کتابخانه
98

مقامان:

أمّا المقام الأوّل فتفصيله: أنّ المدرك إذا كان هو السيرة العقلائية فمرتكزاتها تأبى‏ عن دخل البلوغ على نحو الموضوعية في الحجّية. نعم، قد يكون دخيلًا بوصفه طريقاً إلى إحراز النضج والرشد، ونحن نتكلّم الآن مع فرض إحراز ذلك في غير البالغ.

وإذا كان المدرك هو الأخبار، فلابدّ من ملاحظة دلالاتها اللفظية، ووجود الإطلاق في جملةٍ منها مشكل لو قطع النظر عن المناسبات العقلائية للحكم؛ لأنّ عنوان الرجل مأخوذ فيها: إمّا سؤالًا، وإمّا جواباً، وإمّا بحكم كون مورد الحجّية فرض صدور الإخبار من الراوي المخاطب وهو بالغ، فلا يمكن التعدّي إلى الصبيّ؛ لعدم صدق عنوان الرجل عليه، بل قد يشكل حينئذٍ الإطلاق للمرأة أيضاً.

نعم، هناك ما لا بأس بالتمسّك بإطلاقه لو تمّت دلالته، من قبيل ما ورد من قوله: «عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك»، فإنّ عنوان المشرك مطلق يشمل البالغ والصبيّ المشرك، ومزاولة الصبيان للبيع أمر معروف فلا ينصرف عنه الدليل.

وأمّا المقام الثاني فقد يستشهد للتقييد: تارةً برواية عبد الأعلى، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الحجامة أفيها وضوء؟ قال «لا، ولا تغسل مكانها؛ لأنّ الحجّام مؤتَمَن إذا كان ينظِّفه، ولم يكن صبيّاً صغيراً»[1].

واخرى بحديث رفع القلم عن الصبي‏[2].

 

[1] وسائل الشيعة 3: 499، الباب 56 من ابواب النجاسات، الحديث 1.

[2] وسائل الشيعة 1: 45، الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 11.

97

أمّا الدعوى الاولى‏ فقد يستشهد لها برواية الجبن‏[1]، التي قال فيها الإمام‏ عليه السلام‏: «اشترِ من رجلٍ مسلم».

ويندفع ذلك: بأنّ هذا التقييد كان بلحاظ دخل الإسلام في ظهور حال البيع الصادر من بائع الجبن في كونه مذكّى، لا بلحاظ دخله في حجّية إخباره.

وأمّا الدعوى الثانية فتقريبها: أنّ الروايات لا إطلاق فيها، كما يظهر بمراجعة ما تقدّم منها عند البحث عن أصل الحجّية، فروايات بيع الدهن المتنجّس الآمرة بالإخبار[2]، المتيقّن منها إخبار السائل الراوي وهو مسلم، ورواية شراء الجبن اخذ فيها قيد الإسلام، ورواية إعارة الثوب ممّن لا يصلّي في الثوب لا تعمّ غير المسلم؛ لأنّها فرضت المعير مصلّياً …، وهكذا.

ولكن توجد رواية واردة في المشركين خاصّةً إذا تمّت دلالتها كانت دالّةً على التعميم، وقد ورد فيها: «عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه»[3].

فاذا بني على أنّ المقصود من السؤال السؤال من المشركين والتعبّد بالجواب فهي واردة في غير المسلم.

الثالثة: في أنّ الحجّية هل تختصّ بالبالغ، أو تشمل غيره إذا كان مميّزاً؟

والكلام عن ذلك: تارةً حول تمامية المقتضي إثباتاً في دليل الحجّية للشمول، واخرى حول وجود المانع عن الأخذ بإطلاقه لو تمّ في نفسه. فهنا

 

[1] وسائل الشيعة 25: 118- 119، الباب 61 من أبواب الأطعمة المباحة، الحديث 4.

[2] وسائل الشيعة 17: 98، الباب 6 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.

[3] وسائل الشيعة 3: 492، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحديث 7.

