کتابخانه
298

ومنها: مساجد: قبا، والفضيخ، وامّ إبراهيم، وغير ذلك. وقد جاء بسندٍ صحيحٍ عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام أ نّه قال: «لا تَدَع إتيانَ المشاهِدِ كلّها: مسجد قبا، فإنّه المسجد الذي اسِّسَ على التقوى من أوّل يوم، ومشربة امِّ إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح»[1].

وفيما يأتي نذكر بعض ما ينبغي أن يُزار به الرسول صلى الله عليه و آله والصدّيقة وأئمّة البقيع الطاهرون عليهم السلام.

 

[1] وسائل الشيعة 14: 352- 353، الباب 12 من أبواب المزار وما يناسبه، الحديث الأوّل

297
                        زيارة المدينة المنوّرة
 (149) ومن أهمّ المستحبّات التي تُطلَب من الحاجّ: الذهاب إلى المدينة المنوّرة ابتداءً (قبل الحجّ) أو انتهاءً (بعد الفراغ من الحجّ) لزيارة الرسول الأعظم والإكثار من الصلاة والدعاء والعبادة في مسجده الشريف، وزيارة الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام اللَّه عليها، والأئمّة الأربعة: الحسن المجتبى، وعليّ بن الحسين السجّاد، ومحمّد بن عليّ الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق، والأقرب في قبر الصدّيقة أ نّه في بيتها الذي دخل في المسجد بعد توسعته، وأكبر الظنّ أ نّه داخل ضمن الشبّاك المنصوب فعلًا على القبر الشريف. وأمّا قبور الأئمّة الأربعة فهي في البقيع.
وفي المدينة وحواليها وعلى الطريق إليها مساجد ومشاهد وقبور شريفة ينبغي زيارتها:
منها: مسجد الغدير الواقع في الطريق إلى المدينة، وهو قائم في الموضع الذي نصب فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عليّاً خليفةً من بعده.
ومنها: قبور الشهداء في احد الواقعة على بعدٍ يُناهِز أربعة كيلومتراتٍ عن المدينة. وفي الرواية: «أنّ النبيّ كان إذا أتى قبور الشهداء قال: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار».
296

295

والعَافيةِ. اللهمَّ إنْ أمَتَّني فاغفِرْ لي، وإنْ أحيَيتني فارزُقنيه مِن قَابِل. اللهمَّ لا تجعلهُ آخِرَ العهدِ من بيتِكَ. اللهمَّ إنّي عبدُكَ وابنُ عبدِكَ وابنُ أمَتِكَ أدخَلتَني حرمكَ وأمنَك، وَقَدْ كانَ في حُسنِ ظنِّي بِكَ أن تغفرَ لي ذنوبِي، فإنْ كنتَ قد غفرتَ لي ذنوبي فازدَدْ عنِّي رضاً وقرِّبني إليك زُلفَى، وإن كنتَ لم تغفِرْ لي فِمِنَ الآنَ فاغفر لي قبلَ أن تنأى عن بيتكَ داري، وهذا أوانُ انصرافي إن كنتَ أذِنتَ لي غيرَ راغبٍ عنكَ ولا عن بيتِكَ ولا مُستبدِلٍ بكَ ولا بِهِ. اللهمَّ احفظني من بين يَدَيَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، حتّى تُبلغَني أهلي، واكْفِني مَؤونةَ عِبادِكَ وعِيالي، فإنَّكَ ولِيُّ ذلك مِن خلقِكَ ومِنِّي»[1].

 

