کتابخانه
26

فقسّم الماء المطلق إلى‏: الجاري، والنابع غير الجاري، والبئر، والمطر، والكرّ، والقليل.

وقد ذكر السيّد الاستاذ- دام ظلّه- في مقام الإشكال على‏ هذا التقسيم: أ نّه ما دام الملحوظ في هذا التقسيم بيان أحكام هذه الأقسام- من حيث الاعتصام والانفعال- فلا بدّ من إضافة قسمٍ آخر إليه، وهو ماء الحمّام؛ لأنّه يتميّز بالاعتصام رغم كونه ماءً قليلًا[1].

والتحقيق: أ نّا إذا بنينا في ماء الحمّام على‏ أنّ تقوّي السافل بالعالي على القاعدة- كما هو المختار- فماء الحمّام يدخل في الكرّ حقيقةً، ولا موجب لجعله قسماً برأسه. وإذا بنينا على‏ أنّ هذا التقوّي ثابت بأخبار ماء الحمّام، بدعوى‏: أ نّها تتكفّل تنزيل مجموع السافل والعالي منزلة الماء الواحد، وإلغاء شرطية تساوي السطوح- كما ذكر السيّد الاستاذ في أخبار الحمّام‏[2]– فمعنى‏ ذلك أن ملاك اعتصام ماء الحمّام هو الكرّية أيضاً، ولكن بعناية التعبد الشرعي، فهو مصداق لأحد الأقسام المعتصمة المذكورة في التقسيم، وهو الكر بعد فرض إعمال العناية في توسعته، فلا ضرورة لجعل ماء الحمّام قسيماً له.

هذا، مضافاً إلى‏ أنّ الظاهر أ نّه ينبغي أن يكون المراد من أمثال هذا التقسيم: بيان أقسامٍ واقعيةٍ مستوعبةٍ للماء، استطراقاً إلى الحديث عن أحكامها، وتحقيق ما يناسب كلّ قسمٍ من الحكم بالانفعال، أو الاعتصام، أو التفصيل. وليس التقسيم بلحاظ تحديد موضوعات الأحكام ابتداءً، فحتّى لو فرض أنّ ماء الحمّام موضوع مستقلّ للاعتصام لا موجب لجعله قسماً.

 

[1] التنقيح 1: 13

[2] التنقيح 1: 279- 281. وراجع: 56، أيضاً

25

والمطلق أقسام: الجاري، والنابع غير الجاري، والبئر، والمطر، والكرّ، والقليل (1).
————— غلطاً فالمفروض أنّ صحة الاستعمال المجازي كليةً لا تحتاج إلى وضع، وهذا استعمال مجازيّ فلا يحتاج تصحيحه إلى‏ وضع.
وإن اريد بهذا الوضع جعل الاستعمال مستغنياً عن القرينة وفي عرض المعنى الحقيقيّ الأوّل فهذا أيضاً غير صحيح؛ لأنّ الموضوع مقيّد بفرض وجود القرينة؛ لأنّ كلمة «الرمّان» هي القرينة في المقام وقد قيّدت بها كلمة الماء، فكيف يطلب من هذا الوضع الاستغناء عن القرينة، مع أ نّه مقيّد بوجودها؟
فالذي ينبغي أن يقال مستخلصاً من مجموع ما ذكرناه: إنّ لفظ «الماء» حقيقة في الماء المطلق، واستعماله في غيره مجاز، غير أنّ التجوّز: تارةً يكون‏بلحاظ المشابهة بين الإضافتين، واخرى يكون بلحاظ المشابهة بين الذاتين.
ففي الأوّل تكون الإضافة مقوّمةً لصحّة الاستعمال المجازيّ ثبوتاً. وفي الثاني تكون مجرّد قرينةٍ على‏ تفهيم المقصود إثباتاً. وما يقع الكلام في إسراء أحكام الماء المطلق إليه إنّما هو الماء المجازيّ بالنحو الثاني، لا الماء المجازيّ بالنحو الأوّل، والنسبة بين الماءين المجازيّين العموم من وجه.
***
(1) بعد أن قسّم الفقهاء الماء إلى‏ مطلقٍ ومضافٍ قسّموا المطلق بدوره إلى‏ أقسام: الجاري، والبئر، والمحقون، ثمّ قسّموا المحقون إلى‏: القليل، والكثير.
واعترض عليهم: بإهمال ماء المطر، مع أ نّه من أقسام الماء المطلق، وبإهمال الماء النابع الذي له مادّة وليس له عمق في الأرض. وقد تدارك المصنّف قدس سره ذلك،

