کتابخانه
283

ابن أخيك الأكبر لك، التي يحدّدها هذا العلم الإجمالي، نجد أ نّها 5/ 1، بينما عرفنا آنفاً أنّ قيمة احتمال زيارة الأخ الأكبر التي يحدّدها العلم الإجمالي الأوّل هي 2/ 1، وهي نفسها تعتبر قيمة احتمال زيارة ولده، وبهذا تعتبر القيمة الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي الذي يضمّ الفئة الاولى مختلفة عن القيمة الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي الذي يضمّ الفئة الثانية.
ولا شكّ في أنّ القيمة الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي الذي يضمّ الفئة الاولى حاكمة على القيمة الاحتمالية الاخرى؛ لأنّ مجرّد وجود عدد أكبر من الأولاد للأخ الأصغر لا يمكن أن يؤدّي إلى تنمية احتمال زيارته وخفض احتمال زيارة الأخ الأكبر، ما دام عدد الأولاد لا أثر له في زيارة الأب.
ويمكننا أن نفسّر هذه الحكومة على أساس البديهية الإضافية الثالثة، ونوضّح ذلك من خلال النقاط التالية:
1- إنّ أعضاء الفئة الاولى هي الأسباب لأعضاء الفئة الثانية؛ لأنّ وجود أحد الأولاد الخمسة لا يوجد له أيّ دافع في افتراضنا السابق، إلّااصطحاب والده له معه.
2- إنّ المعلوم بالعلم الإجمالي الذي يضمّ فئة الأخوين كلّي مقيّد، كما أنّ المعلوم بالعلم الإجمالي الذي يضمّ فئة الأولاد كلّي مقيّد أيضاً؛ لأنّنا نعلم فعلًا بأنّ أخاً وولده سوف يأتيان لزيارتنا، وهذا يعني: أنّ الأخ الذي سوف يزورنا هو أب الولد الذي سوف يزورنا فعلًا، وأنّ الولد الذي سوف يزورنا هو ابن الأخ الذي سوف يزورنا فعلًا، أي أنّ كلًا من الأخ وابن الأخ الزائرين يمكننا أن نحدّده بأ نّه أب أو ابن الزائر الآخر الذي سيزورنا فعلًا، وهو معنى أنّ المعلوم بكلّ من العلمين كلّي مقيّد.
فالمعلوم بالعلم الإجمالي الذي يضمّ فئة الأخوين هو أن يزورنا أخ يتّصف‏

282

هذا الاحتمال الأخير سبباً في تخفيض قيمة احتمال أنّ خالداً أبيض؛ لأنّ احتمال أنّ خالداً هو الشخص المعلوم في المكتب يستمدّ قيمته من العلم بأنّ إنساناً أبيض في المكتب، فبقدر ما يحتمل كونه إنساناً أبيض يحتمل طرفيّته لذلك العلم.
وليس من الفرضيات التي تفي بالحكومة أن يوجد احتمال كبير يدلّ على تقيّد الإنسان المعلوم وجوده في المكتب بالبياض، بدلًا عن العلم بتقيّده بهذه الصفة، إذ في هذه الحالة يصبح احتمال انطباق الكلّي على فرد ليس بأبيض معارضاً لذلك الاحتمال الدالّ على أنّ الكلّي المعلوم أبيض، ونافياً- بدرجته الخاصّة- لتقيّد الكلّي بتلك الصفة.

الحكومة في الأسباب والمسبّبات:

إذا وجدنا فئتين كلّ واحدة منهما تشكّل مجموعة الأطراف لعلم إجمالي، وكانت أعضاء الفئة الاولى أسباباً لأعضاء الفئة الثانية، فالقيم الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي الذي يضمّ الفئة الاولى، حاكمة على القيم الاحتمالية التي يحدّدها العلم الإجمالي الذي يضمّ الفئة الثانية.
ومثال ذلك: أن تعلم علماً إجمالياً بأنّ أحد أخويك سيزورك، ولنفرض أنّ مبرّرات زيارة كلّ منهما مساوية لمبرّرات زيارة الآخر، فالفئة التي يضمّها هذا العلم تشتمل على عضوين، وقيمة احتمال كلّ منهما بموجب ذلك العلم 2/ 1.
ونفترض أنّ الأخ الأكبر ليس له إلّاولد واحد، والأخ الأصغر له أربعة أولاد، وأنت تعلم بأنّ أيّ واحد من أخويك إذا جاء، فسوف يصحب معه ولداً له، فهذا يعني: أ نّك تعلم علماً إجمالياً آخر بأنّ أحد أولاد أخويك الخمسة سوف يزورك أيضاً، وهذا العلم يضمّ فئة تشتمل على خمسة. فإذا لاحظنا قيمة احتمال زيارة

