کتابخانه
307

وَغَفَرَ ذُنوبي، وَبَلَّغَني طِلْبَتي، وَنَصَرَني عَلى عَدُوِّي، وَإنْ أعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحَكَ لا احْصيها، يا مَوْلايَ أنْتَ الَّذي مَنَنْتَ، أنْتَ الَّذي أنْعَمْتَ، أنْتَ الَّذي أحْسَنْتَ، أنْتَ الَّذي أجْمَلْتَ، أنْتَ الَّذي أفْضَلْتَ، أنْتَ الَّذي أكْمَلْتَ، أنْتَ الَّذي رَزَقْتَ، أنْتَ الَّذي وَفَّقْتَ، أنتَ الَّذي أعْطَيْتَ، أنْتَ الَّذي أغْنَيْتَ، أنْتَ الَّذي أقْنَيْتَ، أنْتَ الَّذي آوَيْتَ، أنْتَ الَّذي كَفَيْتَ، أنْتَ الَّذي هَدَيْتَ، أنْتَ الَّذي عَصَمْتَ، أنْتَ الَّذي سَتَرْتَ، أنْتَ الَّذي غَفَرْتَ، أنْتَ الَّذي أقَلْتَ، أنْتَ الَّذي مَكَّنْتَ، أنْتَ الَّذي أعْزَزْتَ، أنْتَ الَّذي أعَنْتَ، أنْتَ الَّذي عَضَدْتَ، أنْتَ الَّذي أيَّدْتَ، أنْتَ الَّذي نَصَرْتَ، أنْتَ الَّذي شَفَيْتَ، أنْتَ الَّذي عافَيْتَ، أنْتَ الَّذي أكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ الحْمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً أبَداً، ثُمَّ أنا يا إلَهي المُعْتَرِفُ بِذُنوبي فَاغْفِرْها لي، أنا الَّذي أسَأتُ، أنا الَّذي أخْطَأتُ، أنا الَّذي هَمَمْتُ، أنا الَّذي جَهِلْتُ، أنا الَّذي غَفَلْتُ، أنا الَّذي سَهَوْتُ، أنا الَّذي اعْتَمَدْتُ، أنا الَّذي تَعَمَّدْتُ، أنا الَّذي وَعَدْتُ، أنا الَّذي أخْلَفْتُ، أنا الَّذي نَكَثْتُ، أنا الَّذي أقْرَرْتُ، أنا الَّذي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدي وَأبوءُ بِذُنوبي فَاغْفِرْها لي، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالمُوفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الحَمْدُ إلهي وَسَيِّدي. إلَهي أمَرْتَني فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَني فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ لي فَأعْتَذِرُ، وَلا ذا قُوَّةٍ فَأنْتَصِرُ، فَبِأيِّ شَيْ‏ءٍ أسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ، أبِسَمْعي أمْ بِبَصَري أمْ بِلِساني أمْ بِيَدي أمْ بِرِجْلي؟ ألَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ؟ فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبيلُ عَلَيَّ، يا مَنْ سَتَرَني مِنَ الآباءِ وَالامَّهاتِ أنْ يَزْجُروني، وَمِنَ العَشائِرِ وَالإخْوانِ أن يُعَيِّروني، وَمِنَ السَّلاطينِ أنْ يُعاقِبوني، وَلَوِ اطَّلَعوا يا مَوْلايَ عَلى ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إذَنْ ما أنْظَروني وَلَرَفَضوني وَقَطَعوني، فَها أنا ذا يا إلَهي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدي خاضِعٌ ذَليلٌ حَصيرٌ حَقيرٌ لا ذو بَراءَةٍ فَأعْتَذِرُ، وَلا ذو قُوَّةٍ فَأنْتَصِرُ، وَلا حُجَّةٍ فَأحْتَجُّ بِها، وَلا قائِلٌ لَمْ أجْتَرِحْ وَلَمْ أعْمَلْ سوءاً وَما