[1] وسائل الشيعة 14: 287- 288، الباب 18 من أبواب العود إلى منى، الحديث الأوّل

294

فلا بدّ لإخواننا المؤمنين أن ينتبهوا إلى ذلك، ويدرِكوا عظمة المسؤوليّة الشرعيّة، ويتّقوا العذاب الأليم. وقد كان جملة من الأخيار يخشون من استيطان مكّة المكرّمة وسكناها مخافةَ ذلك.
7- قال كثير من الفقهاء (قدّس اللَّه أسرارهم): إنّ المسافر غير المقيم مخيَّر في مكّة بين القصر والتمام؛ لأنّه أحد المواضع التي يتخيّر فيها المسافر، ولكنّ الأحوط وجوباً عندنا: عدم الاكتفاء بصلاة التمام لمن لم يقصد الإقامة.
8- هناك أماكن شريفة في مكّة المكرّمة وما حولها وتُوحي بذكرياتٍ دينيّةٍ عاليةٍ لمن يتفقّدها:
منها: غار حِراء، وهو الغار الذي كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يتعبّد فيه قبل النبوّة ونزل عليه الوحي فيه.
ومنها: المكان الذي دُفِن فيه أبو طالب وخديجة امّ المؤمنين رضوان اللَّه عليهما، وهناك أيضاً قبر امّ النبيّ آمنة وقبر جدّه عبد المطّلب.
ومنها: منزل خديجة امّ المؤمنين الذي كان النبيّ صلى الله عليه و آله يسكنه معها بعد زواجه منها، وفيه وُلِدَت الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام، وهو الآن مسجد.
9- يستحبّ للمسافر إذا أراد الخروج من مكّة أن يودِّع البيتَ الحرام، ويطوف حوله سبعة أشواط، ويسمّى هذا الطواف بطواف الوداع، ويستلم الحجر الأسود، ويحمد اللَّه ويثني عليه، ويصلّي على محمّدٍ وآله.
ويستحبّ له أن يقول إذا فرغ من طوافه:
«اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ عبدِكَ ورسولِكَ ونبيِّكَ وأمِينَكَ وحبيبِكَ ونجيِّكَ وخِيرَتِكَ من خلقك، اللهمَّ كما بلّغَ رسالاتِكَ وجاهدَ في سبيلِكَ وصَدَعَ بأمرِكَ واوذِيَ في جَنبِكَ وعَبَدَكَ حتّى أتاهُ اليقينُ. اللهمَّ اقْلبني مُفلِحاً مُنجِحاً مُستجاباً لي بأفضلِ ما يرجِعُ بِهِ أحدٌ مِن وَفْدِكَ من المَغفرةِ والبركةِ والرحمةِ والرضوان‏

293

2- يَحرُم على الإنسان ولو كان مُحلّاً الصيد في الحرم وقلع ما ينبت فيه أو قطعه، وقد تقدّم ذلك في محرَّمات الإحرام مع بعض استثناءاته، فلاحظ الفقرة (72).

3- يكره كراهةً شديدةً التقاط الإنسان للّقطة في الحرم، وقال جماعة من الفقهاء بحرمة ذلك، فينبغي للحاجّ إذا وجد مالًا ضائعاً في الحرم أن لا يمدَّ يده إليه، وإذا أخذه فلا يجوز له تملّكه ولو عرَّف به، بل يجب عليه التعريف، وبعد انتهاء أمد التعريف وعدم وجدان المالك يتصدّق به ويضمن المال لصاحبه.

4- من جنى في غير الحرم ما يوجب عِقاباً معيّناً من حدٍّ أو تعزيرٍ أو قصاصٍ والتجأ إلى الحرم لم يؤخَذ ما دام فيه، ولكن يُضيَّق عليه بمقاطعته لإلجائه إلى الخروج.

5- الطواف حول البيت عبادة مستقلّة، ويعتبر بالنسبة إلى المسافر أفضل من الصلاة المستحبّة، خلافاً لأهل مكّة أنفسهم فإنّ الصلاة بالنسبة إليهم أفضل.

6- إنّ شرف مكّة وعظيم حرمتها يجعل أصغر الذنوب كبيراً فيها في عقابه عند اللَّه سبحانه وتعالى، قال اللَّه عزّ وجلّ: «وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ»[1].

وقد جاء في سندٍ معتبر عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللَّه الصادق عليه السلام عن ذلك؟ فقال: «كلّ الظلم فيه إلحاد، حتّى لو ضربتَ خادمَكَ بغير ذنبٍ ظلماً خشيت أن يكون إلحاداً»[2]. وفي بعض الأخبار[3]: أنّ أدناه الكِبْر.

 

[1] الحجّ: 25

[2] وسائل الشيعة 13: 231، الباب 16 من أبواب مقدّمات الطواف، الحديث الأوّل

[3] المصدر السابق 15: 374، الباب 58 من أبواب جهاد النفس وما يناسبه، الحديث الأوّل

