الخاصّة.
2- سبق السنّة تأريخياً إلى البحث الاصولي والتصنيف الموسَّع فيه، فقد أكسب هذا علم الاصول إطاراً سنّياً في نظر هؤلاء الثائرين عليه، فأخذوا ينظرون إليه بوصفه نتاجاً للمذهب السنّي. وقد عرفنا سابقاً[1] أنّ سبق الفقه السنّي تأريخياً إلى البحوث الاصولية لم ينشأ عن صلةٍ خاصّة بين علم الاصول والمذهب السنّي، بل هو مرتبط بمدى ابتعاد الفكر الفقهي عن عصر النصوص التي يؤمن بها، فإنّ السنّة يؤمنون بأنّ عصر النصوص انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه و آله. وبهذا وجدوا أنفسهم في أواخر القرن الثاني بعيدين عن عصر النصّ بالدرجة التي جعلتهم يفكّرون في وضع علم الاصول، بينما كان الشيعة وقتئذٍ يعيشون عصر النصّ الذي يمتدّ عندهم إلى الغيبة.
ونجد هذا المعنى بوضوحٍ ووعيٍ في نصٍّ للمحقّق الفقيه السيد محسن الأعرجي المتوفّى سنة (1227 ه)، إذ كتب في وسائله ردّاً على الأخباريّين يقول: «إنّ المخالفين لمّا احتاجوا إلى مراعاة هذه الامور قبل أن نحتاج إليها سبقوا إلى التدوين؛ لبعدهم عن عصر الصحابة، وإعراضهم عن أئمّة الهدى، وافتتحوا باباً عظيماً لاستنباط الأحكام، كثير المباحث، دقيق المسارب، جمّ التفاصيل، وهو القياس. فاضطرّوا إلى التدوين أشدّ ضرورة، ونحن مستغنون بأرباب الشريعة وأئمّة الهدى، نأخذ منهم الأحكام مشافهةً، ونعرف ما يريدون بديهةً، إلى أن وقعت الغيبة، وحيل بيننا وبين إمام العصر عليه السلام …، فاحتجنا إلى تلك المباحث، وأ لَّف فيها متقدِّمونا كابن الجنيد وابن أبي عقيل، وتلاهما من جاء بعدهما، كالسيّد والشيخين، وأبي الصلاح، وأبي المكارم، وابن إدريس،
[1] سبق تحت عنوان: التصنيف في علم الاصول