کتابخانه
386

كلّ مجموعة من تلك المجاميع بنسبة واحد إلى خمسة، فخرجنا من ذلك بتعميم لهذه النسبة على كلّ مجموعة اخرى تشتمل على مائة حالة من حالات وجود (أ)، وعبّرنا عن ذلك في قانون إحصائي يقول: إنّ (أ) يعقبها (ب) عشرين مرّة في كلّ مائة مرّة.
فنحن- إذن- قمنا بتعميم استقرائي للنسبة الإحصائية إلى سائر المجاميع الاخرى التي لم يشملها إحصاؤنا المباشر، وهذا التعميم الاستقرائي بنفسه يحتاج إلى افتراض مبدأ السببيّة بمفهومها العقلي- ولو على مستوى الاحتمال-، إذ لو استبعدنا نهائياً فكرة السببيّة العقلية وآمنّا بالصدفة المطلقة، فهذا يعني: أنّ ظهور (ب) عشرين مرّة في كلّ مجموعة من المجاميع التي شملها إحصاؤنا، كان صدفة وبدون أيّ سبب يحتّم ذلك، وفي هذه الحالة لا يمكن أن نعمّم نسبة ظهوره إلى سائر المجاميع الاخرى. ويفقد الدليل الاستقرائي قدرته على تنمية احتمال هذا التعميم؛ لأنّ الصدفة ليس من الضروري أن تتكرّر، كما أوضحنا في تفسيرنا المتقدّم للمرحلة الاستنباطية من الاستقراء.
وهكذا نعرف أنّ القوانين الإحصائية التي تستخدمها العلوم، بدلًا عن التعميمات السببيّة، ليست- من وجهة نظر تحليلية للدليل الاستقرائي- بديلًا لمبدأ السببيّة بمفهومه العقلي، بل إنّ أيّ قانون إحصائي هو نتيجة استقراء وتعميم استقرائي لنسبة التكرّر، وهذا التعميم بدوره يتوقّف على افتراض مبدأ السببيّة العقلية ولو على مستوى الاحتمال؛ لأنّ كلّ تعميم استقرائي لا يمكن أن يستغني عن هذه المصادرة، كما تبيّن في الطريقة التي فسّرنا بها المرحلة الاستنباطية من الدليل الاستقرائي.

385

قول من هذا القبيل‏[1].

وعلى هذا الأساس أصبح من المعقول استبدال السببيّة العقلية بالاطرادات الإحصائية، فبدلًا من القول بأنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها، نقول: إنّ (أ) تعقبها (ب) مرّة واحدة أو خمسين مرّة في كلّ مائة مرّة يوجد فيها (أ). وبهذا نصل إلى قانون مفيد يمكن اتخاذه أساساً لمعرفتنا بما حولنا من الأشياء.

ولا شكّ في أنّ قضية تتحدّث عن نسبة اطراد وجود (ب) عقيب (أ) هي أكثر فائدة من قضية تقول: إنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها، ولكن هذا لا يدعونا إلى رفض مبدأ السببيّة. فنحن لو كنّا قادرين على أن نستوعب كلّ الموانع التي تحول دون تأثير (أ) في إيجاد (ب)- ولنفرض أ نّها عبارة عن (ج) (د) (ه) (ي)- لأمكننا أن نصوغ التعميم السببي صياغة معقولة فنقول: إنّ (أ) تسبّب (ب) إلّاإذا اتّفق وجود (ج) أو (د) أو (ه) أو (ي). وحيث أنّ استيعاب كلّ تلك الموانع غير ميسور- بموجب الافتراض الذي تقدّم- فليس بإمكاننا الوصول إلى صياغة من هذا القبيل للتعميم السببي.

