وفي عصر الخونساري كان المحقّق محمد بن الحسن الشيرواني- المتوفّى سنة 1098 ه- يكتب حاشيته على المعالم.
ونجد بعد ذلك بحثين اصوليين: أحدهما قام به جمال الدين بن الخونساري، إذ كتب تعليقاً على شرح المختصر للعضدي، وقد شهد له الشيخ الأنصاري في الرسائل[1] بالسبق إلى بعض الأفكار الاصولية. والآخر السيد صدر الدين القمّي الذي تلمّذ على جمال الدين، وكتب شرحاً لوافية التوني، ودرس عنده الاستاذ الوحيد البهبهاني، وتوفّي سنة [1165 ه].
والواقع أنّ الخونساري الكبير ومعاصره الشيرواني وابنه جمال الدين وتلميذ ولده صدر الدين- بالرغم من أنّهم عاشوا فترة زعزعة الحركة الأخبارية للبحث الاصولي وانتشار العمل في الأحاديث- كانوا عوامل رفعٍ للتفكير الاصولي، وقد مهّدوا ببحوثهم لظهور مدرسة الاستاذ الوحيد البهبهاني التي افتتحت عصراً جديداً في تأريخ العلم كما سوف نرى، وبهذا يمكن اعتبار تلك البحوث البذور الأساسية لظهور هذه المدرسة، والحلقة الأخيرة التي أكسبت الفكر العلمي في العصر الثاني الاستعداد للانتقال إلى عصرٍ ثالث.
انتصار علم الاصول وظهور مدرسةٍ جديدة:
وقد قدّر للاتّجاه الأخباري في القرن الثاني عشر أن يتّخذ من كربلاء نقطة ارتكازٍ له، وبهذا عاصر ولادة مدرسةٍ جديدةٍ في الفقه والاصول نشأت في كربلاء أيضاً على يد رائدها المجدّد الكبير محمد باقر البهبهاني المتوفّى سنة (1206 ه)، وقد نصبت هذه المدرسة الجديدة نفسها لمقاومة الحركة الأخبارية والانتصار لعلم
[1] فرائد الاصول 1: 400