96

صاحب يدٍ رأساً، وهو على خلاف الارتكاز والظهور.

نعم، في روايات البختج‏[1] قد اخذ فيها ما يدلّ على اعتبار الوثاقة، وسوف نتعرّض لها في المسألة الأخيرة إن شاء اللَّه تعالى.

الثانية: في أ نّه هل تختصّ الحجّية بالمسلم، أو تشمل الكافر؟

وتحقيق ذلك: أ نّا إذا بنينا على المدرك العقلائي، وأنّ نكتته الأخبرية النوعية كما تقدّم فلا يفرق بين المسلم والكافر، فإنّ كونه أخبر بوقوع الدم على عباءته لا دخل لإسلامه وكفره في ذلك.

نعم، هنا أمران:

أحدهما: أنّ الكافر يكون عادةً جاهلًا بالأحكام والمصطلحات الشرعية، فلا معنى لشهادته بالنجاسة وهو جاهل بمغزاها الشرعي، بخلاف الشهادة بأسبابها.

الثاني: أنّ كفر صاحب اليد قد يكون قرينةً على أ نّه ليس جادّاً في شهادته، بل هازلًا أو متهكِّماً، أو محرجاً، وهذا معناه وجود القرينة على التهمة في إخباره، وقيام القرينة على التهمة تمنع عن الحجّية مطلقاً.

وكلا هذين الأمرين لا اختصاص لهما بالكافر، بل يمكن افتراضهما في المسلم البعيد عن دينه والمستهتر بشريعته، ومرجعهما إلى عدم تمامية الصغرى أحياناً، لا إلى التفصيل في كبرى الحجّية.

وإذا بنينا على الاستدلال بالروايات فقد يقال: تارةً بوجود ما يدلّ على اشتراط الإسلام، ويقال تارةً اخرى- بعد فرض عدم الدالّ على التقييد-: إنّه لا إطلاق في الروايات للكافر، وهو يكفي في منع الحجّية.

 

[1] وسائل الشيعة 25: 292، الباب 7 من أبواب الأشربة المحرّمة.

95

يده، فهل يقبل أو يشترط أن يكون المخبر به معاصراً لليد زماناً؟ الظاهر هو الثاني؛ لأنّ المدرك هو السيرة العقلائية، ونكتتها الأخبرية النوعية، ولا أخبرية كذلك في المقام بلحاظ ذلك الزمان.
ومجرّد أنّ الشي‏ء انتقل إلى حوزته وملكه بعد ذلك لا يؤثّر في درجة كاشفية خبره عمّا مضى، فلو التزم بأ نّه يؤثّر في حجّية إخباره لكان مقتضاه حمل الحجّية على التعبّد الصرف، وهو خلاف المرتكزات العقلائية.
نعم، لو بني على التمسّك بالروايات والجمود على مداليلها بدون تحكيمٍ للمرتكزات العرفية عليها أمكن التمسّك بإطلاق بعضها لإثبات الحجّية في المقام.
وعلى ضوء ما تقدّم يمكن أن نعرف أيضاً أنّ صاحب اليد إذا أخبر بنجاسة ما في يده بدعوىً مبنيّةٍ على منشأ نسبته إليه وإلينا على نحوٍ واحدٍ فلا يعلم بشمول دليل الحجّية لمثل ذلك، فلو قال- مثلًا-: «عباءتي نجسة لأنّها وقعت على عباءة فلان فتنجّست بها» فهذا الكلام لايثبت به نجاسة عباءة فلان جزماً؛ لعدم كونه صاحب اليد عليها، ولكن هل يثبت بها نجاسة عباءته؟ الأقرب العدم؛ لأنّ نكتة الأخبرية النوعية غير محفوظةٍ حينئذٍ، وإنّما تحفظ في غير هذه الصورة.
الجهة الثالثة: في سعة دائرة الحجّية لأقسام صاحب اليد، وهي تشتمل على مسائل:
الاولى: في أ نّه هل تختصّ الحجّية بالثقة، أو تشمل غيره؟
والجواب واضح، وهو عدم الاختصاص، سواء استندنا في الحجّية إلى السيرة العقلائية، أو إلى الروايات؛ لأنّ العنوان المأخوذ فيها عنوان صاحب اليد، ولو قيّد بالثقة لزم- بعد البناء على حجّية خبر الثقة مطلقاً- إلغاء خصوصية كونه‏

94

الأخبرية.

