسألة التطوير السياسي المقترح الذي لا بدّ أن يجد منطقاً مبرّراً له، وفلسفة يرتكز على قوائمها. ولذلك كانت الماركسية تضع القانون الذي يتّفق مع مخطّطاتها السياسية، ثمّ تفتّش في الميادين العلمية عن دليله،

 

[1] كارل ماركس: 21، وهذه هي الديالكتيكية: 78

301

1، 12، 14، 18، 116، 132

التي لكلّ واحدة منها نصف الكمّية السابقة يجب أن يكون كلّ‏

جزء منها متناهياً مهما امتدّت السلسلة، فإذا استمرّت إلى غير نهاية كان لدينا تتابع لامتناهٍ من كمّيات كلّ واحدة منها متناهية، فمجموع أجزاء السلسلة هو الآن مجموع عدد لامتناهٍ لكمّياتٍ متناهية، وهكذا فلا بدّ أن يكون لامتناهياً، ولكن قليلًا من علم الحساب يظهر لنا أ نّه متناهٍ؛ إذ هو (2)[1].

وهكذا يريد الكاتب أن يستنتج أنّ التناقض بين المتناهي وغير المتناهي سمح للقطبين المتناقضين أن يجتمعا في كمّية واحدة، ولكن فاته أنّ الكمّية التي ليست متناهية في مثاله هي غير الكمّية المتناهية، فلا تناقض، لا أنّ كمّية واحدة هي متناهية وغير متناهية بالرغم من مبدأ عدم التناقض، كما يحاول أن يستنتج.

وذلك أنّ هذه الكمّيات التي افترضها في السلسلة وكان لكلّ واحدة منها نصف الكمّية السابقة، يمكننا أن نأخذها بما هي وحدات لنعدّها كما نعدّ وحدات الجوز أو كما نعدّ حلقات سلسلة حديدية طويلة. وفي هذه الحالة سوف نواجه عدداً لا يتناهى من الوحدات، فالعدد الصحيح (1) هو الوحدة الاولى، والكسر 12 هو الوحدة الثانية، والكسر 14 هو الوحدة الثالثة. وهكذا يزيد المجموع واحداً بعد واحد إلى غير نهاية، فليس أمامنا- ونحن نجمع تلك الأعداد كوحدات- (2)، وإنّما نواجه عدداً هائلًا لا ينتهي، وأمّا إذا أردنا أن نجمع الكمّيات التي ترمز إليها تلك الأعداد، فسوف نحصل على (2) فقط؛ لأنّ المجموع الرياضي لتلك الكمّيات المتناقصة هو ذلك، فغير المتناهي- إذن- هو كمّية نفس الأعداد المتعاطفة بما هي وحدات نجمع بعضها إلى بعض كما نجمع قلماً إلى قلم أو جوزة

 

[1] المسألة الفلسفيّة: 103 مع تصرّف يسير

300

المعارضة الساذجة لا يمكن أن تحطّم المبدأ الضروري العام في التفكير البشري:

(مبدأ عدم التناقض).

والحقيقة التي تبيّناها في عدّة من أمثلة التناقض الديالكتي هي: الصراع والتفاعل بين الأضداد الخارجية، وقد عرفنا فيما سبق أنّ هذا اللون من التفاعل بين الأضداد ليس من مميّزات الديالكتيك، بل هو من مقرّرات الميتافيزيقية، كما عرفناها في نصوص أرسطو.

ولو أردنا أن نقطع النظر عن أخطاء الماركسية في فهم التناقض، وفشلها في محاولات الاستدلال على قانون الديالكتيك، فسوف نجد مع ذلك أنّ التناقض الديالكتي لا يقدّم لنا تفسيراً مقبولًا للعالم، ولا يمكن فيه التعليل الصحيح، كما سوف نتبيّن ذلك في الجزء الرابع من هذه المسألة (المادّة أو اللَّه).

ومن الطريف أن نشير إلى مثل للتناقض قدّمه أحد الكتّاب المحدَثين‏[1] لتزييف مبدأ عدم التناقض قائلًا:

إنّ مبدأ عدم التناقض يقرّر أنّ كلّ كمية إمّا أن تكون متناهية أو غير متناهية، ولا يمكن أن تكون متناهية وغير متناهية في وقت واحد؛ لاستحالة التناقض، فإذا كان الأمر كذلك فإنّ نصف كمية متناهية يجب أن تكون متناهية دائماً، إنّها لا يمكن أن تكون لامتناهية، وإلّا كان مجموع كمّيتين لا متناهيتين متناهياً، وهذا خلف، ففي السلسلة المحتوية على الكميات:

 

[1] هو الدكتور محمّد عبد الرحمن مرحبا في كتابه: المسألة الفلسفية

299

نجد أنفسنا في تناقض حين نحاول أن نوحّد بين الفكرتين، ولكن قولنا: إيفان رجل، لا يعني في الواقع التوحيد بين الفكرتين، بل التوحيد بين الواقع الموضوعي لكلمة (إيفان)، والواقع الموضوعي لكلمة (رجل)، بمعنى: أنّ للّفظين واقعاً موضوعياً واحداً، ومن الواضح: أنّ واقع رجل لا يناقض الواقع الخارجي لإيفان، بل هو نفسه بالذات. فلا ينطوي التوحيد بينهما على تناقض، وهكذا يتّضح: أنّ التناقض الذي زعمته الماركسية في قضية: (إيفان رجل)، يقوم على أساس تفسير خاطئ للقضية، يعتبرها توحيداً بين فكرتين إحداهما عامّة والاخرى خاصّة، لا بين واقعين موضوعيين.

ومرّة اخرى نسأل عن هذا التناقض المزعوم في قضية: (إيفان رجل)، ما هي حصيلته؟ وما هو الصراع الذي ينتج عن هذا التناقض؟ وما هو التطوّر المنبثق عنه؟ فإنّ التناقضات الداخلية تشعل- في رأي الماركسية- الصراع، وتعتبر وقوداً للتطوّر، فكيف تستطيع الماركسية أن تشرح لنا كيف تتطوّر قضية:

(إيفان رجل)، وهل تعود بسبب تناقضاتها على شكل آخر؟!

ونخلص من دراستنا للتناقضات الديالكتيكية المزعومة إلى نتيجة، وهي:

أنّ كلّ ما عرضته الماركسية من تناقضات في الحقل الفلسفي أو العلمي، أو المجالات الاعتيادية العامّة، ليست من التناقض الذي يرفضه المبدأ الأساسي للمنطق الميتافيزيقي. ولا يمكن أن تعتبر دليلًا على تفنيد هذا المبدأ، بل لا تعدو أن تكون كمعارضات (أوبوليدس) الملطي قبل ألفي سنة لمبدأ عدم التناقض. فقد كان يردّ على هذا المبدأ قائلًا: إذا تقدّم أبوك إليك، وكان مقنّعاً فإنّك لا تعرفه، إذن أنت تعرف أباك، ولا تعرفه في آن واحد[1]. ومن البدهي أنّ هذه الألوان من‏

 

[1] يراجع تاريخ الفلسفة اليونانيّة، يوسف كرم: 211

298

مفاهيم ضرورة، ثمّة صلة موضوعية للطبيعة … فالعرضي والضروري، والظاهر والجوهر، موجودة هنا. فأنا إذ أقول:

إيفان هو رجل، وجوتشكا هي كلبة، وهذه ورقة شجر … إنّما أنبذ سلسلة من الرواميز، باعتبارها عرضية، وأفصل الجوهري عن السطحي، واثبت التعارض بينهما. وهكذا في كلّ قضية- كما في كلّ خلية- نستطيع أن نكشف بذور جميع عناصر الديالكتيك»[1].

ولكن من حقّنا أن نسأل لينين عن صفة العموم التي أسبغها على مدلول كلمة (رجل)، فهل هي صفة للفكرة التي نكوّنها في ذهننا عن كلمة (رجل)، أو للواقع الموضوعي لهذه الكلمة؟ ولا يحتاج هذا السؤال إلى مزيد من التأمّل؛ ليحصل على الإجابة الصحيحة، وهي: أنّ العموم صفة الفكر لا صفة الواقع. ففكرتنا عن كلمة (رجل) تكوّن مفهوماً عاماً يعبّر عن مسمّيات جزئية كثيرة، فإيفان رجل، وكيدروف رجل، ولينين رجل، بمعنى: أنّ الفكرة التي نملكها عن لفظ (الرجل)، هي الحصيلة الذهنية المشتركة لتلك الأفراد. وأمّا الواقع الموضوعي للرجل فهو شي‏ء معيّن محدود دائماً. وإذا أخذنا هذه الملاحظة بعين الاعتبار، استطعنا أن نعرف أنّ التناقض في قولنا: إيفان رجل، إنّما يوجد إذا أردنا أن نحكم على فكرتنا الخاصّة عن إيفان بأ نّها نفس الفكرة العامة التي نملكها عن الرجل، فإنّ هذا تناقض واضح، وهو لا يصحّ مطلقاً؛ لأنّ الفكرة الخاصّة عن إيفان لا يمكن أن تكون هي نفس الفكرة العامّة عن الرجل، وإلّا لكان العامّ والخاصّ شيئاً واحداً، كما حاوله لينين.