306

لَهُ المُلوكُ نيرَ المَذَلَّةِ عَلى أعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفونَ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفي الصُّدورُ وَغَيْبَ ما تَأتي بِهِ الأزْمِنَةُ وَالدُّهورُ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إلّاهُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إلّاهُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إلّاهُوَ، يا مَنْ كَبَسَ الأرْضَ عَلَى الماءِ وَسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ يا مَنْ لَهُ أكْرَمُ الأسْماءِ، يا ذَا المَعْروفِ الَّذي لا يَنْقَطِعُ أبَداً، يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيوسُفَ في البَلَدِ القَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنَ الجُبِّ وَجاعِلُهُ بَعْدَ العُبودِيَّةِ مَلِكاً، يا رادَّهُ عَلى يَعْقوبَ بَعْدَ أنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوى عَنْ أيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَديْ إبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمْرِهِ، يا مَنْ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحيداً، يا مَنْ أخْرَجَ يونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ، وَيا مَنْ فَلَقَ البَحْرَ لِبَني إسْرائيلَ فَأنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنودَهُ مِنَ المُغْرَقينُ، يا مَنْ أرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يا مَنْ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طولِ الجُحودِ وَقَد غَدَوْا في نِعْمَتِهِ يَأكُلونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبوا رُسُلَهُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا بَدي‏ءُ، يا بَديعُ لا نِدَّ لَكَ، يا دائِمٌ لا نَفادَ لَكَ، يا حَيَّ حينَ لا حَيَّ يا مُحْييَ المَوْتى، يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْري فَلَمْ يَحْرِمْني، وَعَظُمَتْ خَطيئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني وَرَآني عَلَى المَعاصي فَلَمْ يَشْهَرْني، يا مَنْ حَفِظَني في صِغَري، يا مَنْ رَزَقَني في كِبَري، يا مَنْ أياديهِ عِنْدي لا تُحْصى وَنِعَمُهُ لا تُجازى، يا مَنْ عارَضَني بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالإساءَةِ وَالعِصْيانِ، يا مَنْ هَداني لِلإيْمانِ مِنْ قَبْلِ أن أعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَريضاً فَشَفاني وَعُرْياناً فَكَساني، وَجائِعاً فَأشْبَعَني وَعَطْشاناً فَأرْواني، وَذَليلًا فَأعَزَّني، وَجاهِلًا فَعَرَّفَني، وَوَحيداً فَكَثَّرَني، وَغائِباً فَرَدَّني، وَمُقِلًا فَأغْناني، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَني، وَغَنِيَّاً فَلَمْ يَسْلُبْني، وَأمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأني، فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أقالَ عَثْرَتي، وَنَفَّسَ كُرْبَتي، وَأجابَ دَعْوَتي، وَسَتَرَ عَوْرَتي،