ويؤيد ذلك: إمكان دعوى الإطلاق في بعض الروايات المستدلّ بها على الحجّية أيضاً، كمعتبرة عبد اللَّه بن بكير، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجلٍ أعار رجلًا ثوباً فصلّى فيه، وهو لا يصلّي فيه؟ قال: «لا يعلمه» قال: قلت: فإن أعلمه؟ قال: «يعيد»[1].

حيث إنّ الإخبار هنا يفرض بعد الاستعارة المساوقة لانتفاء اليد، فإنّ انتقال الثوب بالاستعارة يوجب انتفاء اليد بالمعنى المقصود في المقام، وهو الممارسة والتصرّف وإن كانت اليد بالمعنى المراد في قاعدة اليد باقية.

غير أنّ الاستدلال بالروايات غير تامٍّ، كما تقدّم في محلّه‏[2].

ثمّ إنّه لو لم يتمّ إطلاق في دليل الحجّية أمكن التمسّك باستصحاب الحجّية الثابتة حال فعلية اليد، بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، وصحّة إجراء الاستصحاب التعليقي.

ومن مجموع ما ذكرناه ظهر حكم الحالة الثالثة، وهي: ما إذا كان الإخبار بعد الاستعمال مع فعلية اليد فإنّه حجّة على ضوء ما تقدّم، بل لو قيل بعدم حجّيته بلحاظ الاستعمال السابق مع كونه حجّةً بلحاظ الاستعمال اللاحق للزم التفكيك بين الوضوء السابق من الحوض الذي أخبر صاحبه الآن بأ نّه نجس والوضوء اللاحق، مع أنّ هذا التفكيك على خلاف المرتكز العقلائيّ الملحوظ فيه جهة كاشفية الإخبار، التي نسبتها إلى كلٍّ من الوضوءين على نحوٍ واحد.

ثمّ إنّ إخبار صاحب اليد قد يكون ناظراً إلى زمان ما قبل وقوع الشي‏ء في‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 488، الباب 47 من أبواب النجاسات، الحديث 3.

[2] راجع الجزء الثاني: 123- 129.

93

عدم النجاسة فيلتزم بعدم الحجّية للتعارض.

وأمّا التقريب الثالث فيرد عليه: ماعرفت في محلّه‏[1] من: أنّ قبول خبر صاحب اليد في إثبات النجاسة ليس من صغريات قاعدة «مَنْ ملك شيئاً ملك الإقرار به»، فلا يصحّ أن يقاس بمواردها؛ لأنّ تلك القاعدة ليست إلّامجرّد توسيع لقاعدة «أنّ إقرار العقلاء على أنفسهم نافذ»، الناظرة إلى الآثار التحميلية، فلا تشمل إثبات الطهارة والنجاسة، ولو فرض أخذها كقاعدةٍ مستقلّةٍ فمفادها نفوذ الإقرار بما يملك، فمن يملك البيع أو الطلاق ينفذ إقراره به، والإقرار في المقام تعلّق بالنجاسة، ولا معنى لملكها.

ودعوى: أنّ المالك لشي‏ءٍ يملك تنجيسه، فينفذ إقراره بالتنجيس مدفوعة:

بأنّ لازم تطبيق القاعدة على هذا النحو نفوذ الإقرار المذكور من كلّ مَن له أن ينجّس الشي‏ء ولو لم يكن في حيازته، أو ملكاً له، كما لو كان مأذوناً من قبل المالك في ذلك، ولازمه أيضاً نفوذ الإقرار من المالك بالتنجيس، لا بوقوع النجاسة فيها؛ لأنّ ما يملكه هو ذاك.

