فقسّم الماء المطلق إلى: الجاري، والنابع غير الجاري، والبئر، والمطر، والكرّ، والقليل.
وقد ذكر السيّد الاستاذ- دام ظلّه- في مقام الإشكال على هذا التقسيم: أ نّه ما دام الملحوظ في هذا التقسيم بيان أحكام هذه الأقسام- من حيث الاعتصام والانفعال- فلا بدّ من إضافة قسمٍ آخر إليه، وهو ماء الحمّام؛ لأنّه يتميّز بالاعتصام رغم كونه ماءً قليلًا[1].
والتحقيق: أ نّا إذا بنينا في ماء الحمّام على أنّ تقوّي السافل بالعالي على القاعدة- كما هو المختار- فماء الحمّام يدخل في الكرّ حقيقةً، ولا موجب لجعله قسماً برأسه. وإذا بنينا على أنّ هذا التقوّي ثابت بأخبار ماء الحمّام، بدعوى: أ نّها تتكفّل تنزيل مجموع السافل والعالي منزلة الماء الواحد، وإلغاء شرطية تساوي السطوح- كما ذكر السيّد الاستاذ في أخبار الحمّام[2]– فمعنى ذلك أن ملاك اعتصام ماء الحمّام هو الكرّية أيضاً، ولكن بعناية التعبد الشرعي، فهو مصداق لأحد الأقسام المعتصمة المذكورة في التقسيم، وهو الكر بعد فرض إعمال العناية في توسعته، فلا ضرورة لجعل ماء الحمّام قسيماً له.
هذا، مضافاً إلى أنّ الظاهر أ نّه ينبغي أن يكون المراد من أمثال هذا التقسيم: بيان أقسامٍ واقعيةٍ مستوعبةٍ للماء، استطراقاً إلى الحديث عن أحكامها، وتحقيق ما يناسب كلّ قسمٍ من الحكم بالانفعال، أو الاعتصام، أو التفصيل. وليس التقسيم بلحاظ تحديد موضوعات الأحكام ابتداءً، فحتّى لو فرض أنّ ماء الحمّام موضوع مستقلّ للاعتصام لا موجب لجعله قسماً.
[1] التنقيح 1: 13
[2] التنقيح 1: 279- 281. وراجع: 56، أيضاً