فنحن- إذن- إذا أخذنا إيفان كفكرة خاصّة، ورجل كفكرة عامّة، فسوف‏

 

[1] المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي: 21

297

وفي الواقع: أنّ هذا النصّ أكثر النصوص السابقة غرابة؛ إذ يعتبر فيها (ماو تسي تونغ) الحرب كائناً حقيقياً ينطوي على النقيضين، على النصر والهزيمة، مع أنّ هذا المفهوم عن الحرب لا يصحّ إلّافي ذهنية بدائية، تعوّدت على أخذ الأشياء في إطارها العام. فالحرب في التحليل الفلسفي عبارة عن كثرة من الحوادث، لم تتوحّد إلّافي اسلوب التعبير. فالنصر غير الهزيمة، والجيش المنتصر غير الجيش المنهزم، والوسائل أو نقاط القوّة التي مهّدت للانتصار، غير الوسائل أو نقاط الضعف التي أدّت إلى الهزيمة. والنتائج الحاسمة التي أدّت إليها الحرب، لم تكن بسبب صراع ديالكتيكي وتناقضات موحّدة، بل بسبب الصراع بين قوّتين خارجيّتين، وغلبة إحداهما على الاخرى.

7- تناقضات الحكم، كما يحدّث عنها (كيدروف) قائلًا:

«أيّاً ما كانت بساطة حكم مّا، ومهما بدا عادياً هذا الحكم، فهو يحتوي على بذور أو عناصر تناقضات ديالكتية، تتحرّك وتنمو داخل نطاقها المعرفة البشرية كلّها»[1].

ويؤكّد على ذلك (لينين) في قوله:

«البدء بأ يّة قضية كانت، بأبسط القضايا، وأكثرها عادية وشيوعاً … أوراق الشجر خضراء، إيفان هو رجل، (جوتشكا) هي كلبة … فحتّى هنا- أيضاً- ديالكتيك.

فالخاصّ هو عامّ … يعني: أنّ الأضداد- والخاصّ هو ضدّ العامّ- هي متماثلة، وحتّى هنا أيضاً ثمّة مبادئ أوّلية، ثمّة

 

[1] المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي: 20- 21

296

مضطرّين إلى التأكيد على أنّ قانون (نيوتن) هذا لا يبرّر التناقضات الديالكتيكية بلون من الألوان؛ لأنّ الفعل وردّ الفعل قوّتان قائمتان بجسمين، لا نقيضان مجتمعان في جسم واحد. فعجلتا السيّارة الخلفيّتان تدفعان الأرض بقوّة، وهذا هو الفعل. والأرض تدفع عجلتي السيّارة بقوّة اخرى مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتّجاه للُاولى، وهذا هو ردّ الفعل، وبسببه تتحرّك السيارة. فلم يحتوِ الجسم الواحد على دفعين متناقضين، ولم يقم في محتواه الداخلي صراع بين النفي والإثبات، بين النقيض والنقيض، بل السيارة تدفع الأرض من ناحية، والأرض تدفع السيارة من ناحية اخرى، والديالكتيك إنّما يحاول أن يشرح كيفية نموّ الأشياء وحركتها باحتوائها داخلياً على قوّتين متدافعتين، ونقيضين متخاصمين، يصارع كلّ منهما الآخر لينتصر عليه، ويبلور الشي‏ء تبعاً له. وأين هذا من قوّتين خارجيتين يتولّد من إحداهما فعل خاصّ، ومن الاخرى ردّ الفعل؟ ونحن نعرف جميعاً أنّ الزخمين المتعاكسين اللذين يولّدهما الفعل وردّ الفعل، يقومان في جسمين، ولا يمكن أن يكونا في جسم واحد؛ لأنّهما متعاكسان ومتنافيان، وليس هذا إلّالأجل مبدأ عدم التناقض.

