بين المقرّرات الاصولية السابقة والواقع الفقهي، وهي البحوث التي يطلق عليها اليوم اسم بحوث المقدمات المفوّتة.
2- علم الكلام: فقد لعب دوراً مهمّاً في تموين الفكر الاصولي وإمداده، وبخاصّةٍ في العصر الأول والثاني؛ لأنّ الدراسات الكلامية كانت منتشرةً وذات نفوذٍ كبيرٍ على الذهنية العامة لعلماء المسلمين حين بدأ علم الاصول يشقّ طريقه الى الظهور، فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه.
ومثال ذلك: نظرية الحسن والقبح العقليّين، وهي النظرية الكلامية القائلة بأنّ العقل الإنساني يدرك بصورةٍ مستقلّةٍ عن النصّ الشرعي قبح بعض الأفعال، كالظلم والخيانة، وحسن بعضها، كالعدل والوفاء والأمانة، فإنّ هذه النظرية استخدمت اصولياً في العصر الثاني لحجّية الإجماع، أي أنّ العلماء إذا اتّفقوا على رأيٍ واحدٍ فهو الصواب، بدليل أ نّه لو كان خطأً لكان من القبيح عقلًا سكوت الإمام المعصوم عنه وعدم إظهاره للحقيقة، فقبح سكوت الإمام عن الخطأ هو الذي يضمن صواب الرأي المجمع عليه.
3- الفلسفة: وهي لم تصبح مصدراً لإلهام الفكر الاصولي في نطاقٍ واسعٍ إلّا في العصر الثالث تقريباً، نتيجةً لرواج البحث الفلسفي على الصعيد الشيعي بدلًا عن علم الكلام، وانتشار فلسفاتٍ كبيرةٍ ومجدّدة، كفلسفة صدر الدين الشيرازي المتوفّى سنة (1050 ه)، فإنّ ذلك أدّى إلى إقبال الفكر الاصولي في العصر الثالث على الاستمداد من الفلسفة واستلهامها أكثر من استلهام علم الكلام، وبخاصّةٍ التيار الفلسفي الذي أوجده صدر الدين الشيرازي. ومن أمثلة ذلك: ما لعبته مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية في مسائل اصوليةٍ متعدّدة، كمسألة اجتماع الأمر والنهي، ومسألة تعلّق الأوامر بالطبائع والأفراد، الأمر الذي لا يمكننا فعلًا توضيحه.