ومدلول «لا تتطيّب» بوصفه صيغة نهيٍ هو الحرمة- كما تقدّم- فنعرف أنّ المشروط هو الوجوب أو الحرمة، أي الحكم الشرعي، ومعنى أنّ الحكم الشرعي مشروط بزوال الشمس أو بالإحرام للحجّ: أ نّه مرتبط بالزوال أو الإحرام ومقيّد بذلك، والمقيّد ينتفي إذا انتفى قيده.
وينتج عن ذلك: أنّ أداة الشرط تدلّ على انتفاء الحكم الشرعي في حالة انتفاء الشرط؛ لأنّ ذلك نتيجة طبيعية لدلالتها على تقييد الحكم الشرعي وجعله مشروطاً، فيدلّ قولنا: «إذا زالت الشمس فصلِّ» على عدم وجوب الصلاة قبل الزوال، ويدلّ قولنا: «إذا أحرمت للحجّ فلا تتطيّب» على عدم حرمة الطيب في حالة عدم الإحرام للحجّ، وبذلك تصبح الجملة الشرطية ذات مدلولين: أحدهما إيجابي، والآخر سلبي.
فالإيجابي هو ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط، أي أنّ الوجوب يثبت عند الزوال.
ومدلولها السلبي هو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط، أي عدم وجوب الصلاة قبل الزوال، وعدم حرمة الطيب في غير حالة الإحرام للحجّ.
ويسمّى المدلول الإيجابي «منطوقاً» للجملة، والمدلول السلبي «مفهوماً».
وكلّ جملة لها مثل هذا المدلول السلبي يقال في العرف الاصولي: إنّ هذه الجملة أو القضية ذات مفهوم.
وقد وضع بعض الاصوليين[1] قاعدةً عامةً لهذا المدلول السلبي في اللغة، فقال: إنّ كلَّ أداةٍ لغويةٍ تدلّ على تقييد الحكم وتحديده لها مدلول سلبي؛ إذ تدل
[1] كفاية الاصول: 246، وأجود التقريرات 1: 437، وفوائد الاصول 1- 2: 505، ودرر الفوائد 1- 2: 204