281

تكون ثابتة ومحكومة كما تفترض بديهية الحكومة.
كما أنّ اللازم إذا كان لازماً أعمّ لكلا طرفي العلم الإجمالي الأوّل فلا يمكن تطبيق بديهية الحكومة، ففي المثال المتقدّم لو كنّا نعلم بأنّ كلًا من خالد وزيد أبيض فلا مجال للحكومة.
الفرضيّة الثانية:
أن نحصل على علم بأنّ المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل يتّصف بصفة، وهذه الصفة ليست لازمة لأيّ واحد من الطرفين، وإنّما هي ممكنة ومحتملة في أيّ واحد منهما، ففي هذه الحالة تصبح أيّ قيمة احتمالية تنفي- بدرجة أكبر- ثبوت تلك الصفة أو تثبت- بدرجة أكبر- ثبوتها في طرف، حاكمة على القيمة الاحتمالية المسبقة، ومثاله: أن نكون على علم بأنّ شخصاً أبيض الوجه في المكتب، وقد قيل لنا: إنّه إمّا زيد وإمّا خالد، ونحن لا نملك فكرة محدّدة عن لونهما معاً. فالبياض هنا صفة علمنا بتقيّد الكلّي المعلوم بها، وهي ليست لازمة- في حدود ما نعلم- لا لزيد ولا لخالد. فإذا كان احتمال البياض فيهما بدرجة واحدة فسوف يصبح احتمال وجود أيّ واحد منهما في المكتب: 2/ 1.
وأمّا إذا حصلنا على قيمة احتمالية تؤدّي إلى نموّ احتمال نفي البياض في خالد فسوف تكون هذه القيمة حاكمة على القيمة الاحتمالية المحدّدة على أساس العلم الإجمالي الأوّل. فمثلًا: قد يكون خالد من سلالةٍ يندر فيها البياض، بنحوٍ يوجب العلم الإجمالي بأنّ في كلّ خمسة من هذه السلالة يوجد إنسان واحد أبيض. وهذا العلم يعطي لاحتمال بياض خالد القيمة التالية: 5/ 1.
وبقدر ما تضعف قيمة احتمال أن يكون خالد أبيض، تضعف قيمة احتمال أ نّه الإنسان المعلوم وجوده في المكتب بالعلم الإجمالي الأوّل. ولا يمكن أن يكون‏

280

الطرف الآخر من المحتمل أن يكون متّصفاً بها ومن المحتمل أن لا يكون متّصفاً بها. ففي هذه الحالة تصبح أيّ قيمة احتمالية نافية لاتّصاف الطرف الآخر بذلك اللازم، حاكمة على القيمة الاحتماليّة المثبتة للطرف الآخر والمستمدّة من العلم الإجمالي الأوّل.
فإذا كنّا نعلم بوجود أحد شخصين في المكتب: إمّا زيد وإمّا خالد، وعلمنا عن طريق شهادة أشخاص رأوا الشخص: أنّ الشخص الموجود في المكتب أبيض، ونحن نعلم أنّ خالداً أبيض ولسنا نعلم عن لون زيد شيئاً. فالبياض هو الصفة التي نعلم باتّصاف المعلوم بالإجمال بها، وهذه الصفة لازم أعمّ لخالد، وليس بينها وبين ما نعرفه عن زيد أيّ تلازم إيجابي أو سلبي.
ففي هذه الحالة يكون أيّ عامل يضعّف قيمة احتمال اتّصاف زيد بالبياض، حاكماً على القيمة الاحتمالية لوجود زيد في المكتب المستمدّة من العلم الإجمالي الأوّل، ولا يمكن- بصورة عكسية- أن يكون احتمال وجوده في المكتب على أساس ذلك العلم الإجمالي سبباً في تنمية احتمال أ نّه أبيض؛ لأنّ احتمال وجوده في المكتب إنّما نشأ باعتباره مصداقاً للكلّي الذي تعلّق به العلم الإجمالي، والكلّي المعلوم هو: وجود إنسان أبيض في المكتب، فبقدر ما يثبت أ نّه أبيض يثبت أ نّه مصداق للكلّي الذي تعلّق به العلم الإجمالي القبلي، وبالتالي يكتسب قيمته الاحتمالية.
هذه هي الفرضيّة الاولى التي تفي ببديهية الحكومة. وتعني هذه الفرضيّة:
أنّ اللازم إذا كان مساوياً لأحد الطرفين فلا موضع للحكومة. ففي المثال المتقدّم لو كنّا نعلم بأنّ خالداً وحده هو الأبيض، لكنّا نعلم بأنّ الذي في المكتب هو خالد حتماً ما دمنا نعلم: أنّ الإنسان الذي في المكتب أبيض ولا أبيض سوى خالد، وبذلك يزول العلم الإجمالي الأوّل وتضمحلّ قيَمُه الاحتمالية نهائياً، بدلًا عن أن‏