305

وَديني فَاحْرُسْني، وَفي سَفَري فَاحْفَظْني، وَفي أهْلي وَمالي فَاخْلُفْني، وَفيما رَزَقْتَني فَبارِكْ لي، وَفي نَفْسي فَذَلِّلْني، وَفي أعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْني، وَمِنْ شَرِّ الجِنِّ وَالإنْسِ فَسَلِّمْني، وَبِذُنوبي فَلا تَفْضَحْني، وَبِسَريرَتي فَلا تُخْزِني، وَبِعَمَلي فَلا تَبْتَلِني، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْني، وَإلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْني، إلهي إلى مَنْ تَكِلُني؟ إلى قَريبٍ فَيَقْطَعُني، أمْ إلى بَعيدٍ فَيَتَجَهَّمُني، أمْ إلى المُسْتَضْعِفينَ لي وَأنْتَ رَبِّي وَمَليكُ أمْري، أشْكو إلَيْكَ غُرْبَتي وَبُعْدَ داري وَهَواني عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أمْري، إلهي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ فَإنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا ابالي‏[1]، سُبْحانَك غَيْرَ أنَّ عافِيَتَكَ أوْسَعُ لي، فَأسْألُكَ يا رَبِّ بِنورِ وَجْهِكَ الَّذي أشْرَقَتْ لَهُ الأرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ أمْرُ الأوَّلينَ وَالآخِرينَ أنْ لا تُميتَني عَلى غَضَبِكَ وَلا تُنْزِلْ بي سَخَطَكَ، لَكَ العُتْبى لَكَ العُتْبى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ، لا إلَه إلّاأنْتَ رَبَّ البَلَدِ الحِرامِ وَالمَشْعَرِ الحَرامِ وَالبَيْتِ العَتيقِ الَّذي أحْلَلْتَهُ البَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أمْناً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ أسْبَغَ النَّعْماءَ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ أعْطَى الجَزيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا صاحِبي في وَحْدَتي، يا غِياثي في كُرْبَتي، يا وَلِيِّي في نِعْمَتي، يا إلَهي وَإلَهَ آبائي إبْراهيمَ وَإسْماعيلَ وَإسْحاقَ وَيَعْقوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَإسْرافيلَ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ المُنْتَجَبينَ، مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالإنْجيلِ وَالزَّبورِ وَالفُرْقانِ، وَمُنْزِلُ «كهيعص» وَ «طه» و «يس وَالقُرْآنِ الحَكيمِ» أنْتَ كَهْفي حينَ تُعْييني المَذاهِبُ في سَعَتِها وَتَضيقُ بيَ الأرْضُ بِرُحْبِها وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكينَ، وَأنْتَ مُقيلُ عَثْرَتي وَلَوْلا سَتْرُكَ إيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَفْضوحينَ، وَأنْتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصْرِ عَلى أعْدائي وَلَوْلا نَصْرُكَ إيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَغْلوبينَ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ فَأوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ جَعَلَت‏

 

[1] في نسخة:« فلا ابالي سواك»

304

مَوْروثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في مُلْكِهِ فَيُضادُّهُ فيما ابْتَدَعَ، وَلا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إلّااللَّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللَّهِ الواحِدِ الأحَدِ الصَّمَدِ الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ، الحَمْدُ للَّهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبينَ وَأنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ المُخْلِصينَ وَسَلَّمَ».
فشرع عليه السلام في السؤال واهتمّ في الدعاء ودموعه تنحدر على خدَّيه ثمّ قال:
«اللهُمَّ اجْعَلْني أخْشاكَ كَأ نّي أراكَ، وَأسْعِدْني بِتَقْواكَ، وَلا تُشْقِني بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لي في قَضائِكَ، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ؛ حَتَّى لا احِبَّ تَعْجيلَ ما أخَّرْتَ وَلا تَأخيرَ ما عَجَّلْتَ. اللهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ في نَفْسي وَاليَقينَ في قَلْبي وَالإخْلاصَ في عَمَلي وَالنُّورَ في بَصَري وَالبَصيرَةَ في ديني، وَمَتِّعْني بِجَوارِحي، وَاجْعَلْ سَمْعي وَبَصَري الوارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْني عَلى مَنْ ظَلَمَني وَأرِني فيهِ ثاري وَمَآرِبي وَأقِرَّ بِذلِكَ عَيْني. اللهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتي وَاسْتُرْ عَوْرَتي، وَاغْفِرْ لي خَطيئَتي وَاخْسَأ شَيْطاني وَفُكَّ رِهاني، وَاجْعَلْ لي يا إلهي الدَّرَجَةَ العُلْيا في الآخِرَةِ وَالاوْلى. اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَني فَجَعَلْتَني خَلْقاً سَوِيَّاً رَحْمَةً بي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقي غَنِيَّاً، رَبِّ بِما بَرَأتَني فَعَدَّلْتَ فِطْرَتي، رَبِّ بِما أنْشَأتَني فَأحْسَنْتَ صورَتي، رَبِّ بِما أحْسَنْتَ إلَيَّ وَفي نَفْسي عافَيْتَني، رَبِّ بِما كَلأتَني وَوَفَّقْتَني، رَبِّ بِما أنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَني، رَبِّ بِما أوْلَيْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أعْطَيْتَني، رَبِّ بِما أطْعَمْتَني وَسَقَيْتَني، رَبِّ بِما أغْنَيْتَني وَأقْنَيْتَني، رَبِّ بِما أعَنْتَني وَأعْزَزْتَني، رَبِّ بِما ألبَسْتَني مِنْ سِتْرِكَ الصَّافي وَيَسَّرْتَ لي مِنْ صُنْعِكَ الكافي صَلِّ عَلى محمّدٍ وَآلِ محمّدٍ، وَأعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهورِ وَصُروفِ اللَيالي وَالأيّامِ، وَنَجِّني مِنْ أهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الآخِرَةِ، وَاكْفِني شَرَّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمونَ في الأرْضِ. اللهُمَّ ما أخافُ فَاكْفِني، وَما أحْذَرُ فَقِني، وَفي نَفْسي‏

