ولا يتوهّم التمسّك في المقام بأصالة عدم خطأ الشاهد، أو بأصالة الحسّيّة في شهادته عند الشكّ، فإنّ أصالة عدم الخطأ إنّما تجري بعد العلم بحسّيّة الشهادة، حيث إنّ الخطأ في الحسّيّات منفيّ عقلائياً، وفي المقام لا نحتمل الخطأ في الحسّ، وإنّما نحتمل كون المشهود به حسّاً ممّا لا أثر له عندنا شرعاً.
وأصالة الحسّية إنّما تجري في موردٍ يكون في معرض الإدراك الحسّيّ في نفسه، فتحمل الشهادة به على أ نّها شهادة حسّية به، وفي المقام الملاقاة مع شيءٍ معيّنٍ يراه الشاهد نجساً حسّية للبيّنة بلا إشكال، وكون ذلك منجّساً حدسيّ لها بلا إشكالٍ أيضاً، فلا ينفع أصل الحسّية في شيء.
بل يتّضح ممّا ذكرناه: أ نّه لو علم الاختلاف بيننا وبين البيّنة على نحو الشبهة الموضوعية لا الحكمية، بأن اطّلعنا على أ نّها تبنى على نجاسة ملابس الطفل، بتخيّل إصابة البول لها، ونحن نعلم بطهارتها واحتملنا أنّ شهادتها بنجاسة الإناء مستندة إلى ملاقاته لملابس الطفل فلا حجّية للشهادة أيضاً؛ لنفس النكتة السابقة، حيث إنّ مرجعها إلى أنّ شيئاً ممّا تراه البيّنة نجساً قد لاقى الإناء، وهذا عنوان قابل للانطباق على ملابس الطفل.
ولا مجال لأصالة عدم الخطأ هنا؛ للعلم بوقوع البيّنة في خطا باعتقادها لنجاسة تلك الملابس، وإنّما الشكّ في ابتناء الشهادة على ذلك الاعتقاد، وفي مثل ذلك لا تجري أصالة عدم الخطأ.
نعم، لو لم يعلم بخطا بعينه واحتمل أنّ البينة تبنى على نجاسة ملابس الطفل خطأً، وأنّ ذلك هو مستندها في الشهادة بنجاسة الإناء لم يضرّ هذا الاحتمال في الحجّية لإجراء أصالة عدم الخطأ، ولولا ذلك لانسدّ باب العمل بالشهادة، كما لا يخفى.