وكلّ ذلك واضح البطلان، وهو يكشف عن أنّ قاعدة «مَنْ ملك شيئاً ملك الإقرار به» إنّما هي في ملك التصرّفات المعاملية، التي يتصوّر لها نفوذ وصحّة وبطلان، لا أنّ كلَّ مَن له أن يعمل شيئاً يصدَّق في إخباره به ولو كان أجنبياً عن ذلك. وعليه فلا موجب لمقايسة المقام بموارد القاعدة المذكورة.

فالصحيح: ما عليه السيّد الماتن قدس سره، من حجّية إخبار صاحب اليد إذا صدر منه بعد ارتفاع يده، وكان ناظراً إلى زمان فعلية اليد؛ وذلك لأنّ السيرة العقلائية على العمل به شاملة لهذا الفرض؛ لانحفاظ نكتتها الارتكازية فيه وهي‏

 

[1] راجع الجزء الثاني: 118.

92

الشهادة، كما هو المفروض.
وبناءً على ذلك لا معنى لجعل شهادة صاحب اليد بالنجاسة وإخباره بأنّ المال لزيدٍ من بابٍ واحد؛ لما عرفت من أنّ هذا الإخبار ليس حجّةً من باب الشهادة، بل من باب التلفيق بين اليد والإقرار. فالقول بأنّ هذا الإخبار ليس حجّةً بعد خروج المال عن اليد- لعدم إمكان التلفيق المذكور- لا يستلزم عدم حجّية الشهادة بنجاسة الشي‏ء بعد خروجه عن اليد، بل لابدّ من النظر إلى مادلّ على حجّية هذه الشهادة على النحو الذي عرفت.
وثانياً: أ نّا لو سلّمنا رجوع الحجّية في كلٍّ من الموردين إلى كبرى واحدةٍ وهي: أنّ شهادة صاحب اليد حجّة في ما يرجع إلى ما في حوزته، ولكن حيث إنّ هذه الكبرى ثابتة بسيرة العقلاء ومرتكزاتهم فلا بُعدَ في أن يكون الارتكاز في بعض موارد تلك الكبرى مساعداً على بقاء الحجّية- حتّى بعد انتفاء اليد- دون بعضٍ آخر.
فبالنسبة إلى إخبار صاحب اليد بأنّ المال لزيدٍ إذا صدر منه هذا الإخبار والمال في حوزته فلا يوجد من قبله ما يناقضه فيكون حجّة، وأمّا إذا تصرّف المالك فوهبه لعمروٍ ثمّ أخبر بأنّ المال كان لزيدٍ فالشهادة هنا يوجد ما يناقضها من قبله، وهو ظهور تصرّفه السابق في نفي كون المال لزيد، فمن هنا يتّجه افتراض التفصيل، وعدم حجّية الإخبار المتأخّر بما هو شهادة، وإن كان حجّة بما هو إقرار، وبمقدار ما يقتضيه قانون الإقرار.
وهذا بخلاف الإخبار عن النجاسة فإنّه لا يوجد ما يناقضه من قبل صاحب اليد، سواء صدر منه حال فعلية اليد أو بعد انتفائها، فلا غروَ إذا افترضنا إطلاق الحجّية هنا.
نعم، لو كان قد صدر منه مايدلّ بظاهره- قولًا أو فعلًا- على الإخبار عن‏

91

صاحب اليد بذلك ينحلّ إلى إقرارٍ بأنّ المال ليس له، وشهادة بأ نّه لزيد، فإن بني على أنّ هذه الشهادة حجّة- كما بنى‏ عليه في المستمسك‏[1] زائداً على حجّية الإقرار- بملاك أ نّه صاحب يد أمكن إرجاع الحجّيّتين إلى كبرى واحدة، وتنظير إحداهما بالاخرى في السقوط بعد انتفاء اليد.

ولكن قد نبني على ما حقّقناه في محلّه‏[2] من: أنّ ثبوت كون المال لزيدٍ بإخبار صاحب اليد بذلك ليس من باب حجّية الشهادة، بل من باب التلفيق بين الإقرار واليد، حيث إنّ اليد لها مدلولان عرفيّان ثابتان بها شرعاً:

أحدهما: أنّ المال ليس لأحدٍ غير صاحب اليد.