303

وَأنا أشْهَدُ يا إلهي بِحَقيقَةِ إيماني وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقيني، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدي، وَباطِنِ مَكْنونِ ضَميري، وَعَلائِقِ مَجاري نورِ بَصَري، وَأساريرِ صَفْحَةِ جَبيني وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسي‏[1]، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنيني وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعي، وَما ضُمَّتْ وَأطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِساني وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمي وَفَكِّي وَمَنابِتِ أضْراسي وَمَساغِ مَطْعَمي وَمَشْرَبي، وَحِمالَةِ امِّ رَأسي، وَبَلوعِ فارِغِ حَبائِلِ‏[2] عُنُقي وَما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْري وَحَمائِلِ حَبْلِ وَتيني، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبي وَأفْلاذِ حَواشي كَبِدي وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ أضْلاعِي وَحِقاقُ مَفاصِلي، وَقَبْضُ عَوامِلي، وَأطْرافُ أنامِلي وَلَحْمي وَدَمي وَشَعْري وَبَشَري وَعَصَبي وَقَصَبي وَعِظامي وَمُخِّي وَعُروقي، وَجَميعِ جَوارِحي وَما انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أيّامَ رِضاعي، وَما أقَلَّتِ الأرْضُ مِنِّي، وَنَوْمي وَيَقْظَتي وَسُكوني وَحَرَكاتِ رُكوعي وَسُجودي أنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدى الأعْصارِ وَالأحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أنْ اؤَدِّي شُكْرَ واحِدَةٍ مِنْ أنْعُمِكَ ما اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إلّابِمَنِّكَ الموجِبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أبَداً جَديداً وَثَناءً طارِفاً عَتيداً، أجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أنا وَالعادُّونَ مِنْ أنامِكَ أنْ نُحْصيَ مَدى إنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً وَلا أحْصَيْناهُ أمَداً، هَيْهاتَ! أ نَّى ذَلِكَ وَأنْتَ المُخْبِرُ في كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبأ الصَّادِقِ: «وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها» صَدَقَ كِتابُكَ اللهُمَّ وَإنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ، غَيْرَ أ نِّي يا إلهي أشْهَدُ بِجُهْدي وَجِدِّي وَمَبْلَغَ طاعَتي‏[3] وَوُسْعي، وَأقولُ مُؤْمِناً موقِناً: الحَمْدُ للَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكون‏

 

[1] في نسخة:« نَفَسي»

[2] في نسخة:« وبلوغ حبائل بارع»

[3] في نسخة:« طاقتي»