24

المجرّد عليه مجازاً، مع أ نّه لا يطلق عليه الماء المضاف، فلا يقال: «ماء التراب»، ولا يشمل «ماء الذهب» مثلًا؛ لأنّه لا يصحّ إطلاق لفظ «الماء» المجرّد عليه- ولو مجازاً- بالرغم من كونه ماءً مضافاً، بمعنى صحة إطلاق لفظ «الماء» عليه مع الإضافة. فالنسبة بين الماء المقابل للماء المطلق الذي يقع الكلام فقهياً في‏شمول أحكام المطلق له وبين الماء المضاف هي العموم من وجه، وإضافة كلمة «الماء» إلى المصدر المأخوذ منه الشي‏ء هي في استعمالات الماء المضاف دخيلة في تتميم ملاك الاستعمال المجازيّ وتصحيحه ثبوتاً، وليست مجرّد قرينةٍعليه إثباتاً، كما هو الحال في كلمة «يرمي» في قولنا: «رأيت أسداً يرمي».

وأمّا الوجه الثالث وحاصله: أنّ إطلاق لفظ «الماء» على‏ ماء الرمّان: إن كان بلا إضافةٍ إلى الرمّان فهو مجاز، وإذا كان معها فهو إطلاق حقيقي، لأنّ كلمة «الماء» بما هي مضافة تدلّ حقيقةً على‏ ماء الرمّان، فإن اريد بهذا دعوى كبرى كلّيةٍ في باب المجاز والحقيقة- وهي أنّ كلّ لفظٍ له وضع لمعناه المجازيّ، ولكنّه وضع نوعيّ، وبذلك يختلف عن المعنى الحقيقي- فالكلام في ذلك كبروياً موكول إلى‏ بحث تصوير الحقيقة والمجاز كلّيّةً، وقد حقّقنا في علم الاصول: عدم احتياج المجاز إلى الأوضاع النوعية[1].

وإن اريد بيان مطلبٍ يختصّ بالمقام- بعد الاعتراف بأنّ التجوّز كليةً لا يحتاج إلى الوضع- فيرد عليه: أنّ هذا لا يستقيم على المباني المشهورة في باب الوضع، إذ يكون وضع كلمة «الماء» المضافة إلى الرمّان بما هي مضافة لماءالرمّان لغواً لأنّه إن اريد بهذا الوضع تصحيح الاستعمال وإخراجه عن كونه‏

 

[1] بحوث في علم الاصول 1: 122

23

وبهذا ظهر أنّ الماء المجازيّ له مِلاكان، ولكلٍّ منهما مركز غير مركز الآخر، والنسبة بينهما هي العموم من وجه. فأحد المِلاكين هو المشابهة القائمة بين النسبتين والإضافتين، وتكون إضافة كلمة «الماء» إلى المعتصر منه والمأخوذ منه مصحِّحةً للاستعمال المجازيّ ثبوتاً، لا أ نّها مجرّد قرينة كاشفة إثباتاً. والملاك الآخر هو المشابهة بين الذاتين، من دون أن يكون للإضافة دخل في تتميم هذه‏المشابهة، وإنّما هي مجرّد قرينةٍ على المقصود. ويجتمع المِلاكان في مثل «ماء الرمّان» و «ماء الورد»، ويفترق الملاك الأوّل في مثل «ماء الذهب» و «ماء الوجه»، ويفترق الملاك الثاني في مثل الماء المخلوط بمقدارٍ من التراب.
وكلّ ما نطلق عليه اسم الماء المضاف ونستعمل لفظ «الماء» فيه مضافاً إلى‏ مصدره المأخوذ منه فهو جارٍ وفق الملاك الأوّل، وكلّ ما يصحّ أن نطلق عليه لفظ «الماء» المجرّد عن الإضافة على‏ سبيل التجوّز فهو جارٍ وفق الملاك الثاني، وماكان جارياً وفق الملاك الأوّل كثيراً ما لا يصحّ إطلاق اسم الماء المجرّد عليه ولو على‏ سبيل التجوّز، فضلًا عن أن يكون إطلاقاً حقيقياً.
وعلى‏ هذا الأساس نعرف أنّ المقصود من الماء المضاف، الذي يقع الكلام‏فقهياً في شمول بعض أحكام الماء المطلق له وعدم الشمول ليس ما يصحّ إطلاق لفظ «الماء» عليه مع الإضافة، إذ قد يصحّ إطلاق لفظ «الماء» مع الإضافة على‏ شي‏ءٍ مع عدم وجود أيّ مشابهةٍ نفسيةٍ بينه وبين الماء المطلق، ومثل هذا لا معنى للتكلّم عن إسراء أحكام الماء المطلق إليه. بل المقصود من قسيم الماء المطلق الذي يقع الكلام فيه فقهياً: ما يصحّ إطلاق لفظ «الماء» مجازاً عليه بلا إضافة، بحيث تكون الإضافة مجرّد قرينةٍ على المعنى المجازي، لا مقوّمةً لملاك التجوّز، فيشمل الماء المخلوط بالتراب، فإنّه يصحّ إطلاق لفظ «الماء»