والآخر: أنّ المال لصاحب اليد.

والمفاد الثاني يسقط بالإقرار الحاكم على اليد، وأمّا المفاد الأوّل فلا موجب لسقوطه بالنسبة إلى غير زيد فينفى‏ به مالكية غير زيد، وإنّما يسقط نفيه لمالكية زيد؛ لأنّ حجّية اليد مشروطة بعدم إخبار صاحبها على خلافها، وينتج بضمِّ الإقرار إلى اليد: أنّ المال ليس لصاحب اليد، وليس لأحدٍ آخر سوى زيد، فيتعيّن كونه لزيدٍ إمّا لحجّية الدلالة الالتزامية بهذا المقدار، أو لأنّه يدخل في كبرى الدعوى بلا معارض.

وعلى هذا الأساس إذا باع صاحب اليد ماله ثمّ أخبر بأ نّه كان لزيدٍ- مثلًا- يكون من الواضح عدم ثبوت ذلك بهذا الإخبار، إذ لا يمكن التلفيق المذكور حيث لا يوجد ما ينفي كون المشتري مالكاً؛ لأنّ اليد السابقة تؤكّد هذه الملكية في طول ملكية صاحب اليد ولا تنفيها، والإخبار اللاحق ليس حجةً في نفسه من باب‏

 

[1] مستمسك العروة الوثقى‏ 1: 208.

[2] راجع الجزء الثاني: 120.

90

الموضوع لهذه الحجّية، فما لم تكن اليد فعليةً لا يكون الخبر خبراً من صاحب اليد ليشمله دليل الحجّية.
وقد يكون بتقريب مقايسة المقام بإخبار صاحب اليد بعد بيعه للمال، بأ نّه كان لزيدٍ مثلًا، ففي كلٍّ من المقامين لا يقبل قول صاحب اليد الصادر منه بعد انتفاء اليد، ويقبل منه حالة وجود اليد؛ لأنّه يصدَّق في ما يرجع إلى ما تحت يده بالفعل من خصوصيات.
وقد يكون بتقريب مقايسة المقام بإقرار الشخص بما يكون مسلّطاً عليه من تصرّف، فكما أنّ إخبار الزوج بالرجوع السابق لا يقبل منه إذا وقع الإخبار بعد انتهاء العدّة كذلك إخبار صاحب اليد بالنجاسة بعد خروج الشي‏ء عن حيازته.
أمّا التقريب الأوّل فيرد عليه: أنّ هذا إنّما يناسب افتراض دليلٍ لفظيٍّ على حجّية خبر صاحب اليد بهذا العنوان، والجمود على حاقِّ مفاده، غير أنّ الصحيح:
ثبوت الحجّية المذكورة بدليلٍ لبّي، وهو السيرة العقلائية بنكتة الأخبرية، كما ذكرنا سابقاً، فلابدّ من الرجوع إلى مرتكزاتها ومدى سعتها، ولا ينبغي التشكيك في أ نّها ما دامت بنكتة الأخبرية فلا يفرق فيها بين بقاء اليد وارتفاعها، ما دام الخبر ناظراً إلى ظرف فعلية اليد.
وأمّا التقريب الثاني فهو مبنيّ على إرجاع الحجّية لكلٍّ من إخبار صاحب اليد على المال بأ نّه لزيد وإخباره بأ نّه نجس إلى كبرى واحدة، وهي حجّية الشهادة من صاحب اليد في ما يرجع إلى ما في يده من خصوصيّات، وحيث إنّ شهادته بأنّ المال لزيدٍ لا تقبل منه بعد إخراجه للمال من حوزته فيقال بأنّ شهادته بالنجاسة كذلك أيضاً.
ويرد عليه:
أوّلًا: ما ذكرناه في محلّه من: أنّ ثبوت كون المال لزيدٍ بإخبار