وعلى هذا الأساس نحاول، بدلًا من استيعاب الموانع، أن نعرف بالاستقراء نسبة وجودها إلى مجموع حالات وجود (أ)، لنخرج بإحصاء لدرجة تكرّر وجود (ب) عقيب (أ)، فإذا لاحظنا مثلًا: أنّ النسبة هي واحد من خمسة، فسوف نقول: إنّ (أ) يعقبها (ب) عشرين مرّة في كلّ مائة مرّة يوجد فيها (أ). ونحن في الحصول على هذه النسبة الإحصائية لوجود (ب) في حالات وجود (أ)، اعتمدنا على الاستقراء، أي أ نّنا جرّبنا مجاميع عديدة من حالات وجود (أ)، كلّ مجموعة تشتمل على مائة حالة من حالات وجود (أ)، فرأينا أنّ (ب) تكرّر في‏

 

[1] المعرفة الإنسانية لرسل: 474- 475

384

الجسيم البسيط، ولا أن تفسّر اختلافاتها على أساس قانون عامّ يتيح للعالم أن يتنبّأ دائماً بالوضع المستقبل، على ضوء ما يعرفه من ظروف وأحوال، وهذا لا يكفي وحده للبرهنة على نفي مبدأ السببيّة، بل إنّه يؤدّي- في حالة عدم وجود مبرّرات عقلية قبلية للإيمان بهذا المبدأ- إلى الشكّ في وجود السبب، والشكّ معناه احتمال مبدأ السببيّة، وهذا هو كلّ ما نريده كمصادرة للدليل الاستقرائي.
وحتّى إذا افترضنا أنّ العلم استطاع أن يتأكّد من عدم وجود أسباب محدّدة تقوم على أساسها ظواهر العالم الذرّي وتصرّفات الجسيم البسيط، فهذا لا يمنع من احتمال مبدأ السببيّة بالنسبة إلى عالم المركّبات وما يضمّ من ظواهر، وبالتالي نحتفظ بالمصادرة التي يحتاجها الدليل الاستقرائي بالنسبة إلى هذا العالم.

4- التبرير العملي:

بقيت حجّة واحدة تساق عادة لتبرير الانتقال من فكرة السببيّة، بمفهومها العقلي الذي يستبطن الضرورة والحتمية، إلى فكرة القانون السببي الذي يتحدّث عن مجرّد التتابع بين ظاهرتين.
ويقول (رسل) في توضيح هذه الحجّة: إنّنا إذا افترضنا الحصول على تعميم يقول بأنّ (أ) هي سبب (ب)، مثلًا جوزات البلّوط تسبّب أشجار البلّوط، وكانت هناك فترة محدّدة بين (أ) و (ب)، فقد يحدث شي‏ء خلال هذه الفترة لمنع (ب)، فقد تأكل الخنازير جوزات البلّوط مثلًا. ولا نستطيع أن نأخذ بنظر الاعتبار ما في العالم من تعقيدات لامتناهية، ولذلك يصبح التعميم السببي الذي حصلنا عليه كما يلي: «إنّ (أ) ستسبّب (ب) إذا لم يحصل شي‏ء يمنع (ب)». وبعبارة اخرى: «إنّ (أ) ستسبّب (ب) إلّاإذا لم تسبّبها». ولا يوجد أيّ معنى مفيد في‏

383

قضية أو نفيها لا يمكن أن نزعم المعرفة بصدقها أو كذبها. وهذا يعني أ نّه لا يسمح لنا برفض القضية والاعتقاد بعدمها لمجرّد أنّ الخبرة والتجربة لم تثبت صدقها؛ لأنّ المعرفة بالنفي كالمعرفة بالإثبات لا يمكن قبولها من وجهة نظر تجريبية ما لم تستند إلى الخبرة. فالقضية القائلة: إنّ هناك علاقات ضرورة بين السبب والمسبّب، لا يمكن أن نثبتها ولا أن ننفيها إلّاعلى أساس التجربة، ويعني ذلك أنّ هذه القضية سوف تكون محتملة في ظلّ المذهب التجريبي، وهذا الاحتمال هو الذي يحقّق الشرط المسبق الذي يتطلّبه الدليل الاستقرائي لكي يتمكّن من ممارسة المرحلة الاستنباطية على أساس الطريقة التي شرحناها في البحوث السابقة.
فما دمنا قد أوضحنا أنّ الشرط الأساس للمرحلة الاستنباطية من الدليل الاستقرائي هو أن يبدأ هذا الدليل من احتمال علاقة الضرورة بين (أ) و (ب)، وليس من الضروري أن يبدأ من الاعتقاد بها والتأكيد المسبق لها، فسوف يتاح للدليل الاستقرائي أن يحصل على شرطه في ظلّ المذهب التجريبي والعقلي على السواء.