22

فهو من قبيل استعمال قلب البلد وإرادة الصحن به.
وكلمة «الرمّان» أو «الذهب» ليست مجرّد قرينةٍ على التجوّز في مقام التفهيم ككلمة «يرمي»، بل هي مقوِّمة للملاك المصحِّح للتجوّز في هذه الاستعمالات، وهو المشابهة بين الإضافتين والنسبتين، فبدون ذكر المضاف إليه لا يكون محطّ المشابهة ملحوظاً.
وأمّا المشابهة بين ذات الشيئين فهذا كثيراً ما لا يكون متحقّقاً، كما في ماءالذهب، وماء الفضة، وماء الوجه، ونحو ذلك، ولهذا نجد أنّ استعمال كلمة «الماء» بدون إضافته إلى الذهب أو الفضّة أو الوجه وإرادة ماء الذهب وماء الفضّة وماء الوجه منها ليس استعمالًا صحيحاً أصلًا ولو نصب المستعمل قرينةً على‏ مراده؛ لأنّ المشابهة قائمة بين الإضافتين، لا بين الذاتين.
نعم، في بعض أقسام المياه المضافة- زائداً على المشابهة القائمة بين الإضافتين- توجد مشابهة اخرى‏ قائمة بنفس الذات بلا إضافة، من قبيل ماءالرمّان، فيصحّ عرفاً إطلاق لفظ «الماء» عليه بلا قيدٍ على سبيل التجوّز، فيقال عنه: «ماء» بلحاظ المشابهة في المَيَعان والصفات بينه وبين الماء المطلق، بينما لا يصحّ- ولو مجازاً- إطلاق لفظ «الماء» من دون لحاظ الإضافة على‏ ماانحصرت المشابهة فيه بالمشابهة في الإضافة.
كما أ نّه بالنسبة إلى‏ بعض أقسام الماء المجازيّ قد يكون التجوّز بلحاظ المشابهة في نفسه، بحيث يكون مركزها نفس الذات، لا الإضافة، فلا تصحّ فيه الإضافة؛ وذلك كما في الماء المخلوط بمقدارٍ من التراب بحيث يخرجه عن صدق اسم الماء المطلق عليه، فإنّه لا يصح أن يقال له: «ماء التراب» وإن كان إطلاق لفظ «الماء» عليه مجازاً صحيحاً بدون إضافة؛ لأنّ المشابهة المصحِّحة للتجوّز هنا بين الذاتين، لا بين الإضافتين.

