الثالث: عصر الكمال العلمي، وهو العصر الذي افتتحته في تأريخ العلم المدرسة الجديدة التي ظهرت في أواخر القرن الثاني عشر على يد الاستاذ الوحيد البهبهاني، وبدأت تبني للعلم عصره الثالث بما قدّمته من جهودٍ متضافرةٍ في الميدانين الاصولي والفقهي.
وقد تمثّلت تلك الجهود في أفكار وبحوث رائد المدرسة الاستاذ الوحيد وأقطاب مدرسته الذين واصلوا عمل الرائد حوالي نصف قرن، حتّى استكمل العصر الثالث خصائصه العامة ووصل إلى القِمّة.
ففي هذه المدّة تعاقبت أجيال ثلاثة من نوابغ هذه المدرسة:
ويتمثّل الجيل الأول في المحقّقين الكبار من تلامذة الاستاذ الوحيد، كالسيّد مهدي بحر العلوم المتوفّى سنة (1212 ه)، والشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفّى سنة (1227 ه)، والميرزا أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة [1231 ه]، والسيّد علي الطباطبائي المتوفّى سنة [1231 ه]، والشيخ أسد اللَّه التستري المتوفّى سنة (1234 ه).
ويتمثّل الجيل الثاني في النوابغ الذين تخرّجوا على بعض هؤلاء، كالشيخ محمد تقي بن عبد الرحيم المتوفّى سنة (1248 ه)، وشريف العلماء محمد شريف ابن حسن بن عليّ المتوفّى سنة (1245 ه)، والسيّد محسن الأعرجي المتوفّى سنة (1227 ه)، والمولى أحمد النراقي المتوفّى سنة (1245 ه)، والشيخ محمد حسن النجفي المتوفّى سنة (1266 ه)، وغيرهم.
وأمّا الجيل الثالث فعلى رأسه تلميذ شريف العلماء المحقّق الكبير الشيخ مرتضى الأنصاري، الذي ولد بُعَيد ظهور المدرسة الجديدة عام (1214 ه)، وعاصرها في مرحلته الدراسية وهي في أوج نموّها ونشاطها، وقدِّر له أن يرتفع بالعلم في عصره الثالث إلى القمّة التي كانت المدرسة الجديدة في طريقها اليها.