مقامان:
أمّا المقام الأوّل فتفصيله: أنّ المدرك إذا كان هو السيرة العقلائية فمرتكزاتها تأبى عن دخل البلوغ على نحو الموضوعية في الحجّية. نعم، قد يكون دخيلًا بوصفه طريقاً إلى إحراز النضج والرشد، ونحن نتكلّم الآن مع فرض إحراز ذلك في غير البالغ.
وإذا كان المدرك هو الأخبار، فلابدّ من ملاحظة دلالاتها اللفظية، ووجود الإطلاق في جملةٍ منها مشكل لو قطع النظر عن المناسبات العقلائية للحكم؛ لأنّ عنوان الرجل مأخوذ فيها: إمّا سؤالًا، وإمّا جواباً، وإمّا بحكم كون مورد الحجّية فرض صدور الإخبار من الراوي المخاطب وهو بالغ، فلا يمكن التعدّي إلى الصبيّ؛ لعدم صدق عنوان الرجل عليه، بل قد يشكل حينئذٍ الإطلاق للمرأة أيضاً.
نعم، هناك ما لا بأس بالتمسّك بإطلاقه لو تمّت دلالته، من قبيل ما ورد من قوله: «عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك»، فإنّ عنوان المشرك مطلق يشمل البالغ والصبيّ المشرك، ومزاولة الصبيان للبيع أمر معروف فلا ينصرف عنه الدليل.
وأمّا المقام الثاني فقد يستشهد للتقييد: تارةً برواية عبد الأعلى، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الحجامة أفيها وضوء؟ قال «لا، ولا تغسل مكانها؛ لأنّ الحجّام مؤتَمَن إذا كان ينظِّفه، ولم يكن صبيّاً صغيراً»[1].
واخرى بحديث رفع القلم عن الصبي[2].
[1] وسائل الشيعة 3: 499، الباب 56 من ابواب النجاسات، الحديث 1.
[2] وسائل الشيعة 1: 45، الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات، الحديث 11.