وهذا الجزاء في القضية الشرطية التي يمثّلها العلم الإجمالي الشرطي غير محدّد، لا في خبرتي فقط، بل في الواقع أيضاً، ولا يمكن حتّى لذات كلّية العلم أن تعيّن الكرة التي كانت تتّصف بالسواد لو كان في الكرات البيض العشر كرة سوداء.
وهذان القسمان من العلم الإجمالي الشرطي يختلفان اختلافاً جوهريّاً:
فالقضية الشرطية التي يمثّلها العلم الإجمالي من القسم الثاني تتحدّث عن جزاء لا يمكن تعيينه في الواقع حتّى لذات كلّية العلم، وهذا يعني أ نّها لا تتحدّث في الحقيقة عن الواقع ولا تنبئ بنبأ عنه، وإنّما تعبّر عن استحالة التناقض، فما دمنا قد افترضنا- في مثال الكرات البيض- أنّ إحدى الكرات العشر سوداء فإنّ ممّا يناقض هذا الفرض أن تكون الكرة 1 بيضاء، والكرة 2 بيضاء، و … و … والكرة 10 بيضاء، فلا بدّ- على أساس مبدأ عدم التناقض- أن يكون افتراضنا للسواد في إحدى الكرات البيض، يتضمّن أن تكون الكرة 1 سوداء، أو الكرة 2 سوداء، وهكذا.
وخلافاً لذلك العلم الإجمالي الشرطي من القسم الأوّل فإنّه ينبئ عن الواقع ويتحدّث عنه بلغة يشوبها الشكّ والترديد، ولهذا كان بإمكان ذات أكثر علماً منّا أن تتحدّث عن ذلك الواقع نفسه بلغة سليمة من الشكّ والترديد.
وهذا الفارق الجوهري بين القسمين يؤدّي إلى القول: بأنّ القسم الثاني من العلم الإجمالي لا يمكن أن يكون أساساً لتقييم درجة الاحتمال؛ لأنّه ما دام لا يتحدّث عن الواقع ولا يكشف عنه، فلا يمكن أن تحدّد على أساسه قيمة الاحتمال الذي ينبئ عن الواقع. خلافاً للقسم الأوّل من العلم الإجمالي الشرطي، فإنّه- نظراً إلى إخباره عن الواقع- يصلح أن يتّخذ أساساً لتقييم الاحتمالات وتحديد درجتها.