تكشف عن وجود بذرة التفكير الاصولي عندهم، واتّجاههم إلى وضع القواعد العامة وتحديد العناصر المشتركة. ويعزّز ذلك: أنّ بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام أ لّفوا رسائل في بعض المسائل الاصولية، كهشام بن الحكم من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام الذي أ لّف رسالةً في الألفاظ[1].
وبالرغم من ذلك فإنّ فكرة العناصر المشتركة وأهمّية دورها في عمليات الاستنباط لم تكن بالوضوح والعمق الكافيَين في أول الأمر، وإنّما اتّضحت معالمها وتعمّقت بالتدريج خلال توسّع العمل الفقهي ونموّ عمليات الاستنباط، ولم تنفصل دراسة العناصر المشتركة بوصفها دراسةً علميةً مستقلّةً عن البحوث الفقهية وتصبح قائمةً بنفسها إلّابعد مضيِّ زمنٍ منذ ولادة البذور الاولى للتفكير الاصولي، فقد عاش البحث الاصولي ردحاً من الزمن ممتزجاً بالبحث الفقهي غير مستقلٍّ عنه في التصنيف والتدريس، وكان الفكر الاصولي خلال ذلك يثري ويزداد دوره وضوحاً وتحديداً، حتّى بلغ في ثرائه ووضوحه إلى الدرجة التي أتاحت له الانفصال عن علم الفقه.
ويبدو أنّ بحوث الاصول حتّى حين وصلت إلى مستوىً يؤهِّلها للاستقلال بقيت تتذبذب بين علم الفقه وعلم اصول الدين، حتّى أ نّها كانت أحياناً تُخلَط