3- التبرير العلمي:

وهناك الاتجاه الذي بدأه بعض علماء الفيزياء الذرّية على أساس مجموعة من التجارب العلمية في مجال الذرّة، وهو اتجاه يميل إلى القول بأنّ مبدأ السببيّة- بما تحتوي من حتمية وضرورة- لا ينطبق على العالم الذرّي.
ومن الواضح أنّ عدم إمكان التوصّل إلى تفسير سببي لسلوك الجسيم البسيط أو الذرّة، لا يعني بحال من الأحوال نفي السببيّة، وإنّما يعني: أنّ التجارب العلمية لم تستطع أن تبرهن على وجود سبب لتلك الظواهر التي يمارسها ذلك‏

382

والفرق بين التجريبيين غير الوضعيين والمناطقة الوضعيين، يتمثّل في موقفهما من القضية التي لا توجد كيفية معيّنة لاستخدام التجربة والخبرة الحسّية من أجل إثبات صدقها: فهي تعتبر في رأي المناطقة الوضعيين فارغة من المعنى، وأمّا التجريبيون غير الوضعيين فيعترفون بأ نّها قضية ذات معنى من الناحية المنطقية، لأنّهم لا يربطون معنى القضية بكيفية إثبات صدقها، ولكنّهم يربطون درجة التصديق بها بمدى قدرة التجربة على إثباتها، فكلّ قضية لا يمكن للتجربة أن تبرهن عليها لا يمكن قبولها؛ لأنّ التجربة والخبرة الحسيّة هي المصدر الأساس للمعرفة في رأي المذهب التجريبي.
وعلاقة السببيّة- بمفهومها العقلي، بوصفها علاقة ضرورة بين (أ) و (ب)- من القضايا التي لا تمتدّ الخبرة الحسّية إليها؛ لأنّ الخبرة الحسّية بإمكانها أن تدرك (أ) و (ب) واقتران أحدهما بالآخر، وأمّا علاقة الضرورة بينهما فليس بإمكان الخبرة الحسّية أن تدركها.
وعلى هذا الأساس رفض (دافيد هيوم) علاقة السببيّة بوصفها علاقة ضرورة، وفسَّرها: بأ نّها مجرّد اقتران أو تعاقب مطّرد بين الظاهرتين، تجاوباً مع اتجاهه التجريبي في نظرية المعرفة. وكان ذلك بداية تحوّل السببيّة، في الفكر الفلسفي الحديث، من علاقة ضرورة بين ظاهرتين إلى قوانين سببيّة تصف اطراداً معيّناً للاقتران أو التعاقب بين ظاهرتين، دون أن تضيف إلى ذلك أيّ افتراض عقلي للضرورة.
والحقيقة أ نّه ليس بالإمكان رفض علاقة الضرورة بين السبب والمسبّب على أساس المذهب التجريبي في نظرية المعرفة؛ لأنّ الاتجاه التجريبي في تفسير المعرفة البشرية لا يبرهن على نفي علاقة الضرورة هذه ولا يكفي لتبرير الاعتقاد بعدمها، وإنّما يربط المعرفة بالخبرة والتجربة، فما لم تتوفّر التجربة على إثبات‏