302

وَإحْسانِكَ إلَيَّ في دَوْلَةِ أئِمَّةِ الكُفْرِ الذينَ نَقَضوا عَهْدَكَ وَكَذَّبوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الهُدَى الَّذي لَهُ يَسَّرْتَني وَفيهِ أنْشَأتَني، وَمِنْ قَبْلِ ذلكِ رَؤُفْتَ بي بِجَميلِ صُنْعِكَ وَسوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى، وَأسْكَنْتَني في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ، لَمْ تُشْهِدْني خَلْقي وَلَمْ تَجْعَلْ إلَيَّ شَيْئاً مِنْ أمْري، ثُمَّ أخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الهُدى إلى الدُّنْيا تامّاً سَوِيَّاً، وَحَفِظْتَني في المَهْدِ طِفلًا صَبِيّاً، وَرَزَقْتَني مِنَ الغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلوبَ الحَواضِنِ وَكَفَّلْتَني الامَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلأتَني مِنْ طَوارِقِ الجانِّ، وَسَلَّمْتَني مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمانُ، حَتّى إذا اسْتَهلَلْتُ ناطِقاً بِالكَلامِ أتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإنْعَامِ وَرَبَيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتي أوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأنْ ألْهَمْتَني مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَني بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأيْقَظْتَني لِما ذَرَأتَ في سَمائِكَ وَأرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَني لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَني ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إذْ خَلَقْتَني مِنْ خَيْرِ الثَّرى، لَمْ تَرْضَ لي يا إلهي نِعْمَةً دُونَ اخْرى، وَرَزَقْتَني مِنْ أنْواعِ المَعاشِ وَصُنوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظيمِ الأعْظَمِ عَلَيَّ وَإحْسانِكَ القَديمِ إلَيَّ حَتّى إذا أتْمَمْتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلي وَجُرْأتي عَلَيْكَ أنْ دَلَلْتَني إلى ما يُقَرِّبُني إلَيْكَ، وَوَفَّقْتَني لِما يُزْلِفُني لَدَيْكَ، فَإنْ دَعَوْتُكَ أجَبْتَني وَإنْ سَألْتُكَ أعْطَيْتَني، وَإنْ أطَعْتُكَ شَكَرْتَني وَإنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَني، كُلُّ ذلِكَ إكْمالٌ لأنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإحْسانِكَ إلَيَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعيدٍ حَميدٍ مَجيدٍ، تَقَدَّسَتْ أسْماؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأيُّ نِعَمِكَ يا إلهي احْصي عَدَداً وَذِكْراً أمْ أيُّ عَطاياكَ أقومُ بِها شُكْراً وَهِيَ يا رَبِّ أكْثَرُ مِنْ أن يُحْصيَها العادُّونَ أوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِها الحافِظونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأتَ عَنِّي اللهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ،

301
                        دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة
رويَ أنّ بشراً وبشيراً وَلَدا غالب الأسدي أ نّهما قالا: لمّا كان عصر عرفة في عرفات وكنّا عند أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام فخرج عليه السلام من خيمته مع جَماعةٍ من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال التذلّل والخشوع والاستكانة، فوقف في الجانب الأيسر من الجبل وتوجّه إلى الكعبة، ورفع يديه قِبالَة وجهه كمسكينٍ يطلب طعاماً وقرأ هذا الدعاء:
 «الحَمدُ للَّهِ الذي ليس لِقَضائِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ، وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أجْناسَ البَدائِعِ وَأتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الوَدائِعُ، جازي كُلِّ صانِعٍ وَرائِشُ كُلِّ قانِعٍ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ، مُنْزِلُ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ الساطِعِ، وَهُوَ لِلدعَواتِ سامِعٌ وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدرَجاتِ رافِعٌ وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا إلهَ غَيْرُهُ، وَلا شَيْ‏ءَ يَعْدِلُهُ، وليسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ اللَطيفُ الخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ.
اللهمَّ إنِّي أرْغَبُ إلَيْكَ وَأشْهَدُ بِالرُّبوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرٌّ بِأ نّكَ رَبِّي وَإلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأتَني بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أنْ أكونَ شَيْئاً مَذْكوراً، خَلَقْتَني مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أسْكَنْتَني الأصْلابَ آمِناً لِرَيْبِ المَنونِ وَاخْتِلافِ الدُّهورِ وَالسِّنينَ، فَلَمْ أزَلٌ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ إلى رَحِمٍ في تَقادُمٍ مِنَ الأيَّامِ الماضيَةِ وَالقُرونِ الخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْني لِرَأفَتِكَ بي وَلُطْفِكَ لي‏
300

299
موجز أحكام الحجّ‏
4

                        الأدعية والزيارات‏

دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة.
دعاء عليّ بن الحسين عليه السلام يوم عرفة.
زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله.
زيارة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام.
زيارة الأئمّة الأربعة عليهم السلام.