6- تناقضات الحرب التي يعرضها (ماو تسي تونغ) في قوله:

«والواقع: أنّ الهجوم والدفاع في الحرب، والتقدّم والتراجع، والنصر والهزيمة، كلّها ظواهر متناقضة، ولا وجود للواحدة من دون الثانية. وهذان الطرفان يتصارعان، كما أ نّهما يتّحدان ببعضهما فيؤلّفان مجموع الحرب، ويفرضان تطوّرها، ويحلّان مشكلاتها»[1]

 

[1] حول التناقض: 14- 15

295

بالسالبة، مع أ نّا جميعاً نعلم أنّ هذا التعبير مجرّد اصطلاح فيزيائي، ولا يعني أ نّهما نقيضان حقيقة، كما يتناقض النفي والإثبات، أو السلب والإيجاب. فالكهربائية الموجبة هي المماثلة للكهربائية المتولّدة في القضيب الزجاجي المدلوك بقطعة من الحرير. والكهربائية السالبة هي المماثلة للكهربائية المتولّدة على الآيونين المدلوك بجلد الهرّ. فكلّ من الكهربائيتين نوع خاصّ من الشحنات الكهربائية، وليست إحداهما وجود الشي‏ء، والاخرى عدماً لذلك الشي‏ء.

الثاني- اعتبار التجاذب لوناً من الاجتماع. وعلى هذا الأساس فسّرت علاقة التجاذب القائمة بين الشحنة الموجبة، والشحنة السالبة بالتناقض، واعتبر هذا التناقض مظهراً من مظاهر الديالكتيك، مع أنّ الواقع: أنّ السلبية والإيجابية الكهربائيتين لم تجتمعا في شحنة واحدة، وإنّما هما شحنتان مستقلّتان تتجاذبان، كما يتجاذب القطبان المغناطيسيان المختلفان، من دون أن يعني ذلك وجود شحنة واحدة موجبة وسالبة في وقت واحد، أو وجود قطب مغناطيسي شمالي وجنوبي معاً. فالتجاذب بين الشحنات المتخالفة لون من ألوان التفاعل بين الأضداد الخارجية المستقلّ بعضها في الوجود عن بعض. وقد عرفنا فيما سبق أنّ التفاعل بين الأضداد الخارجية ليس من الديالكتيك بشي‏ء، ولا يمتّ إلى التناقض الذي يرفضه المنطق الميتافيزيقي بصلة، فالمسألة مسألة قوّتين، تؤثّر إحداهما في الاخرى، لا مسألة قوّة تتناقض في محتواها الداخلي، كما يزعم الديالكتيك.

5- تناقض الفعل وردّ الفعل في الميكانيك‏[1]. فالقانون الميكانيكي- القائل: إنّ لكلّ فعل ردّ فعل، يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتّجاه- مظهر من مظاهر التناقض الديالكتي في زعم الماركسية. ومرّة اخرى نجد أنفسنا

 

[1] حول التناقض: 14- 15

294

«كما رأينا بأنّ التناقض- مثلًا- بين مقدرة الإنسان على المعرفة مقدرة متأصّلة ولامحدودة، وبين تحقيق هذه المقدرة تحقّقاً فعلياً في البشر الذين هم مقيّدون بظروفهم الخارجية وبقابلياتهم الذهنية، يجد حلوله في تعاقب الأجيال تعاقباً لامحدوداً في التقدّم اللامتناهي، بالنسبة لنا على الأقلّ، وبحسب وجهة النظر العملية»[1].

نجد في هذا مثالًا جديداً لا على مبدأ التناقض، بل على عدم إجادة الماركسية فهم مبدأ عدم التناقض. فإنّه إذا كان من الصحيح: أنّ البشرية قادرة على المعرفة الكاملة، وأنّ كلّ بشر غير قادر على اكتساب تلك المعرفة بمفرده، فليس هذا مصداقاً للديالكتيك، ولا ظاهرة شاذّة عن المنطق الميتافيزيقي ومبدئه الأساسي، بل هو نظير تأكيدنا على أنّ الجيش قادر على الدفاع عن البلد، وأنّ كلّ فرد منهم لا يملك هذه القدرة. فهل هذا هو التناقض؟! وهل هذا هو الذي ارتكز المنطق الميتافيزيقي على رفضه؟! كلّا. فإنّ التناقض إنّما يقوم بين النفي والإثبات، فيما إذا تناولا موضوعاً واحداً. وأمّا إذا تناول الإثبات البشرية بمجموعها، وتناول النفي كلّ فرد بصورة مستقلّة- كما في المثال الذي عرضه أنجلز- فلا يوجد- عندئذٍ- تعارض بين النفي والإثبات.

4- التناقض في الفيزياء، بين الكهربائية الموجبة والسالبة[2].

وهذا التناقض المزعوم ينطوي على خطأين:

الأوّل- اعتبار الشحنة الموجبة والسالبة من قبيل النفي والإثبات، والسلب والإيجاب، نظراً إلى التعبير العلمي عن إحداهما بالموجبة، وعن الاخرى‏

 

[1] ضد دوهرنك: 203- 204

[2] حول التناقض: 14