الوسواس أيضاً؛ لأنّه ابتلاء، فيثبت الردع، ولابدّ حينئذٍ من إرجاعه ثبوتاً إلى وجهٍ معقول.
وقد يجعل استشهاد الإمام عليه السلام بالرجل المبتلى في أنّ ما ابتلي به من الشيطان قرينةً على عدم الشمول لحالة القطع؛ لأنّ القاطع لا يرى شخص قطعه حين يجري عليه من الشيطان، وإلّا لزال، كما تقدّم.
ويندفع: بأنّ نفس الشيء يصدق في الشاكّ أيضاً، فإنّه لا يمكن أن يصدّق بأنّ شكّه بلا مبرّرٍ وللوسوسة، وإلّا لزال، والمقصود من الاستشهاد: الاستشهاد بلحاظ حالته النوعية، والوسواسيّ يمكن أن يعترف بحالةٍ نوعيةٍ من هذا القبيل.
كما أ نّه قد يجعل ظهور حال الإمام عليه السلام في أنّ الارتداع أمر عقلائي ينافي خلافه العقل قرينةً على الاختصاص بالشكّ؛ لأنّ الارتداع في فرض القطع مردّه إلى تقييد الشارع لموضوع حكمه، وهذا أمر شرعيّ لا سبيل لإحالته على الإدراك العقلائي. اللهمّ إلّاأن يقال: إنّ نكتة هذا التقييد لمّا كانت مركوزةً في الأذهان صحّت الإحالة المذكورة.
وينبغي أن يعلم بهذا الصدد: أنّ البناء على حجّية علم الوسواسيّ بالنسبة إليه لا يعني حجّيته بلحاظ الآخرين وشمول دليل الحجّية لشهادته؛ لأنّ دليل الحجّية موضوعه خبر الثقة، والوثاقة المعتبرة هي الوثاقة من حيث الصدق بمعنى التورّع عن الكذب، والوثاقة من حيث الحسّ والإدراك بمعنى عدم كونه كثير الغفلة والخطأ في معتقداته على نحوٍ غير متعارف، وهذا المعنى من الوثاقة غير موجودٍ في المقام. نعم، شهادة الوسواسيّ بالطهارة حجّة؛ لأنّ قطعه بذلك جارٍ حسب المتعارف، كما أشرنا سابقاً[1].
[1] تقدّم في الصفحة 113.