279

ففي هذه الحالة، إذا وجد عامل على أساس علم إجمالي ثانٍ يفرض قيمة كبيرة لاحتمال أن يكون النزيل الوحيد في المستشفى هو فلان بالذات، فهذه القيمة الكبيرة بنفس درجة إثباتها لكون فلان نزيلًا في المستشفى، تثبت موته، وتعتبر حاكمة على القيمة الاحتمالية النافية لموت فلان المستمدّة من العلم الإجمالي الأوّل، تطبيقاً لنفس البديهية الإضافية الثالثة المتقدّمة؛ وذلك لأنّ القيمة الاحتمالية التي تثبت أنّ فلاناً هو نزيل المستشفى تثبت بنفس درجة إثباتها لذلك أنّ فلاناً طرف للمعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل، وتنفي بنفس الدرجة طرفيّة التسعة الآخرين للمعلوم في العلم الإجمالي الأوّل، وبهذا تكون حاكمة على القيم الاحتمالية لموتهم المستمدّة من ذلك العلم؛ لأنّ تلك القيم متفرّعة عن طرفيّتهم لذلك العلم، فالعامل الذي يضعّف احتمال الطرفيّة يحكم على تلك القيم.

الفرضيّات التي تفي ببديهية الحكومة:

على ضوء ما تقدّم في توضيح بديهية الحكومة يمكن أن نعرف أنّ هناك فرضيّتين تفيان ببديهيّة الحكومة وتحقّقان شروطها:

الفرضيّة الاولى:

أن نحصل على علم بأنّ المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل يتّصف بصفة، وتكون هذه الصفة بمثابة اللازم الأعمّ لأحد طرفي العلم الإجمالي‏[1]، ولا يكون بينها وبين الطرف الآخر للعلم الإجمالي تلازم إيجابي ولا سلبي، بمعنى أن‏

 

[1] اللازم الأعمّ للشي‏ء هو: ما كان موجوداً حتماً عند وجوده، ولكن ليس من الضروري أن يكون الشي‏ء موجوداً عند وجود ذلك اللازم الأعمّ.( المؤلّف قدس سره)

278

نفيها للقضية تنفي طرفية تلك القضية للعلم الإجمالي الآخر دون العكس، فهي حاكمة على الاخرى، ولا تصلح الاخرى للتعارض معها وبالتالي لا مبرّر لضرب أحد العلمين بالآخر وتكوين علم إجمالي ثالث.
وأهمّ نتيجة تؤدّي إليها هذه البديهية الإضافية الثالثة أ نّها تبرهن على الخطأ في تطبيق مبدأ الاحتمال العكسي الذي شرحناه سابقاً، فإنّ هذا المبدأ يستبطن قاعدة الضرب، فلا يصحّ تطبيقه في الحالات التي تنطبق عليها بديهية الحكومة، وهذا ما سوف نؤجّل توضيحه إلى الفصل المقبل من هذا القسم- إن شاء اللَّه تعالى-.

