والمحقّق الحلّي[1] وغيرهم، فإنّهم جميعاً عرّفوا علم الاصول بأ نّه «علم أدلّة الفقه على وجه الإجمال» وحاولوا التعبير بذلك عن فكرة العناصر المشتركة.
ففي كتاب العدّة قال الشيخ الطوسي: «اصول الفقه هي أدلّة الفقه، فإذا تكلّمنا في هذه الأدلّة فقد نتكلّم فيما يقتضيه من إيجابٍ وندبٍ وإباحة، وغير ذلك من الأقسام على طريق الجملة، ولا يلزمنا عليها أن تكون الأدلّة الموصلة إلى فروع الفقه؛ لأنّ هذه الأدلّة أدلّة على تعيين المسائل، والكلام في الجملة غير الكلام في التفصيل»[2].
ومصطلح الإجمالية والتفصيلية يعبّر هنا عن العناصر المشتركة والعناصر الخاصّة.
ونستخلص ممّا تقدّم: أنّ ظهور علم الاصول والانتباه العلمي إلى العناصر المشتركة في عملية الاستنباط كان يتوقّف على وصول عملية الاستنباط إلى درجةٍ من الدقّة والاتّساع وتفتّح الفكر الفقهي وتعمّقه، ولهذا لم يكن من المصادفة أن يتأخّر ظهور علم الاصول تأريخياً عن ظهور علم الفقه والحديث، وأن ينشأ في أحضان هذا العلم بعد أن نَما التفكير الفقهي وترعرع بالدرجة التي سمحت بملاحظة العناصر المشتركة ودرسها بأساليب البحث العلمي، ولأجل ذلك كان من الطبيعي أيضاً أن تختمر فكرة العناصر المشتركة تدريجاً وتدقّ على مرّ الزمن؛ حتّى تكتسب صيغتها الصارمة وحدودها الصحيحة، وتتميّز عن بحوث الفقه وبحوث اصول الدين.
[1] معارج الاصول: 47
[2] عدّة الاصول 1: 7