381

(أ) و (ب) علاقة ضرورة في حالات اقتران أحدهما بالآخر، أو لم تكن، لا يختلف بسبب ذلك ما هو المحتوى الحسّي لخبرتنا عن (أ) و (ب)؛ لأنّ علاقة الضرورة لا تدخل في مجال الخبرة الحسّية. وهذا يعني أنّ هذه الجملة ليس بالإمكان التوصّل إلى كيفية لاستخدام الخبرة الحسّية في إثبات صدقها أو كذبها، وجملة من هذا القبيل لا يعترف بها المنطق الوضعي كقضية، ويرفض التسليم بوجود معنى لها.
ونستخلص من ذلك: أنّ الوضعية تقدّم مبرّراً منطقياً لرفض علاقة السببيّة بمفهومها الحقيقي، يقوم على أساس أنّ أيّ كلام يتحدّث عن هذه السببيّة بوصفها علاقة ضرورة لا معنى له إطلاقاً.
وتقييم هذا المبرّر المنطقي للرفض يرتبط بتقييم موقف المنطق الوضعي من القضية ومفهومه عنها، الذي يربط فيه بين معنى القضية وكيفية استخدام الخبرة الحسّية لإثبات صدقها. وسوف نتناول ذلك بالدرس والنقد في القسم الأخير من بحوث هذا الكتاب- إن شاء اللَّه- ونخرج بنتيجة وهي: أنّ المنطق الوضعي ليس على حقّ في هذا الربط بين معنى القضية وكيفية إثبات صدقها، وبذلك يفقد المبرّر- الذي استعرضناه لرفض علاقة السببيّة- أساسه المنطقي.

2- التبرير الفلسفي:

ويمكننا أن نعتبر المبرّرات الناشئة عن الاتجاه التجريبي في نظرية المعرفة ذات طابع فلسفي، فهناك اتجاه في نظرية المعرفة يؤمن بأنّ التجربة والخبرة الحسّية هي المصدر الأساس للمعرفة البشرية، ويرفض التسليم بمبادئ أو قضايا بصورة مستقلّة عنها، وهذا هو الاتجاه الذي يؤمن به المذهب التجريبي في نظرية المعرفة.

380
1- التبرير المنطقي:

والمبرّر المنطقي لرفض علاقة السببيّة بمفهومها العقلي يرتكز على أساس تصوّرات المنطق الوضعي عن القضية، إذ يربط معنى القضية بكيفية إثبات صدقها أو كذبها، بما لدى الإنسان من خبرة حسّية. فكلّ جملة يمكن للإنسان بخبرته الحسّية أن يثبت صدقها أو كذبها، فهي قضية ذات معنى، سواء كانت صادقة أو كاذبة. وكلّ جملة لا يملك الإنسان طريقة محدّدة لاستخدام خبرته الحسيّة في إثبات صدقها أو كذبها فهي ليست قضية، وليس لها معنى إطلاقاً في رأي المنطق الوضعي.
فإذا اعتبرنا التمكّن من استخدام الخبرة الحسّية لإثبات صدق الجملة أو كذبها شرطاً أساسياً في تكوين القضية من الناحية المنطقية، أدّى ذلك إلى أنّ كلّ جملة لا يؤثّر افتراض صدقها أو كذبها على خبرتنا الحسّية لا يمكن أن تكون قضية من الناحية المنطقية؛ لأنّ الخبرة الحسّية سوف تعجز في هذه الحالة عن إثبات صدقها أو كذبها، ما دامت هذه الخبرة الحسّية لا يمكن أن تتأثّر بصدقها أو بكذبها.
وعلى هذا الأساس إذا درسنا الجملة القائلة: «كلّ (أ) يعقبها- أو يقارنها- (ب)» نجد أ نّها قضية من وجهة نظر المنطق الوضعي؛ لأنّ بالإمكان التوصّل إلى كيفيةٍ لإثبات صدقها أو كذبها باستخدام الخبرة الحسّية، وذلك بإيجاد (أ) لكي نلاحظ هل يوجد (ب) عقيبه حقاً أو لا؟
وأمّا إذا درسنا الجملة القائلة: «إنّ بين (أ) و (ب) علاقة ضرورية تجعل من الضروري أن يوجد (ب) عقيب (أ)» فسوف نجد أنّ علاقة الضرورة هذه لا تضيف إلى الاقتران أو التعاقب شيئاً في مجال الخبرة الحسّية، فسواء كان بين‏

