كان نوع الموضوع الذي يعالجه ذلك الدليل، ومثاله صيغة فعل الأمر، فإنّ بالإمكان استخدامها بالنسبة إلى أيِّ موضوع، فيقال تارةً: «أحسِن إلى الفقير»، واخرى «صَلِّ»، وثالثةً «ادفع الخطر عن الإسلام».
والعناصر الخاصّة في عملية الاستنباط: هي كلّ أداةٍ لغويةٍ لا تصلح للدخول إلّافي الدليل الذي يعالج موضوعاً معيّناً، ولا أثر لها في استنباط حكمِ موضوعٍ آخر، ككلمة «الإحسان» فإنّها لا يمكن أن تدخل في دليلٍ سوى الدليل الذي يشتمل على حكمٍ مرتبطٍ بالإحسان، ولا علاقة للأدلّة التي تشتمل على حكم الصلاة- مثلًا- بكلمة «الإحسان»، فلهذا كانت كلمة «الإحسان» عنصراً خاصّاً في عملية الاستنباط؛ لأنّها تختصّ باستنباط أحكام نفس الإحسان، ولا أثر لها في استنباط حكمِ موضوعٍ آخر.
وعلى هذا الأساس يدرس علم الاصول من اللغة القسم الأول من الأدوات اللغوية التي تعتبر عناصر مشتركةً في عملية الاستنباط، فيبحث عن مدلول صيغة فعل الأمر، وأنّها هل تدلّ على الوجوب، أو الاستحباب؟ ولا يبحث عن مدلول كلمة «الإحسان».
ويدخل في القسم الأول من الأدوات اللغوية أداة الشرط أيضاً؛ لأنّها تصلح للدخول في استنباط الحكم من أيِّ دليلٍ لفظيٍّ مهما كان نوع الموضوع الذي يتعلّق به، فنحن نستنبط من النصّ القائل: «إذا زالت الشمس وجبت الصلاة» أنّ وجوب الصلاة مرتبط بالزوال بدليل أداة الشرط، ونستنبط من النصّ القائل: «إذا هلَّ هلال شهر رمضان وجب الصوم» أنّ وجوب الصوم مرتبط بالهلال، ولأجل هذا يدرس علم الاصول أداة الشرط بوصفها عنصراً مشتركاً، ويبحث عن نوع الربط الذي تدلّ عليه ونتائجه في استنباط الحكم الشرعي.
وكذلك الحال في صيغة الجمع المعرَّف باللام؛ لأنّها أداة لغوية صالحة