292

تبعد عن المسجد الحرام بما يزيد عن اثنين وعشرين كيلومتراً على ما يقال.
وهذه النقاط والأماكن التي ذكرناها قريبة من الحرم وليست منه، وكلّ ما هو خارج عن مساحة الحرم تسمّى بالحدّ، وتسمّى تلك الأماكن المحادّة للحرم بأدنى الحلِّ.
(148) وهناك أحكام تتميّز بها مكّة والحرم نذكر فيما يلي جملةً منها:
1- لا يجوز للإنسان دخول مكّة بل ولا دخول الحرم إلّامحرِماً في أيِّ وقتٍ من السنة، ولا بدّ أن يكون الإحرام ضمن عمليّة حجٍّ أو عمرة، فمن لم يقصد الحجَّ إذا أراد دخول مكّة أو الحرم لا بدّ له أن يحرِم للعمرة من أحد المواقيت الخمسة، أو من أدنى الحلّ على التفصيل السابق في فصل المواقيت، ويستثنى من هذا الحكم مَن كان يتكرّر دخوله إلى مكّة المكرّمة وخروجه منها بموجب عمله، بل كلّ من كان متواجداً بمكّة بصورةٍ مشروعةٍ إذا خرج إلى الحلِّ ورجع قبل مضيِّ شهرٍ (ثلاثين يوماً) على خروجه جاز له الدخول بلا إحرام.
والعمرة المفردَة مشروعة مستحبّة في كلّ أيّام السنة، وأفضل أوقاتها شهر رجب، والأحوط عدم الإتيان بها في أيام التشريق (أيام منى) التي تنتهي بنهاية اليوم الثالث عشر. ولا بأس بالإتيان بعمرتين في شهرٍ واحد، بل في خلال عشرة أيام، بمعنى أ نّه لا يعتبر فاصل زمنيّ بين عمرتين، ولا تصحّ العمرة المفرَدة ممّن فرغ من عمرة التمتّع قبل الحج، ويصحّ العكس بأن يعتمر عمرةً مفردةً ثمّ يخرج إلى أحد المواقيت لعمرة التمتّع ويحرِم لها ولو وقع ذلك في نفس اليوم. ويجوز الإتيان بالعمرة المفردة في الوقت الذي تشرع فيه عمرة التمتّع، أي في أشهر الحجّ، ولو أتى بعمرةٍ مفردةٍ في هذا الوقت قبل أوان الحجّ وبقي في مكّة إلى حينه جاز له أن يجعلها عمرةَ تمتّعٍ ويأتي بالحجّ، ويعتبر حينئذٍ حجّ التمتّع، سواء كان حجّ التمتّع واجباً عليه أو مستحبّاً.

291
                        أحكام عامّة ترتبط بمكّة المكرّمة
 (147) مكّة المكرّمة حرم اللَّه تعالى، وقد شرَّفها سبحانه وتعالى بنسبتها إليه، والحرم الشرعي أوسع من مكّة، وهو يعبِّر عن مساحةٍ تدخل في ضمنها مكّة المكرّمة، وتقدّر هذه المساحة بمسافة بريدٍ طولًا وعرضاً، والبريد يساوي أربع فراسخ، أي حوالي اثنين وعشرين كيلومتراً. والمسجد الحرام واقع في وسط هذه المسافة، ولكنّه ليس في نقطة الوسط حقيقةً، فإنّ الحرم يمتدّ من بعض جوانبه أكثر ممّا يمتدّ من بعض جوانبه الاخرى، وقد حافظ المسلمون على علامات تعيّن حدود الحرم، وهذه الحدود التي تعيِّنها العلامات المذكورة تشير إلى أماكن قريبةٍ إلى الحرم من جهاته الأربع، وهي كما يلي:
1- يحدّ الحرم شمالًا باتّجاه المدينة المنوّرة مكان يسمّى بالتَنعيم والمسافة بينه وبين المسجد الحرام قُدِّرت بحوالي سبعة كيلومترات.
2- ويحدّ الحرم غرباً باتّجاه جدّة مكان يسمّى بالحُدَيبيّة، ويبعد عن المسجد الحرام على ما قيل حوالي ثمانية عشر كيلومتراً.
3- ويحدّ الحرم شرقاً باتّجاه نجدٍ مكان يسمّى بالجَعرانة، ويبعد عن المسجد الحرام على ما قيل بما يزيد على أربعة عشر كيلومتراً.
4- ويحدّ الحرم جنوباً باتّجاه عرفات والطائف مكان يسمّى «نمرة»، وهي‏
290

ويجوز إعطاؤها له صدقةً إن كان أهلًا لها.
وإذا أكل المكلّف شيئاً من لحم كفّارته فالأحوط وجوباً أن يضمن قيمة ما أكل ويتصدّق بتلك القيمة على الفقراء.