21

نسبته إلى‏ البلد كنسبة القلب إلى‏ بدن الإنسان، فالمشابهة هنا بين النسبتين، لا بين ذات المعنيين المضافين بما هما معنيان اسميّان قائمان بأنفسهما.
فبهذا نعرف أنّ المجازية تحتاج دائماً إلى المشابهة التي هي المصحِّح الثبوتيّ للتجوّز، وهذه المشابهة: تارةً تكون قائمةً بمعنىً نفسيٍّ بحدّ ذاته، واخرى تكون قائمةً بالإضافة، فنحتاج في مقام تصحيح الاستعمال المجازيّ إلى الإضافة، فالإضافة في قولنا: «قلب البلد» ليس من قبيل كلمة «يرمي» في قولنا: «أسد يرمي»، فإنّ كلمة «يرمي» ليست مقوّمةً لصحة الاستعمال المجازيّ لكلمة «أسد» في الرجل الشجاع، بل هي قرينة على التجوّز في مقام التفهيم، فلولم تكن هذه الكلمة واستُعمل لفظ «الأسد» في الرجل الشجاع بدونها لكان استعمالًا مجازياً صحيحاً، غاية الأمر أنّ المتكلّم لم يفهم مقصوده.
وأمّا لو استعملت كلمة «القلب» في الصحن دون أن تلحظ الإضافة كان استعمالًا غير صحيح؛ لأنّ المصحِّح للاستعمال المجازيّ هو المشابهة، والمشابهة قائمة بالإضافة، فما لم تلحظ إضافة الصحن إلى البلد، لا توجد مشابهة مصحِّحة للاستعمال المجازي.
فإذا استطعنا أن نفرِّق بين هذين النحوين من المجازية نقول: إنّ كلَّ مانطلق عليه اسم الماء المضاف فهو مجاز بالنحو الثاني، بمعنى أ نّه واجد لملاك النحو الثاني من التجوّز، وهو المشابهة بين الإضافتين. وقد يكون إضافةً إلى‏ ذلك واجداً لملاك النحو الأوّل من التجوّز، وهو المشابهة بين ذات الشيئين، وقد لا يكون واجداً لملاك النحو الأوّل أصلًا، ففي قولنا: «ماء الرمّان» و «ماءالذهب» و «ماء الوجه» و «ماء الورد» يكون استعمال لفظ «الماء» مجازياً على أساس المشابهة بين إضافتين، فماء الرمّان أو ماء الذهب يعني شيئاً نسبته إلى الرمّان أو إلى الذهب من حيث إنّ له ذوباناً، كنسبة ماء العين إلى العين،

20

مجازاً يكون مقوّم المجازية هو المشابهة التي تصحِّح الاستعمال المجازيّ ثبوتاً، وهذه المشابهة: تارةً تكون قائمةً بين المعنى الحقيقيّ للّفظ ومعنىً آخر مستقلٍّ في نفسه، من قبيل أن نستعمل كلمة «القلب» في الصورة المرسومة على الورقة، باعتبار وجود مشابهةٍ بين هذه الصورة وقلب الإنسان، وهذا الاستعمال يكون صحيحاً، سواء اقيمت قرينة على‏ ذلك أوْ لا، فإنّ صحّة الاستعمال المجازيّ متقوّمة بالمشابهة، وهي موجودة في المقام، فلا يستهجن هذا الاستعمال، غاية الأمر أ نّه في صورة عدم قيام القرينة لا يفهم المطلب لمن لا يكون ملتفتاً إلى‏ النكات؛ لأنه يُجري أصالة الحقيقة، ويتخيّل أنّ اللفظ استُعمل في معناه الحقيقي، ولكنّ الإفهام وعدم الإفهام شي‏ء وكون الاستعمال المجازيّ في نفسه صحيحاً شي‏ء آخر. هذا نحو من المجاز.
واخرى يكون التجوّز بصورةٍ اخرى، إذ قد نفرض أ نّنا نستعمل كلمة «القلب» مجازاً في شي‏ءٍ لو خُلّينا نحن وهو، فلا مشابهة بينه وبين قلب الإنسان أصلًا، وإنّما المشابهة باعتبار الإضافة، كما نقول مثلًا: «الصحن الشريف هو قلب النجف الأشرف» فنحن إذا لاحظنا الصحن الشريف بما هو لا نجد أيّ مشابهةٍ بينه وبين قلب الإنسان، كتلك التي كنّا نجدها بين قلب الإنسان والصورة المرسومة له على الورق، ففي هذه الحالة لو أردنا أن نستعمل كلمة «القلب» في الصحن الشريف من دون إضافةٍ كان الاستعمال غلطاً، ولا يكون صحيحاً، لا حقيقةً ولا مجازاً؛ لعدم المشابهة بينهما، وإنّما يُصبح الاستعمال بهذه الصورة صحيحاً إذا استعملت كلمة «القلب» مضافةً إلى‏ كلمة «البلد»، فيقال مثلًا: «الصحن قلب البلد» فحينئذٍ يكون هذا الاستعمال استعمالًا مجازياً صحيحاً.
والنكتة في ذلك: هي أنّ المشابهة هنا قائمة بالإضافة، لا بذات المضاف بما هو، ففي قولنا: «الصحن قلب البلد» استعملنا كلمة «القلب» في شي‏ءٍ تكون‏