العوامل المثبتة في الحكومة كالنافية:

عرفنا أنّ القيمة الاحتمالية النافية، حاكمة على القيمة الاحتمالية المثبتة لقضيّةٍ ما، إذا كانت تؤدّي إلى نفي طَرَفيّة تلك القضية للعلم الإجمالي الذي انبثقت منه القيمة الاحتمالية المثبتة، وفقاً للبديهية الإضافية الثالثة.
ونفس الشي‏ء نقوله عن القيمة الاحتمالية التي تعطي درجة أكبر لاحتمال كون القضيّة طرفاً للعلم الإجمالي. وذلك إذا وجد لدينا علم إجمالي بأنّ الإنسان المريض في المستشفى قد مات، ونفترض أ نّا نعلم بأنّ المستشفى لا يحتوي إلّا على نزيل واحد، ولا نعلم من هو هذا النزيل، بل نواجه عشرة احتمالات بشأن تعيين ذلك النزيل الوحيد، وهذا يعني: أنّ العلم الإجمالي له معلوم وهو موت المريض النزيل في المستشفى، وله أطراف عشرة بعدد الأفراد الذين يحتمل في أيّ واحد منهم أن يكون هو النزيل في المستشفى، فقيمة احتمال أن يكون الميّت فلاناً من العشرة 10/ 1، وقيمة احتمال أن لا يكون الميّت ذلك الشخص 10/ 9.

277

فمثلًا: إذا كنّا نعرف أنّ المريض الحادي عشر مصاب بالسلّ، ونعرف أيضاً أنّ أكثر المرضى بالسلّ يفضّلون المستشفى (ب) على المستشفى (ج)، فسوف يحصل احتمال أن يكون هذا المريض نزيلًا في المستشفى (ب) على قيمة أكبر، وبقدر ذلك يتضاءل احتمال أن يكون هو الميّت المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل، تبعاً لتضاؤل احتمال مصداقيّته للكلّي المعلوم بذلك العلم. ولا يمكن أن يحدث العكس، أي أن يتضاءل احتمال أن يكون المريض الحادي عشر في المستشفى (ب)، لحساب احتمال أن يكون هو الميّت المعلوم.
ونستخلص ممّا تقدّم الحقيقة التالية: وهي أ نّه كلّما تقيّد الكلّي الذي تعلّق به العلم الإجمالي بصفة- من قبيل صفة نزيل المستشفى (ج) التي تقيّد بها كلّي الإنسان المريض الذي تعلّق العلم الإجمالي بموته- وكانت الصفة مشكوكة الوجود في شي‏ء من الأشياء، فلا بدّ أن نحدّد- بصورة مسبقة على ذلك العلم الإجمالي- قيمة احتمال وجود الصفة فيه، وبقدر ما تتوفّر من قيم احتمالية نافية- بصورة مسبقة- لتلك الصفة فيه، يضعف احتمال أن يكون هو المعلوم إجمالًا.
ولا يمكن أن تعارَض تلك القيم الاحتمالية النافية بالقيم الاحتمالية المثبتة المستمدّة من نفس العلم الإجمالي الذي نشكّ في أنّ ذلك الشي‏ء مصداق للكلّي الذي تعلّق به ذلك العلم.
ومعنى هذا: أنّ هذا العلم الإجمالي لا يمكن أن يعارض العلم الإجمالي الآخر الذي تحدّد على أساسه قيمة احتمال وجود الصفة في الشي‏ء، أي أنّ العلم الإجمالي الآخر حاكم على هذا العلم.
وهذه الحكومة يمكن أن نقدّمها بوصفها البديهية الإضافية الثالثة وصيغتها:
أ نّه إذا وجدت قيمتان احتماليتان مستمدّتان من علمين إجماليين إحداهما مثبتة لقضيةٍ ما والاخرى نافية لها، وكانت إحدى القيمتين الاحتماليتين في إثباتها أو