379
تحقيق الشرط الأساس للمرحلة الاستنباطيّة
علاقات السببيّة:

قد تأكّدنا في ضوء الطريقة العامّة التي حدّدنا على أساسها المرحلة الاستنباطية من الاستقراء: أنّ الشرط الأساس لتمكّن الدليل الاستقرائي من ممارسة هذه المرحلة على أساس تلك الطريقة، هو أن لا توجد مبرّرات قبلية تدعو إلى رفض علاقات السببيّة بمفهومها العقلي، والاعتقاد بعدمها.
ومن أجل ذلك سوف ندرس الآن هذا الشرط، لنرى هل هناك مبرّرات قبلية لرفض علاقة السببيّة بالمفهوم العقلي؟ ويكفينا في حدود إنجاح الطريقة العامّة المقترحة للدليل الاستقرائي أن لا نجد مبرّرات للرفض، ولسنا بحاجة إلى مبرّرات قبلية لإثبات المفاهيم العقلية عن السببيّة.

مبرّرات رفض السببيّة العقليّة:

ويمكننا أن نصنّف مبرّرات رفض السببيّة العقلية إلى: مبرّرات منطقية، ومبرّرات فلسفية، ومبرّرات علمية، ومبرّرات عملية:

378

الإجمالي الشرطي، فإذا كنّا نعالج تعميماً يقول: «كلّ (أ) هي (ب)»، وافترضنا أنّ فئة (أ) تضمّ ستّة أفراد نرمز إليها بما يلي: أ 1، أ 2، أ 3، أ 4، أ 5، أ 6، كما نرمز إلى (أ) التي ليست (ب) ب (أَ)، ووجدنا بالاختبار: أنّ الألفات: أ 1، أ 2، أ 3، أ 4، هي باءات، ونرمز إلى مجموع الاختبارات المنجّزة التي تثبت ذلك ب (ن)، وإلى احتمال التعميم بعد الحصول على هذه الاختبارات ب (ح‏ن) وإلى احتمال أن يوجد أربع ألفات هي باءات على افتراض كذب التعميم ب (ك‏ن). فبإمكاننا القول بأنّ (ك‏ن) يستمدّ قيمته من علم إجمالي شرطي، وهو العلم بأ نّه إذا كان التعميم كاذباً (أي إذا كان هناك (أَ) واحد على الأقلّ فإمّا أن يكون (أَ) هو أ 1، أو أ 2، أو أ 3، أو أ 4، أو أ 5، أو أ 6، وهذا علم إجمالي شرطي يضمّ ستّة احتمالات كما نرى، واحتمال وجود (ن) على افتراض كذب التعميم هو حاصل جمع الاحتمال الخامس والسادس، وبذلك تكون قيمة (ك‏ن) بعد أربعة اختبارات 6/ 2، فإذا ازدادت (ن) وأصبحت تعبّر عن خمسة اختبارات لصالح التعميم فسوف تتضاءل قيمة (ك‏ن) وتصبح 6/ 1. وهكذا تتّجه (ك‏ن) إلى الصفر على أساس القيمة التي تكتسبها من ذلك العلم الإجمالي الشرطي.
وهذا العلم الإجمالي الشرطي هو نفس العلم الذي تحدّثنا عنه سابقاً، وعرفنا أنّ هذا النوع من العلوم الإجمالية الشرطية لا يمكن أن يكون أساساً لتقييم الاحتمال؛ لأنّها علوم لا تملك جزاءً محدّداً في الواقع، والاحتمالات التي تشتمل عليه ليست احتمالات حقيقية، بدليل أ نّه ليس بالإمكان التخلّص منها حتّى لذات كلّية العلم.
وهكذا يتّضح أنّ (ك‏ن) لا يمكن أن تحدَّد قيمته على أساس هذا العلم الإجمالي الشرطي.