19

ويحتاج استعمال اللفظ فيه إلى‏ نصب قرينة.
والوجه الثالث كأ نّه متوسّط بين الوجهين، وهو: أنّ لفظة «الماء» حقيقة في كلٍّ من المطلق والمضاف، لا أ نّه مجاز في المضاف كما هو الحال على الوجه الثاني، ولكنّها لا تكون حقيقةً في كلٍّ منهما بلا قيدٍ كما هو على الوجه الأوّل، بل هي بلا قيدٍ موضوعة للمطلق، ومع قيد الرمّان- مثلًا- موضوعة للمقيّد.
وكلّ هذه الوجوه محلّ نظرٍ في المقام:
أمّا الوجه الأوّل فيرد عليه: أنّ صحة التقسيم متفرّعة على أنّ المعنى الذي استعمل فيه لفظ المقسم من جملة التقسيم عامّ، وليست متفرّعةً على عموم المعنى الموضوع له. وكون المعنى المستعمل فيه اللفظ عامّاً أحياناً لا يثبت عموم المعنى الموضوع له؛ لأنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة.
وتصوير معنىً جامعٍ يستعمل فيه لفظ «الماء» عند تقسيمه إلى المطلق والمضاف لا ينافي كون أحدهما حقيقياً والآخر مجازياً، إذ يمكن أن يتمّ ذلك:
إمّا بتقريب انتزاع عنوانٍ جامعٍ في طول المعنى الحقيقيّ والمعنى المجازي، كعنوان ما يطلق عليه اللفظ، ويقسم إلى المطلق والمضاف. وإمّا بتقريب أن يكون الجامع معنىً مجازياً في عرض المعنى المجازيّ الذي يراد تقسيم الجامع إليه، بأن يؤخذ عنوان «المائع» مثلًا، لكن لا بعرضه العريض، بل بنحوٍ من التضييق، فنستعمل لفظة «الماء» في طبيعيّ المائع المحدّد، ويقسم إلى المطلق والمضاف.
وأمّا الوجه الثاني الذي ذهب إليه المشهور فحاصله كما عرفنا: أنّ لفظ «الماء» له معنيان: حقيقيّ وهو الماء المطلق، ومجازيّ وهو الماء المضاف، وفي استعمال لفظ «الماء» في الماء المضاف نحتاج إلى‏ ذكر المضاف إليه ليكون قرينةً على الاستعمال المجازي. وهذا الكلام بحاجةٍ إلى‏ تدقيقٍ وتوسيع.
وتوضيح ذلك: أ نّه في باب استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له‏

18

موارد على‏ عمومية المعنى بصحة التقسيم، فقد استدلّ بصحة تقسيم الأمر إلى الوجوب والاستحباب على‏ أ نّه موضوع للأعمّ، واستدلّ الأعمّيّ في بحث الصحيح والأعمّ بصحة تقسيم الصلاة إلى الصحيحة والفاسدة على‏ وضعها للأعمّ ..، وهكذا.

وفي مقابل ذلك ذهب المشهور إلى‏ أنّ لفظ «الماء» موضوع لخصوص المطلق، وأنّ إطلاقه على الماء المضاف مجاز، ولهذا يحتاج في مقام استعماله في الماء المضاف إلى‏ قرينة، وهي إضافة الماء إلى‏ ما يبيّن المقصود، ففي قولنا:

«ماءالرمّان» تكون كلمة «الرمّان» هي القرينة على التجوّز، ككلمة «يرمي» بالنسبة إلى «الأسد».

وهناك وجه ثالث يتراءى من بعض كلمات السيّد الاستاذ دام ظلّه‏[1]، وحاصله: هو أنّ كلمة «ماء الرمّان»- مثلًا- هي بنفسها موضوعة لهذه الحصّة من‏المائع المعتصر من حبّات الرمّان، فاستعمال كلمة «الماء» في قولنا:

«ماءالرمّان» في هذا المائع المعتصر يكون استعمالًا حقيقياً؛ لأنّها موضوعة له، غاية الأمر أ نّها موضوعة على وجه التقييد. فالفرق بين المضاف والمطلق- مع أنّ لفظة «الماء» موضوعة لكلٍّ منهما- هو أنّ لفظة «الماء» بلا قيدٍ موضوعة للمطلق، ومع قيد الرمّان موضوعة لهذا المائع المخصوص. فهذه وجوه ثلاثة:

يتلخّص أوّلها في تخيّل دلالة التقسيم، على أنّ لفظ «الماء» موضوع للمعنى الجامع بين المضاف والمطلق، بحيث يكون إطلاق لفظ «الماء» على المضاف حقيقياً.

ويتلخّص ثانيها في أنّ المطلق معنىً حقيقي، والمضاف معنى مجازي،

 

[1] التنقيح 1: 11

dot-icondot-icondot-icondot-icondot-icon