276

العلم الإجمالي الأوّل، يتوقّف على مدى إمكان إثبات كونه مصداقاً للكلّي المعلوم بذلك العلم، وهذا يعني: أنّ القيمة الاحتمالية لموت هذا الشخص التي تستمدّ من العلم الإجمالي الأوّل هي قيمة احتمال أن يكون هذا المريض نزيلًا في المستشفى (ج)، مضروبة في قيمة احتمال أن يكون هو الإنسان الميّت على افتراض أ نّه من نزلاء المستشفى (ج).
وعلى هذا الأساس نعرف أنّ أيّ قيمة احتمالية تنفي أن يكون هذا المريض من نزلاء المستشفى (ج)، فهي تنفي- بنفس الدرجة- أن يكون طرفاً للعلم الإجمالي ومصداقاً للكلّي المعلوم، وبالتالي تسبّب انخفاض قيمة احتمال أن يكون هو ذلك الإنسان الميّت بقدر ما تسبّب من انخفاض في قيمة احتمال كونه طرفاً للعلم الإجمالي.
ولا يمكن أن تكون تلك القيمة الاحتمالية النافية معارضةً بالقيمة التي يملكها احتمال أن يكون هذا المريض الحادي عشر هو الإنسان الميّت المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل؛ لأنّ هذه القيمة الاحتمالية مستمدّة من العلم الإجمالي بموت أحد نزلاء المستشفى (ج)، فهي فرع عن كونه نزيلًا في المستشفى.
وبكلمة اخرى: إنّ العلم الإجمالي بالكلّي إنّما يوزّع قيَمه الاحتمالية على مصاديق ذلك الكلّي، باعتبار أ نّه يشكّل دلالة احتمالية على كلّ مصداق من تلك المصاديق، وهذا يعني: أنّ هذه الدلالة الاحتمالية مرتبطة بمدى إمكان إثبات كون الشي‏ء مصداقاً لذلك الكلّي، فلا يمكن أن تساهم في تنمية احتمال كونه مصداقاً للكلّي، بل يجب أن تحدّد قيمة احتمال كونه مصداقاً للكلّي بصورة مسبقة، وبقدر ما تكون قيمة هذا الاحتمال أكبر يعطي حصّة أكبر من القيمة الاحتمالية التي يحصل عليها أيّ مصداق آخر من المصاديق المعلومة للكلّي.
والعكس صحيح أيضاً.

275

المستشفى (ج) انخفض احتمال أن يكون هو النزيل الميّت. وفي ما يلي تفسير ذلك:
تقدّم عند تعريفنا للعلم الإجمالي أنّ العلم الإجمالي- أيّ علم إجمالي- له معلوم، وهو شي‏ء غير محدّد إلّافي نطاق مجموعة الأطراف التي يشتمل عليها، وهذا يعني أ نّه كلّي، وكلّ طرف من أطراف العلم الإجمالي مصداق لذلك الكلّي، والمعلوم هو الكلّي، ولمّا كان الكلّي لا يوجد إلّامتمثّلًا في أحد أفراده كان وجود كلّ طرف من أطراف العلم محتملًا بوصفه مصداقاً للكلّي المعلوم، فكلّ طرف يحتمل وجوده على أساس احتمال انطباق ذلك الكلّي المعلوم عليه، وكلّ احتمالات الانطباق على الأطراف مستمدّة من العلم الإجمالي، وعلى أساس كلّ واحد من هذه الاحتمالات يتحدّد أحد أطراف العلم الإجمالي.
وفي هذا الضوء نلاحظ- في مثال المستشفى- أنّ المعلوم بالعلم الإجمالي موته، إنسان غير محدّد إلّابصفتين هما: أ نّه مريض وأ نّه نزيل في المستشفى (ج)، أي إنسان كلّي. وكلّ واحد ممّن يصدق عليه هذا الكلّي يستمدّ قيمة احتمالية من العلم الإجمالي. وقد افترضنا أ نّنا نعلم بوجود عشرة مرضى في المستشفى (ج)، ونشكّ في وجود الحادي عشر، وهذا يعني: أنّ هناك إحدى عشرة قيمة احتمالية ولكنّها ليست متساوية؛ لأنّ كلّ واحد من العشرة نعلم بأ نّه مصداق للكلّي الذي تعلّق به العلم الإجمالي نظراً إلى علمنا بمرضهم ونزولهم في المستشفى (ج)، وأمّا الحادي عشر فنحن لا نعلم بنزوله في المستشفى (ج)، وهذا يعني: أ نّا لا نعلم بأ نّه مصداق للكلّي المعلوم؛ لأنّ الكلّي المعلوم موته مقيّد بكونه نزيلًا في المستشفى (ج)، وبالتالي لا نعلم أ نّه طرف للعلم الإجمالي؛ لأنّ الذي يحدّد طرفيّة شي‏ء للعلم الإجمالي مصداقيّته للكلّي الذي تعلّق به ذلك العلم، ويترتّب على ذلك أنّ اكتساب موت المريض الحادي عشر قيمة احتمالية من‏